الطريق إلى الحور العين

نشر في 12-11-2013
آخر تحديث 12-11-2013 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي شهدت السنوات الأخيرة انتشاراً غير مسبوق لجماعات مسلحة أُطلق عليها نعوت كثيرة ومختلفة وأسماء للأسف ارتبط معظمها بالإسلام، وقد اختلفت تلك الجماعات فيما بينها، ولكنها اتفقت على أن هدفها الأسمى الفوز بالجنة والحور العين العرب الأتراب المقصورات في الخيام، وذلك عن طريق الجهاد ومحاربة الكفار وأئمة الكفر ومخالفي الشريعة، ولكن ماذا لو تقاتلت هذه الفصائل فيما بينها كما يحدث بين فترة وأخرى، فمن هو الشهيد من هذه الفصائل الذي سيفوز بالجنة والحور العين دون غيره من المجاهدين؟

ثم ما نوع هذا الجهاد الذي يقتل فيه المسلم أخاه المسلم بكل أسلحة الهلاك وفنون القتل، ويتم ذلك مع صيحات النداء الخالد "الله أكبر" وتنطلق الصواريخ والقذائف ويتساقط العشرات بل والمئات من النساء والأطفال والشيوخ، وتبدأ سلسلة المآسي من أم ثكلى قرحت مقلتيها دموعٌ حارة على فلذة كبدها، ثم أب ابيضَّت عيناه من كثرة البكاء على فقيده، وأيتام فقدوا عائلهم فهاموا في طرق الحياة، وزوجة ترملت وهي في ريعان الصبا، ثم أخ فقد عضيده في الدنيا... و... و. ونسأل من قام بذلك "الجهاد" أو القتل ماذا ستقول لرب العزة عندما يركع كل هؤلاء أمام الرحمن لبث شكواهم واحتساب الأجر بفقيدهم والدعاء عليك باللعنة والقصاص، ترى هل ستقول إنك قتلتهم في سبيل الله وطلب رضاه والفوز بالجنة والحور العين؟

أي ثواب ترجو بعد أن نزعت روحاً أودعها الخالق من روحه أمانة في عبده مصداقاً لقوله تعالى "فنفخت فيه من روحي" وفي تعارض تام مع حديث الرسول الكريم "والله لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً لأهون عند الله من هدر دم مسلم"، فما بالك بدم آلاف المسلمين، لماذا تقبل أن تكون خنجراً لقتل إخوان لنا؟ لماذا ارتضيت أن تكون أداة لتنفيذ أجندات من يريد بنا شراً؟

ثم هناك إيمان واتفاق بين هذه المجموعات والفصائل المقاتلة بالزهد بالحياة ومباهجها احتساباً للثواب عند الله والفوز بالجنة والحور العين، ونتساءل أليس هناك طرق أخرى للفوز بالجنة والحور العين غير القتل والتدمير والتفجير؟ لماذا لا نستبدل مبدأ الموت في سبيل الله بمبدأ الحياة في سبيل الله، وذلك باستخدام هذه المليارات التي تنفق لشراء الأسلحة والعتاد والصواريخ، لبناء مدن إسكانية تؤوي من لا مأوى له وتطعم الجوعان وتكسو العريان؟ ما أروع أن تنفق تلك الأموال لمواجهة المجاعة التي تعصف ببعض الدول ومنها الإسلامية.

ثم لماذا الجحود بنعم الخالق التي لا تعد ولا تحصى التي تستحق الحمد والشكر مصداقاً لقوله تعالى "ولئن شكرتم لأزيدنكم"، وقوله سبحانه "فأما بنعمة ربك فحدث"؟

ويأتي على سنام هذه النعم، نعمة الإسلام دين المحبة والسلام، إيماناً بالله يقر بالقلب، وعلماً ينفع الخلق فالله "يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"، لم يأمرنا أن نلبس الخيش ونسكن الجبال مطاردين نتخفى بالظلام ونغطي وجوهنا باللثام، ثم إن كان هناك زهد في الحياة ومباهجها فلماذا التكالب للوصول إلى الحكم؟

دعاؤنا إلى الله أن يعم السلام منطقتنا العربية والإسلامية.

ودعاؤنا دائماً من القلب إلى العلي القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

سباق مع... السلحفاة

تابعت منذ أيام في قناة "العربية" الفضائية فيلماً وثائقياً بعنوان "وسائل النقل" وتطورها ابتداءً من السيارات إلى القطارات السريعة وصولاً إلى الطائرات العملاقة التي تشابه الفنادق الطائرة وبسرعة تقارب سرعة الصوت، كما شيدت الطرق والجسور الخيالية في التصميم.

والواقع أني شعرت بضآلة عالمنا العربي والإسلامي في عالم يسابق الزمن بسرعة آلاف الكيلومترات في الساعة ونحن في سباق مع السلحفاة... ترى لماذا غدونا في نهاية الركب؟

back to top