شيء جميل أن يفتخر الكويتي ببلده وتراثه ويجتهد في إبراز مواهبه وأمنياته في مناسبات عزيزة ومنها العيد الوطني وعيد التحرير، ومن مظاهر احتفالاتنا التي استقطبت الشباب بشكل لافت مهرجان «كويتي وأفتخر» الذي يحيي هذه الأيام السنة السابعة على التوالي.

Ad

وقد أشدت العام الماضي بمثل هذه الاحتفالية الجميلة وحماس أبنائنا وبناتنا في إظهار بعض جوانب حياتهم عبر الشخصيات التراثية والأعمال الفلوكلورية وفنون الطبخ التي سيطر عليها «البوب كيك»، وإن لم يكن من التراث الكويتي!

وحتى لا يتحول مشروع كويتي وأفتخر إلى مجرد معرض تسويقي لبيع الإكسسوارات والعطورات والمأكولات السريعة على أنغام الرقصات الشعبية، ينبغي أن نطور مفهوم الافتخار الكويتي وتطبيقاته، ونرفع من خلاله سقف الطموح والقدرة على الإبداع والنظر إلى أعماق المستقبل الذي أبدع العقل البشري في التحليق به إلى مستوى الخيال القابل للتطبيق.

وعلى الرغم من أجواء الإحباط والكدر التي تهيمن على أوضاعنا العامة، وطغيان الأخبار السيئة والفضائح المالية وفشل المشاريع الحكومية التي طبّلت لها ليل ونهار، إلا أن هناك من شبابنا ممن لم تنطفئ في داخلهم شمعة الأمل والتفاؤل فأطلقوا العنان لخيالهم الواسع في ابتكار مشاريع تستحق أن تنال لقب «كويتي وأفتخر».

ومن أمثال هؤلاء المخترعين الكويتيين الذين حصدوا الجوائز العالمية في ابتكارات من شأنها خدمة البشرية قاطبة، أذكر جملة مما رأيت منها شخصياً، كمشروع المدرج الآمن للطيران المدني، وفكرة تحكم السيارات تلقائياً بالأجهزة النقالة أثناء السير، ومحطات الإسعاف على الطرق الرئيسية والسريعة، والمركبات المزودة بالتقنيات الحديثة، وأجهزة الإنذار والتنبيه للمعاقين، والتصاميم الهندسية المذهلة لتحويل منطقة الصباح الصحية إلى مدينة طبية عملاقة، ومشروع إحياء جزيرة فيلكا، وأخيراً مشروع كويت المستقبل الذي أعده الدكتور خالد عاشور.

هذا المشروع تحديداً يتكون من 10 مدن عملاقة تطل على واجهات بحرية بعرض 10 كيلومترات محاطة بغابات طبيعية ممتدة على طول الحدود البرية لدولة الكويت، وتغطي احتياجات السكن لخمسين سنة قادمة على أقل تقدير، في تحفة معمارية تسرح بك إلى عالم الخيال العلمي والبشري، إضافة إلى تخصص كل مدينة بحد ذاتها في مشروع تنموي جبار كالمدينة الصناعية، والمدينة التجارية، ومدينة الخدمات العامة، وأخرى كمركز مالي واقتصادي، مع تشغيل خطوط النقل والمواصلات والري بينها من مصادر الطاقة الوطنية المتجددة والنظيفة كالطاقة المائية والشمسية والرياح، والأهم من ذلك كله عدم تحميل المال العام أي كلفة بل وإشراك جميع المواطنين في المساهمة فيها.

نأمل أن تستوعب مهرجانات «كويتي وأفتخر» مثل هذه المشاريع والابتكارات التي تتدفق منها روح الأمل وحب الوطن، لتكون قدوة للمسؤولين العاجزين عن القيام بمهامهم، وإذا أردت أن تعرف كيف تبنى الأوطان فلتلقِ بنظرة على مدينة «بوتراجايا» الماليزية، وهي العاصمة الإدارية الجديدة التي بدأ العمل بها في عام 2004، أي السنة التي وضع فيها حجر الأساس لمستشفى جابر واستاذ جابر الرياضي، وبعد عشر سنوات فإن التجربتين تذهلان العقول، حيث مدينة بوتراجايا تطير بعقلك إلى عالم الجمال والخيال والإبداع، بينما مشاريعنا تطيّر ما تبقى من عقلك عبر عالم الفساد والنهب والإحباط، وتغير شعارنا في الأعياد الوطنية إلى «كويتي... وبأنفجر»!