«الحرس الثوري» يصيب العراقيين بالدّوار: نعم للمالكي أم لا؟!
تركيا ترسل «حمائم السُّنة» إلى البرلمان... وصقورهم باقون تحت السلاح
على الرغم من أن "زلزال داعش" يشجع العراقيين على الاحتماء بالطائفة والحرص على تماسكها، فإن أسباب الانقسام تكبر وتتفاقم داخل كل فئة، وتفتح الباب على وساطات غير اعتيادية، وغير منسجمة بالضرورة.فالانقسام الشيعي تجري معالجته عبر محورين، هناك التدخل الأميركي المعلن بعناصر كوماندوس وطائرات ومستشارين لـ"البنتاغون" يساهمون في حماية بغداد، جعلت حتى الفصائل الشيعية المتشددة صامتة عن تدخّل واشنطن الميداني، لأول مرة منذ سقوط صدام حسين. وإلى جانبه، التدخل الإيراني نصف المعلن، بمعان سياسية وعسكرية. وإذا كان دور أميركا واضحاً نسبياً، فإن دور الحرس الثوري الإيراني المكلف بملف العراق، لم يكن واضحاً لا في الماضي ولا في هذه اللحظة.
وتقول طهران للنجف وللأحزاب الشيعية إنها تتفهم الرغبة في تغيير فريق السلطة وتنحية نوري المالكي رئيس الحكومة المنتهية ولايته، وإن وساطتها ستنجح في ذلك، لكنها تطلب "بعض الوقت وشيئاً من الصبر" بسبب الانهيار العسكري ومتطلباته.لكن قادة شيعة وغير شيعة، يتساءلون: ومن أين للمالكي أن يتمادى كل يوم في التصعيد مع الداخل والخارج، لولا ضوء إيراني أخضر يسمح له باتخاذ أغرب الخطوات، ولاسيما في ما يتصل بموقف غير مسبوق من إربيل، حيث منع دخول أو خروج رحلات الشحن الجوي من مطارات إقليم كردستان، ووجّه ضربة رهيبة للاستثمارات الواعدة هناك، في قطاعي النفط والإنشاءات؟.الأكراد بدورهم منقسمون، بين حزب رئيس الإقليم مسعود البرزاني، الذي فضّل اعتماد أكثر الخطابات تشنجاً، رغم محاولته التخفيف والتراجع أحياناً، وبين حزب رئيس الجمهورية جلال الطالباني الذي يفضل التهدئة. فالأول يحظى بتنسيق كبير مع الأتراك، والثاني قريب تاريخياً من إيران، وكلاهما يتردد على القنصل الأميركي في إربيل لاستكشاف المواقف. وبينهما صراع على من سيخلف طالباني رئيساً لجمهورية العراق، التي لم تعد تعني للأكراد سوى محطة قلقة لا أحد يعرف ما سيكون حالها حتى نهاية هذا الصيف. والأمر يسبب حرجاً كبيراً للشيعة المعارضين للمالكي، والذين وجدوا في الأكراد دوماً، طرفاً متعقلاً يسند اعتراضهم ويوازن "القبّان" المختل، وعلى سبيل المثال، فإن أحمد الجلبي الزعيم الشيعي المعروف، أثنى في تصريحات نادرة، على جهود البرزاني، وذكر أنه كان يحذّر بغداد من انهيار وشيك في الموصل، لكنه طالب البرزاني في الوقت نفسه، بمساعدة أصدقائه وتخفيف المواقف، بخاصة حين يكون الحديث عن مستقبل العراق وتقسيمه، كي تجري المحافظة على الحد الأدنى من ممكنات تسوية سياسية، يريد كثيرون الرهان عليها لمنع وقوع اقتتال أهلي شامل سيفوق ما يجري منذ شهر، حدة وخسارة.أما البرزاني فيقول كل يوم إنه مع تهدئة شاملة ومستعد للحوار، ويشترك مع الجميع في القلق، إلا أن ذلك يحتاج إلى ضمانات على رأسها سحب ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة، كمبادرة حسن نية تثبت إمكانية حصول إصلاح سياسي، يتلافى أخطاء بغداد مع الأكراد ومع العرب السنّة كذلك.ويبقى الانقسام السني هو الأكثر تأثيراً، فلا أحزاب تاريخية نافذة وقوية تضبط إيقاعه، كما في النموذج الكردي، ولا مرجعية دينية وعوائل روحية تخفف من وطأته كما في النموذج الشيعي.ومع وصول تسريبات عن نية الرياض أن تتدخل لبناء تفاهم الحد الأدنى بطلب من واشنطن، فإن من غير الواضح كيف ستتسق أفكار المملكة العربية السعودية مع خطط تركيا التي تتدخل بالفعل ومن منظور مختلف، في ترتيب البيت السني.المعادلة التي ترعاها تركيا الآن، تتلخص بإعادة الاعتبار لدور الحزب الإسلامي العراقي "إخوان العراق"، وإقناع عائلة رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي وبقية القوميين والعلمانيين، بأن دورهم "سيبقى محفوظاً"، وأن للتهدئة مع إيران ثمناً، لكن هذا لن يحل مشكلة أن مجيء الحمائم "إخوان العراق" إلى رئاسة البرلمان بتوافق ترعاه أنقرة، لن يرضي صقور السنة الذين يحملون السلاح، والموزعين بين عشرات الفصائل مع "داعش" وحواليها وضدها.