«جنيف 2» يدخل في «السياسة» وسط خلاف على الأولويات
>وفد الأسد يقدم ورقة مبادئ تركز على «الإرهاب»... ووفد «الائتلاف» يتمسك بالهيئة الانتقالية
دخل مؤتمر «جنيف 2» الخاص بسورية أمس في المسألة السياسية الحساسة التي تعتبر لب الأزمة التي تعيشها سورية منذ 3 سنوات، وفي حين لم يحقق المؤتمر بعد أي نتائج ملموسة في المواضيع الإنسانية لا يبدو أن أي اختراق سياسي قد يحصل في القريب مع تمسك كل طرف بأولوياته.
رفع الموفد الدولي إلى سورية الأخضر الابراهيمي أمس جلسة التفاوض المشتركة بين وفدي النظام السوري والمعارضة في جنيف، اثر خلافات بين الطرفين حول اولوية البحث مع مطالبة نظام الرئيس بشار الأسد بالتركيز على مكافحة "الارهاب"، وتشديد المعارضة على البحث في "هيئة الحكم الانتقالي"، الا أن الوفدين المفاوضين أكدا انهما باقيان في جنيف لاستكمال المفاوضات.وبدأت الجلسة أمس في قصر الامم المتحدة في جنيف، وذلك للبحث في الشق السياسي، بعد يومين من النقاش في قضايا انسانية، وقال مصدر مقرب من وفد الأسد إن "وفد الجمهورية العربية السورية قدم ورقة عمل تتضمن المبادئ الاساسية لإنقاذ سورية الدولة والشعب مما تتعرض له من إرهاب تكفيري"، وأضاف: "ما إن انتهى الوفد السوري من تقديم هذه الورقة حتى رفضها وفد الائتلاف الذي طلب الحديث فقط عن هيئة انتقالية"، وتضمنت الورقة خمسة بنود أبرزها "سيادة واستقلال سورية والحفاظ على مؤسسات الدولة (...) والطلب من الدول التي تمول وتسلح وتدرب المجموعات الإرهابية التوقف فورا عن ممارساتها"، بحسب المصدر.
«الائتلاف»من جهتها، قالت العضو في وفد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ريما فليحان إن "المفاوضات لم تكن بناءة بسبب منطق وفد النظام الذي حاول تغيير مسار الجلسة"، وأضافت: "كان من المقرر أن تبحث الجلسة في تنفيذ بيان جنيف1 وتشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات، وحاول وفد النظام تغيير المسار الى مناقشة الإرهاب"، مشيرة إلى أن الوفد المعارض "اصر على اننا هنا من أجل تنفيذ بيان جنيف 1 وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي".وينص "بيان جنيف 1" الذي تم التوصل اليه نهاية يونيو 2012 على تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية، من دون التطرق الى مصير الأسد، وأفاد مصدر في وفد المعارضة انه من المقرر أن يقوم خبراء سياسيون وفي القانون الدولي شاركوا في صياغة "بيان جنيف 1"، بشرح مضمونه للوفدين السوريين المشاركين في "جنيف 2".حمصوخلال مفاوضات اليومين الماضيين، بحث الجانبان في موضوع ادخال مساعدات إلى الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة في حمص القديمة (وسط) وتحاصرها القوات النظامية منذ أكثر من عام، إضافة الى مصير آلاف المعتقلين والمفقودين منذ بدء النزاع.وحصل الإبراهيمي على وعد من النظام السوري بالسماح للنساء والأطفال المحاصرين منذ أشهر في وسط حمص، بمغادرة المدينة.وقال الإبراهيمي في مؤتمر صحافي أمس الأول: "الحكومة السورية أبلغتنا أن النساء والأطفال يستطيعون المغادرة فورا"، مضيفاً: "هناك أمل أنه اعتبارا من الغد (الاثنين)، يستطيع النساء والأطفال مغادرة حمص القديمة".ولاحقاً، قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد: "كنت معنيا مباشرة في العامين الاخيرين بعملية اخراج النساء والاطفال. لكن المجموعات المسلحة منعتنا ولم تسمح لأي شخص بأن يغادر". وقال ناشطون أمس إن نحو 200 امرأة وطفل، أي ما يمثل نحو نصف النساء والأطفال في أحياء حمص القديمة، مستعدون لمغادرة هذه المناطق، مشيرين الى أن عددا كبيرا منهم يرفضون ترك أزواجهن بمفردهم. وأكد الناشطون أن أي مساعدات لم تدخل الى حمص القديمة، كما أن أيا من النساء أو الأطفال لم يغادروها.وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس انه لم يتم اتخاذ "أي إجراء بعد" من قبل الحكومة السورية لتسهيل وصول القوافل الانسانية الى حمص (وسط) او للسماح للنساء والاطفال بمغادرة المدينة. وقال روبرت مارديني رئيس العمليات في الشرق الاوسط لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "حتى ظهر اليوم (الاثنين) لم يتخذ أي إجراء ملموس للقيام بأي عملية من هذا النوع في احياء حمص القديمة".وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، يوجد نحو ثلاثة آلاف شخص في الاحياء المحاصرة في حمص. وتشهد أطراف هذه الاحياء معارك بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، وسط قصف شبه يومي يطاولها.وتعاني هذه الأحياء نقصا حادا في الاغذية والمواد الطبية، ما يجعل استمرار الحياة فيها تحديا يوميا.المعتقلونكما بحث الوفدان في قضية عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين في ثاني يوم من جلسات التفاوض، وقال الوفد المعارض انه قدم قائمة بأسماء 2300 امرأة وطفل، آملا ان يتم "الافراج عنهم فورا". ولا توجد إحصاءات دقيقة عن اعداد المعتقلين والمفقودين منذ بدء النزاع في سورية منتصف مارس 2011، ويقدر المرصد السوري لحقوق الانسان وجود 17 ألف مفقود مجهولي المصير، اضافة الى "عشرات آلاف" المعتقلين في سجون النظام، وآلاف الاسرى لدى المجموعات المقاتلة على الارض، بينها تنظيمات جهادية.غارات إسرائيليةفي غضون ذلك، أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن طائرات من سلاح الجو الإسرائيلي أغارت مساء أمس الأول على أهداف للجيش السوري في مدينة اللاذقية، شمال غربي البلاد. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن "مصادر في المعارضة السورية"، قولها إن "طائرات إسرائيلية أغارت ليل الأحد/ الاثنين، على منصات لإطلاق صواريخ إس 300، الروسية الصنع، في مدينة اللاذقية"، مشيرة إلى دوي انفجار شديد في حي الشيخ ضاهر، تردد صداه في مختلف مناطق المدينة.وأفاد مصدر كبير "الجريدة" بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو طلب في اجتماع استثنائي مع قيادة الاركان ووزير الدفاع، وضع حد لتسريب الأخبار عن قصف إسرائيل للمواقع السورية، خصوصاً بعد أن تلقى نتنياهو اتصالا غاضباً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اعتبر أن الغارات الإسرائيلية، في حال ثبت حصولها، عملية تخريبية للعلاقات الإسرائيلية - الروسية.ولفت المصدر إلى أن الصواريخ الروسية التي قيل إنها استُهدِفت وصلت إلى اللاذقية قبل يومين أو ثلاثة على أبعد تقدير.