أكد الخطيب الشيخ سالم الطويل أن «الخطبة دينية لا سياسية، نعم لها علاقة بالشأن السياسي، لكن أمام صاحب الشأن، فالخطيب يفترض فيه مخاطبة المصلين في الأمور التي تهمهم، لكن في أمور لا تهمهم ولا يعتبرون أصحاب شأن فيها، فإن ذلك غير ممكن، لأنهم ليسوا أصحاب شأن أو قرار».

Ad

تجاوز الحدود

وأضاف يفترض في الخطيب تناول القضايا حسب الحضور الذي أمامه، فلكل مقام مقال، لأن المنبر أمانة، مشيراً إلى أن «هناك بعض الخطباء تجاوز الحدود لعدم المقدرة على تحضير خطبة أو مادة علمية، فتجد الخطيب يروج لكلام يحدث في وسائل الإعلام أو نشرات الأخبار أو الصحف أو يروج كلاما يدور في الدواوين، ويبحث عن موضوع ساخن يتحدث عنه، وهذا لا يجوز»، مبينا أن «الخطيب غير ملزم بقراءة الخطبة التي ترسلها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لكن عليه الاستعانة بها، وإذا وجدها جيدة فمن الممكن أن يقرأها أو يستفيد منها».

مآرب خاصة

وتابع، أما عن تناول الأوضاع السياسية الداخلية أو الخارجية، فأعتقد أن ذلك يعود حسب هذه الأوضاع، ما إذا كانت تهم المصلين الذين أمامك أم لا، فإذا كانت تهمهم ويستطيعون تغيير شيء فيها بلا بأس، لكن إذا لم يكونوا يستطيعون تغيير أي شيء أو لا يحلون مشكلة، فلا فائدة منها، لافتاً إلى أن هناك من يثير قضية جمع التبرعات داخل المساجد، وينزل من المنبر ويفرش «غترته» لجمع التبرعات، مطبقاً بذلك المثل القائل «رقّق قلوبهم وخذ ما في جيوبهم»، بهدف أخذ أكبر قدر من الأموال التي قد تصل وقد لا تصل، مؤكداً أن بعض الخطباء يستخدم المنبر لمآرب ومصالح يقصدها».

تعسّف الميثاق

وأضاف أن ميثاق المسجد فيه نوع من التعسف، مثل عدم تجاوز الخطبة مدة 20 دقيقة، فتجد من تمت إحالته إلى التحقيق بسبب زيادة دقيقة أو دقيقتين، «لذا فنحن نرى أن ميثاق المسجد هو الكتاب والسُّنة، لأن الحالي المعمول به الآن هو لإيقاف من خالفهم، واستمرار من وافقهم الرأي»، موضحاً أن من تدخل في وضع الميثاق الحالي هو لخدمة بعض الأحزاب، لاسيما أنه اتخذه آلة فقط.

وحول الحدود التي يجب ألا يتجاوزها الخطيب، قال الطويل، إن «الخطيب ملزم بعدم الاعتداء والتطاول على الآخرين، وعدم تناول البدع والكلام الباطل، والدعاية الانتخابية الأغراض الحزبية والشخصية، وهذا لا يجوز، كما يجب تناول المسائل الشرعية من جانب واضح».

أمور العقيدة

من جانبه، أكد أستاذ الفقه في كلية الشريعة بجامعة الكويت الدكتور حمد الهاجري، أن «خطبة الجمعة ليست للسياسة، وإنما لتوضيح أمور العقيدة ومسائل الشريعة ومكارم الأخلاق والوعظ والإرشاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». وقال «لا أرى أن يلتزم الخطيب بخطبة الوزارة، وإنما يستأنس بها ويفيد منها، ويترك الأمر له إن رآها مناسبة فليخطب بها، وإلا يخطب بغيرها»، مبيناً أن «الأصل أن الخطبة لتوضيح أمور العقيدة ومسائل الشريعة ومكارم الأخلاق والوعظ والإرشاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن دون تسمية الشخص المنصوح، وإن كان هناك جهاد توافرت فيه شروطه وضوابطه الصحيحة، حثّ عليه ودعا إليه، ولا يتدخل الخطيب في ما لا يعنيه أو لا فائدة منه من أمور السياسة وغيرها».

أهلية الخطيب

وأشار إلى أن «الخطيب الذي وجدت فيه الأهلية للخطابة له أن يخرج عن الموضوع في ما يراه مناسباً، أو فيه منفعة للناس»، منوها إلى أنه يفترض على الخطيب ألا يتكلم في ما لا فائدة منه، أو يتعرض للأشخاص بأسمائهم، أو يستغلها لمصالح دنيوية أو انتخابية، أو لتهييج الشعب على ولاة الأمور المسلمين وإن كانوا فساقاً».

دينية توجيهية

بدوره، قال الوكيل المساعد لقطاع شؤون المساجد بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وليد الشعيب، إن «الأصل في الخطبة أنها دينية توجيهية- اجتماعية، لكن ذلك لا يعني منع التطرق إلى القضايا الاجتماعية التي تهم الوطن والمواطن، وكذلك المناسبات الدينية أو الاجتماعية، مثل الاختبارات في المدارس أو قضايا المرور وغير ذلك التي تطلبها منا وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة».

وأضاف «على الخطيب أن يلتزم بميثاق المسجد ولا يخرج عليه، وعليه ألا يمس الأشخاص، أو رؤساء الدول أو التطرق إلى القضايا السياسية»، مبيناً أن «ميثاق المسجد لا علاقة له بالأحزاب، فالحديث عن أن ميثاق المسجد وضع لخدمة بعض الأحزاب غير صحيح جملة وتفصيلاً، لاسيما أن عملنا عمل دولة، ومن وضع الميثاق مستشارون متخصصون، والدليل أنه لا توجد مادة واحدة تميل إلى أي حزب كان»، لافتاً إلى أن «تغيير الميثاق مطروح لكنه لم يبحث بشكل جدي، لأننا كوزارة ارتضينا هذا الميثاق ونراه مناسبا للجميع».

وعن مدى التزام الخطباء بالخطبة بعد إعادة العمل بتسجيل الخطب، قال الشعيب «أولا يجب أن يعلم الجميع أن إيقاف أي خطيب يرتكب مخالفة هو حق من حقوق الوزارة، ويجب ألا يتم الاعتراض على هذا الإجراء أو يستنكره أحد، لأنه صدر بعد دراسة من الجهات المعنية، وإذا لم يلتزم بما تم الاتفاق عليه فأمر طبيعي أن يتم إيقافه، لأن المنابر ليست ساحة للصراعات، فمنبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يجب احترامه، ويجب عدم التعرض أو مهاجمة أي دولة، فنحن لن نقبل بذلك، ولا يقبله ميثاق المسجد أيضاً».

حماية المجتمع

وتابع ان «الوزارة ملزمة باتخاذ إجراءات وقف أي خطيب يخالف ميثاق المسجد، وذلك لحماية المنبر والمسجد والمجتمع»، مؤكداً أن «حرية الخطابة متاحة لكل خطيب، ولا نلزمه بأية خطبة أبداً، لكن يجب عليه ألا يتجاوز الأمور المحظورة، وله كل الاحترام والتقدير»، مشيراً إلى أن «هناك خطيبا واحدا فقط رفض تسجيل الخطبة وتم إيقافه بسبب عناده، لكن الجميع ملتزم بهذا الإجراء ووافق عليه، وهناك بعض الخطباء لم ترد تسجيلاتهم لأمور فنية، وهذا أمر وارد، لكن ذلك لا يعني أن عملية تسجيل الخطبة ستقف حائلا أمام الخطيب، لأن عملية التسجيل هي حماية للخطباء بالدرجة الأولى، خصوصا عندما يتقدم أحد بشكوى إلى الوزارة يتهم أحد الخطباء، وهذا حصل كثيراً، إذ يتقدم البعض بشكوى ضد هذا الخطيب أو ذاك، ويكون التسجيل هو الفيصل في الموضوع، حيث يتبين مدى مصداقية صاحب الشكوى من عدمها، وفي حال عدم وجود تسجيل لا يمكن اتخاذ أي إجراء ضد الخطيب لعدم وجود دليل مادي يدينه».

ميثاق شرف

وزاد، «العملية ليست تحجيماً للخطباء، بل إننا منحناهم الحرية الكاملة في إلقاء الخطبة، شريطة الالتزام بميثاق المسجد الذي نعتبره ميثاق شرف»، موضحاً أن «تناول القضايا الخلافية أو السياسية وغيرها من تلك التي تتعارض مع ميثاق المسجد يستطيع قولها الخطيب في أي موقع آخر، سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو في الصحافة أو أي مكان آخر، لكن غير مسموح بطرحها على المنبر، لأنها في هذه الحالة تعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء، التي من الممكن أن تتسبب في خلق مشكلات داخل المجتمع الواحد وتقسيم أبنائه، فنحن نرفض هذه الممارسات، كما ينبذها أيضاً ديننا الإسلامي الحنيف».

الدين شامل

من جهته، قال رئيس نقابة الخطباء والأئمة والمؤذنين الكويتية أحمد الفلاح إن «خطبة الجمعة خطبة وعظية، بمعنى هي عبارة عن نصح عام في معاني الدين ومنها السياسة لأن الدين شامل»، موضحا أن «الخطيب غير ملزم بخطبة الجمعة التي ترسلها الوزارة، إلا إذا طلب منه ذلك وعليه أن يحسن التصرف، خصوصا أن الخطبة تتناول كل شيء في إطار التوجيه الإسلامي دون مساس أو تجريح».

وأضاف الفلاح أن «خروج الخطيب عن موضوع الخطبة إذا كان حسب الضوابط الشرعية فلا حرج في ذلك، ولا يعتبر خروجاً على ميثاق المسجد»، لافتا إلى أن «حدود الخطبة المقبولة شرعاً وقانوناً هي عدم الإطالة، وعدم التجريح بما يخالف آداب الإسلام، والحرص على الإفادة والنصح الصادق».

عزوف الشباب

واعتبر الفلاح «ما تتخذه الوزارة من توقيف للخطباء أحيانا عبر التلفون دون إبداء أسباب أو تحقيق، وكذلك عدم احترام بعض الناس للخطيب أو الإمام، إضافة إلى الهجوم على الخطباء والأئمة من قبل بعض الكتاب، كلها أسباب أدت إلى عزوف الشباب عن العمل في الخطابة والإمامة، وكذلك دفعت نحو تسرب عدد من الأئمة والخطباء من هذه الوظيفة».

حقوق الخطباء

وقال الفلاح إن «النقابة تؤيد تسجيل الخطب مادامت تحفظ حقوق الخطباء، ومادام ذلك يتم بصورة قانونية ويطبق بسواسية على جميع المساجد ودور العبادة بلا استثناء لأي مسجد أو منبر»، مبيناً أن «النقابة لها دور مساند ومكمل لما تقوم به الوزارة، ولا يوجد هناك أي دور تنافسي معها».

وأشار إلى أن «تسجيل الخطب يحفظ حقوق الخطباء والأئمة، كي لا يتم اتهامهم بشيء لم يقولوه، لكننا نرفض أي تعسف في التعامل مع الخطباء والأئمة، إذ من الممكن أن يأتي أحد المتنفذين، ومن خلال قوة اتصالاته مع المسؤولين يتكلم ضد الخطيب ويتم ايقافه دون إجراء تحقيق».

وظيفة الأنبياء

وتابع ان «وظيفة الإمام والخطيب هي وظيفة الأنبياء ومن أقوى الوظائف والمراتب في المجتمع، لهذا يجب أن يكون لهم التقدير في المجتمع والأمة، فالخطباء لا يبحثون عن الزيادة أو الراتب ولكن همهم تبليغ الرسالة من خلال هذه المهنة، ولهذا يجب ألا يكون هناك قصور في التعامل معهم».