هل تسقط الصين في فخ الجهاد؟
يرى خبراء أن الطريقة الفضلى لمعالجة تداعيات تفجير ساحة تيانانمين في العاصمة بكين هي توسيع الحكم الذاتي في زينجيانغ بحيث يتحقق ذلك أولاً عبر رفع القيود التي وضعت على الممارسات الدينية، وضمان قيام اليوغور بدور أكبر في حكم زينجيانغ.
انضمت العاصمة الصينية بكين أخيراً إلى قائمة عواصم العالم البارزة على رأس نشرات الأخبار ووكالات الأنباء العالمية، وهو تميز لا تحسد عليه، ومثل واشنطن ولندن ومدريد قبلها، فقد تعرضت تلك المدينة، بحسب تقارير رسمية صينية، لهجوم إرهابي في القرن الحادي والعشرين.قرب الظهيرة من يوم الاثنين قبل الماضي انطلقت سيارة رباعية رياضية، قيل إنها كانت تقل 3 أشخاص من إقليم زينجيانغ النائي في غرب الصين، نحو مجموعات من السائحين في ساحة "تيانانمين" (السلام السماوي) ذات الحراسة المشددة في الصين، وانفجرت وتحولت إلى كتلة نيران أودت بحياة خمسة أشخاص. وتقول الشرطة إن العقل المدبر وراء ذلك الهجوم جماعة من "اليوغور"، وهي أقلية مسلمة تتحدث اللغة التركية اندلعت احتجاجاتها ضد قيود مارستها الحكومة الصينية على لغتها وثقافتها.
أثار هجوم ساحة "تيانانمين" الذي حدث قبيل أسبوع من اجتماع بالغ الأهمية لكبار مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني في مؤتمرهم الثالث، حفيظة الحكومة المركزية في بكين. وتقوم الشرطة بمراقبة الباعة من اليوغور في المدينة وتقول إنها عثرت على "راية جهاد" في سيارة المشتبه فيهم.لكن رغم خطورة ودموية الهجوم يقول خبراء إن مبالغة بكين في ردة فعلها سوف تكون أسوأ خطأ تقدم عليه، ويقول باري سوتمان وهو خبير في شؤون السياسات الإثنية الصينية في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتقنية، إن "الحكومة الصينية سوف تحسن صنعاً إذا لم يتملكها الذعر وتظن أن تصعيد مستوى القمع هو الوسيلة الأفضل للتعامل مع أحداث من هذا النوع. والطريقة الأفضل من أجل معالجة الوضع هي توسيع الحكم الذاتي في زينجيانغ بحيث يتحقق ذلك أولاً عبر رفع القيود التي وضعت على الممارسات الدينية، وضمان قيام اليوغور بدور أكبر في حكم زينجيانغ".Benjamjn Carlsonكانت التوترات في إقليم زينجيانغ تصاعدت بشدة خلال السنة الماضية التي حفلت بأحداث عنف متعددة بين اليوغور والشرطة المحلية، ورغم ذلك يقول خبراء إن هذه الحركة الانفصالية تظل صغيرة ومعزولة، وقد قوضت العلاقات الودية الصينية المتزايدة مع جارات الصين في آسيا الوسطى الدعم الحكومي الخارجي المحتمل لاستقلال يوغور؛ حتى الوقت الراهن رفض الجهاديون العالميون دعم قضية يوغور. ويقول تشانغ تشين بينغ من جامعة لينغنان في هونغ كونغ "نحن لا نتحدث عن شيء مثل انتفاضة، ويرى مسلمون آخرون في استقلال اليوغور قضية انفصالية... والانفصاليون جادون إلى درجة تدفعهم إلى قتل الناس- خصوصاً من رجال الجيش أو الشرطة- لكن هل هم أقوياء بما يكفي لإثارة ثورة من نوع ما؟ أو التشبث بمنطقة؟ لا".كانت ريبيا قدير، وهي سيدة أعمال متنفذة وناشطة من اليوغور وتتخذ من واشنطن مقراً لها، قد أكدت أكثر من مرة أنه "لا يوجد قطعاً تهديد إرهابي منظم" في زينيجانغ، وهو الإقليم الذي يطلق النشطاء عليه اسم تركستان الشرقية.وهكذا فإن الخطر يتمثل بأن زيادة القيود على اليوغور سوف تفضي فقط إلى تعميق الاستياء والنزعة الراديكالية، وفي وقت سابق من الشهر الماضي تم اعتقال أكثر من 100 شخص في زينجيانغ بتهمة الدعوة إلى الجهاد أون لاين.وهكذا فإن العلاقات بين أكثرية الصينيين الذين يتحدرون من عرق الهان وأقلية اليوغور وصلت إلى حدود متدنية خطرة، ويجادل اليوغور في تعرضهم للتمييز في الميادين الاقتصادية والحكومية بسبب الظلم وأحكام مسبقة تصفهم بالتعصب، وأنهم غير جديرين بالثقة. وبدورها تعتقد الأغلبية من أصول الهان أن اليوغور يمثلون الشريحة المستفيدة من السياسات الإثنية غير العادلة التي تفضل الأقليات في دخول الجامعات. وفي مدن إقليم زينجيانغ يتسم الاختلاط بين المجموعتين بالضآلة، وهما تعيشان في أحياء منفصلة بصورة غير رسمية.الوقت وحده سوف يحدد كيف سترد بكين بشكل رسمي على حادث يوم الاثنين قبل الماضي، بيد أن هناك قدراً ضئيلاً من الشك في أنها سوف تقوم في الأجل القصير بتعقيد الأمور بشدة أمام اليوغور في الصين وذلك بغض النظر عن دوافع المهاجمين.ويقول سوتمان "أظن أن التأثير الرئيسي سوف يتمثل بأن الحياة ستصبح أكثر صعوبة بالنسبة إلى اليوغور، وهذا ما يتجلى من خلال عدم توقف سائقي سيارات الأجرة لنقل أشخاص يشبهون اليوغور في شكلهم. كما أن أصحاب الفنادق يرفضون استقبال اليوغور الذين يريدون الإقامة في فنادقهم، وقد يكون من الأكثر صعوبة الآن بالنسبة إلى اليوغور الحصول على عمل في شركات في مناطق أغلبية الهان في الصين؛ ولذلك أنا لن أستغرب إذا كان تأثير هذه الحال في النهاية أسوأ بالنسبة إلى اليوغور بقدر يفوق أي شخص آخر".