ثم تشرق الشمس (7)

نشر في 05-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 05-07-2014 | 00:01
بعدما عرض المخرج كمال بركات على رشدي أباظة أداء دور البطولة في فيلم «المليونيرة الصغيرة»، تركه وهو على وعد بتلقي الرد منه في صباح اليوم التالي، لكنه كان قد ألقى بتعويذته على عقل بطله الجديد‏، ‏وكأن سحراً قد مسه. جلس شارد الذهن، غاب عن الواقع، كأنه طفل ولد في التو واللحظة، راح ينظر إلى السماء، ليقرأ شريط حياته ومستقبله، يبتسم تارة وتتسع ابتسامته، وأخرى يكفهر فيها وجهه، كأنما شاهد ما لا يرضيه.
 جلس كل من عادل أدهم وعلي رضا ينظران إلى صديقهما في دهشة، وقد وجدا في عينيه نظرة قلق وتردد، فراحا يضحكان من سخرية القدر، من ينقب عن فرصة، ولو مجرد دور صغير حتى لو لم يكن ناطقاً، لا يجدها، ومن يرفض السينما ولا يفكر فيها، تأتيه فرصة على طبق من ذهب، ليس مجرد دور صغير في فيلم، بل بطولة، ويتردد في قبولها!

ضحك الثلاثة من سخرية القدر، ثم راح عادل وعلي، يقنعانه بقبول الفرصة التي قدمها له المخرج كمال بركات، لكنه كان بحاجة إلى أن يجلس مع نفسه أولا.

جلس رشدي أكثر من ساعتين، يحاول أن يفسر الحلم الذي رآه مستيقظاً، غير أنه لم يستطع أن يصل إلى قرار، ولم يجد أمامه سوى والدته، التي لم يبعد منزلها سوى خطوات عن «حديقة غروبي» فتوجه إليها، وحكى لها ما حدث بينه وبين بركات‏:

* إيه... سينما... انت؟

- أيوا يا ماما أمال أنا بحكي في إيه؟

* أيوا أيوا فاهمة. أنا قصدي يعني تبقى نجم سيما زي كلارك جيبل وجاري جرانت وميكي روني، ويوسف بيه وهبي وأنور وجدي؟!

- هوووووه... يا ماما. أنا بقولك مجرد دور عرضه عليّ المخرج دا. ويا عالم هانفع ولا لأ تقوللي كلارك جيبل ويوسف وهبي!

* لا هاتنفع يا رشدي. أنا واثقة أنك هاتنجح. انت شاب وسيم وجذاب وروحك حلوة وكلك رجولة.

- ماما. أنا مش بقولك رايح أخطب علشان تقوللي حلو وجذاب... أنا بسألك أنفع في السينما ولا لأ؟

* عارفة عارفة... ماهي دي مواصفات نجوم السينما. كمان دي المواصفات اللي بتعجب كل الستات في نجوم السينما.

- وهو جمهور السينما ستات بس؟

* لأ طبعاً. بس هم الأساس. هم اللي بيخلوا الرجالة يروحوا السينما.

- ما علينا دا موضوع سابق لأوانه. أنا دلوقت عندي مشكلة كبيرة هي الأهم.

* مشكلة إيه تاني؟

- بابا. بابا مش بس هايسمح لي أشتغل ممثل. دا مش هايسمح لي أتكلم في الموضوع دا من الأساس.

* ومين هايقول لبابا؟

- ماما... دي سينما. يعني قلت ماقلتش. الدنيا كلها هاتعرف. والخبر هايوصله... وبعدين انت ناسيه اسم العيلة. وكمان بابا بيشتغل إيه... ضابط بوليس... يعني لو الخبر ماوصلش لحد عنده هايوصل له هو بمنتهى السهولة.

* أنا واثقة انك هاتشرف العيلة. وإن كان على بابا تكون خلصت الفيلم وبقى قدام الأمر الواقع. صحيح ممكن يزعل شوية... لكن كلمتين حلوين ينسى كل حاجة. أنا أعرف بابا أكتر منك.

- تعرفي بابا أكتر مني إزاي؟ دا انت كل اللي قعدتيهم معاه تلات شهور... لكن أنا قعدت معاه عمري كله.

* صحيح أنا قعدت معاه تلات شهور... لكن أعرفه أكتر من أي حد في الدنيا.

اللقاء الأول

في السادسة من بعد ظهر اليوم التالي، كان رشدي أباظة في مكتب المخرج كمال بركات. رغم أنه اقتنع بكلام والدته، فإنه لم يكن قد حسم أمره. جلس صامتاً متردداً، حتى دخلت بطلة الفيلم فاتن حمامة، فسارع بركات بتقديم رشدي إليها باعتباره البطل الذي سيشاركها البطولة.

مد رشدي يده ليصافحها، غير أن عيناه كانتا قد سبقتا يده وصافحتا عينيها، لتزيل لديه كل تردد. سارع بتوقيع العقد، الذي نص على أن يتقاضى رشدي مئة وخمسين جنيهاً، أجره في الفيلم.

قام المخرج كمال بركات بتدريبات كثيرة مع رشدي أباظة بمفرده، بعيداً عن أبطال الفيلم، فلم يكن قد سبق له الوقوف أمام الكاميرا، على عكس بطلة الفيلم فاتن حمامة، التي بدأت كممثلة في التاسعة من عمرها، عندما اختارها المخرج محمد كريم، بعد فوزها بمسابقة ملكة جمال الأطفال، لتقف أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب في فيلم «يوم سعيد» عام 1939. ولاقتناعه بموهبتها استدعاها محمد كريم، بعد أربع سنوات، لتقف أمام محمد عبد الوهاب مجدداً، ومعهما راقية إبراهيم في فيلم «رصاصة في القلب»، أتبعتهما بفيلمها الثالث «دنيا»، لتثبت قدميها في السينما المصرية مع فيلمها الرابع عندما تبنى الفنان يوسف وهبي موهبتها وقدمها في دور ابنته من خلال فيلم «ملاك الرحمة» عام 1946، قبل أن يختارها المخرج كمال بركات لتقوم بأول بطولة مطلقة لها في «المليونيرة الصغيرة».

أخذ رشدي نسخة من سيناريو الفيلم، وجلس إلى جوار فاتن حمامة ليقرأ كل منهما دوره، للتدريب عليه قبل الوقوف أمام الكاميرا. ما إن بدأ في القراءة، حتى لمعت عيناه وانتابته نوبة هستيريا من الضحك، فنظرت إليه فاتن وهي في دهشة من أمره، لأن الحوار لا يتضمن جملاً كوميدية، والفيلم ميلودراما رومانسية. ارتابت في الأمر. حتى إنها راحت تتفحص ملابسها، فربما فيها ما يثير ضحكه، وعندما لم تجد شيئاً سألته:

* ممكن أعرف حضرتك بتضحك على إيه أستاذ رشدي؟

- أولا... أنا رشدي وبس من غير حضرتك ولا أستاذ. إذا ولا بد حد يحترم التاني فلازم يكون أنا... لأني قاعد قدام نجمة لها أعمال سينمائية مهمة.

* مش أوي كدا. لسه بدري على كلمة نجمة دي. وبعدين دول كلهم خمس ست أفلام... منهم فيلمين وأنا لسه طفلة.

- لو فيلم واحد كفاية.

* طب يا سيدي قوللي بقى... إيه اللي ضحكك أوي كدا؟

- بضحك على القدر. في غمضة عين حقق طموحي وأمل عيلتي.

* ياه. للدرجة دي بتحب التمثيل... وأسرتك بتشجعك عليه؟

- إطلاقاً. عمري ما فكرت ولا حلمت أني أكون ممثل... ولو العيلة عرفت ممكن تتبرى مني.

* أمال حلم إيه؟

- وأنا طفل... كنت بتمنى أطلع ضابط طيار... ودا كان حلم والدي ووالدتي برضه. ولما طريقي كله يتغير وأقرر استغنى عن حلمي وأتجه للتمثيل... يكون أول دور أعمله وأنا ممثل دور طيار. على رأي يوسف بيه وهبي... يا لسخرية القدر.      

ضابط طيار

جسد رشدي أباظة في «المليونيرة الصغيرة» الذي كتبه كمال بركات وأخرجه، دور ضابط طيار، يقع في غرام فتاة من أسرة عريقة، تجسد دورها فاتن حمامة، غير أن جدتها التركية، ماري منيب، ترفض أن يكلل هذا الحب بالزواج بسبب الفارق الاجتماعي بين العائلتين، وتهددها بحرمانها من الميراث في وصيتها إذا ما أصرت على الزواج من هذا الشاب. وأدت الفنانة لولا صدقي دور «الغريمة»، تلك الشخصية التي برعت فيها دائماً على شاشة السينما، وتنجح فعلاً في التفريق بينهما. لكن الجدة عندما ترى أن حفيدتها تكاد أن تفقد حياتها بسبب الإصرار على موقفها، تعدل عن رأيها، وتحذف هذا الشرط من الوصية. وتموت الجدة، ويعلم الضابط الشاب بذلك، وأن فتاته أصبحت ثرية، فيقرر التراجع عن خطبتها حتى لا تظن أنه يطمع في مالها، لكنها تقنعه بخطأ تفكيره فهي تثق بصدق عواطفه ويتزوجان.

بدأ المخرج كمال بركات تصوير الفيلم مطلع يوليو 1948، ولم يكن يعرف متى سينتهي، فقد توقع أن يأخذ رشدي وقتاً طويلاً في التدريب والتعود على الكاميرا، غير أنه أدهشه وجميع العاملين في الفيلم، من فنانين وفنيين، بأدائه الطبيعي وسرعة استجابته للتعليمات، لينتهي تصوير الفيلم في ثلاثة وعشرين يوماً.

مرت أيام التصوير الثلاثة والعشرون على رشدي، كأنها أيام في واحدة من الرحلات التي اعتاد أن يقوم بها من حين إلى آخر، فرغم التزامه وجديته في العمل، ورغم خوفه وقلقه من الفشل في أول خطوة يخطوها في هذا العالم الساحر، فإنه كان مشغولاً بأمر آخر، فقد وقع في غرام فاتن حمامة خلف الكاميرا، تماماً كما وقع في غرامها أمام الكاميرا، أصابه سهم حبها، ما جعله يتقن مشاهد الحب والغرام أمام الكاميرا، حيث وجد الفرصة ليقول لها كل ما لم يستطع أن يبوح به لها خلف الكاميرا. غير أن فاتن، التي سبقته بأعمال عدة، كانت قد تمرست تماماً على أن تفصل بين التمثيل والواقع.

شعرت فاتن بالحب يتمكن من قلب رشدي، ما جعلها تتعمد إعادته إلى الواقع من آن إلى آخر، فرغم وسامته وجاذبيته وخفة ظله التي شهد لها العاملون في الفيلم، فإن فاتن كانت مشغولة بحب آخر، حب شاشة السينما، كانت تريد أن تصنع لنفسها اسماً في عالم الفن السابع، قبل أن تختار لنفسها قلباً تبادله الحب.

في الوقت الذي عزف قلب فاتن حمامة عن حب رشدي أباظة، كان هناك قلب آخر يحاول أن يلفت نظره إليه، غير أنه لم يأبه وتعمد تجاهله على أمل أن يرق له قلب فاتن يوماً. لكن لولا صدقي، التي وقعت في حب رشدي، رغم أنها تكبره بأربع سنوات، لم تيأس، وظلت تطارده من مسرح إلى آخر، ومن ملهى إلى آخر، فيما كان يتعمد أن يشعرها بأن هذه العلاقة لم تزد في نظره عن كونها {صداقة بريئة}.     

حرص المخرج كمال بركات على أن يقوم بدعاية تليق بفيلمه الأول في عالم الإخراج، فراح يدعو بعض الصحافيين للقيام بلقاءات وحوارات مع أبطاله ليتحدثوا عن الفيلم وأحداثه وأدوارهم، وخص بطله واكتشافه رشدي أباظة بعدد من المقابلات الصحافية ليقدمه إلى الجمهور وإلى الوسط الفني، لتملأ أخباره الصحف وتتصدر صوره أغلفة المجلات والصفحات الفنية... وليته لم يفعل.

علم رشدي أن والده أصيب بكسر قي ساقه إثر سقوطه من فوق الحصان، ما ألزمه الجلوس على كرسي متحرك، فقرر الذهاب لزيارته. غير أن أخباره كانت قد سبقته إلى والده، فقد وقعت في يديه إحدى تلك الصحف التي راحت تكتب عن مولد نجم سينمائي جديد من العائلة الأباظية.

فتحت رجاء الباب لشقيقها، وراحت تمطره بالقبلات، فيما كان خلفها والدهما يجلس على كرسيه المتحرك، فركض إليه رشدي ونزل إلى يد والده التي لم يمدها له ليصافحه، فأخذها وراح يقبلها. سحب الأب يده، وأعطى أوامره للجميع بأن يتركوه ورشدي بمفردهما. شعر رشدي بأنه مقبل على كارثة، وقبل أن يفكر في سبب الاستقبال الفاتر من والده، الذي أشعره بأنه غير مرغوب في استقباله، حيث أدار له ظهره، ثم تناول إحدى المجلات الموضوعة على طاولة صغيرة أمامه، ومد بها يده تجاه رشدي، وبادره بسؤال مباشر:

* الكلام اللي مكتوب هنا صحيح؟

- أيوا... دا بعد إذن حضرتك.

* انت كنت لسه محتاج إذن حضرتي. صورك مغرقة الصحف والمجلات. بيتكلموا عن الأرتيست الأباظي الجديد.

- دي مبالغات من الجرايد لكن أنا لسه...

* لسه إيه؟ لسه فيه فضايح تاني معملتهاش.

- أبدا يا بابا لا سمح الله... مافيش فضايح.

* هو فيه فضايح أكتر من أنك تشتغل ارتيست. أنا حمدت ربنا إن رجلي انكسرت وقعدت في البيت الفترة دي. لحد ما الناس تنسى... لكن ينسوا إزاي هي دي حاجة تتنسي. هي كلمة واحدة... انت تقطع علاقتك بالجماعة المشخصاتية دول وفورا.

- أيوا يا بابا... بس.

* بس إيه. انت هاتراجعني في قراري

- لا يا بابا العفو... أنا بس كنت عايز أقول لحضرتك إني مضيت عقود وعليا التزامات... ماقدرش أخالفها. وكمان أنا صورت الفيلم.

* انت بتتحداني يا ولد!

- أبدا يا بابا لا سمح الله.

* هي كلمة واحدة. تقطع علاقتك بيهم فورا وبدون كلام.. وأي التزامات مادية أنا متكفل بيها.

- مش هاينفع دلوقت يا بابا صدقني.

* كدا... وأنا كمان مش هاينفع اعتبرك ابني. من النهاردة لا انت ابني ولا اعرفك. امشي اخرج بره. ما تدخلش البيت دا تاني... واعتبر إن مالكش أب.

إخفاق

لم يدر رشدي كيف استطاع أن يمشي ما يقرب من ثلاثين كيلومتراً، من بنها إلى وسط القاهرة، كان يمشي على غير هدى، لا يعرف ماذا سيفعل بعد قرار والده الذي لن يتراجع عنه، وفي الوقت نفسه لن يستطيع أن يذهب إلى أحد من العائلة يستعطفه ليعدل والده عن قراره، فالجميع سيؤيد قرار الوالد، مثلما فعلوا مع أحمد أباظة ابن عم والده، الذي سبقه إلى التمثيل، واتخذ الجميع منه الموقف نفسه.

ظل حزيناً مكتئباً حتى طلب منه المخرج كمال بركات ضرورة حضور العرض الأول لفيلم «المليونيرة الصغيرة» الذي تحدد يوم 13 ديسمبر 1948.

وصل رشدي إلى صالة العرض مبكراً عن بقية أبطال الفيلم والمخرج كمال بركات، وجلس في مقدمة «البنوار» المخصص لفريق عمل الفيلم، الذين حضروا تباعاً قبيل بدء العرض.

انطفأت الأنوار، وفي اللحظات التي سبقت عرض الفيلم، بدأ عرض شريط آخر، لم يشاهده سوى رشدي أباظة. مر أمام عينيه شكل حياته ومستقبله الفني بعد نجاح الفيلم، وكيف سيحمله الجمهور على الأعناق ويهتف باسمه، معلناً مولد نجم جديد في عالم الفن السابع، ما يجعله جديراً بحب فاتن حمامة... أو أكبر نجمة على الساحة الفنية.

بدأ عرض الفيلم، وجاء اسم رشدي أباظة الثالث في الشارة، بعد فاتن حمامة وماري منيب، وبعده جاء اسم لولا صدقي والممثل الشاب عبد السلام النابلسي، ثم الممثل الكبير فؤاد شفيق.

لم يلحظ رشدي أن الجمهور بدأ يتسرب من دار العرض قبل أن ينتصف عرض الفيلم، وكانت المفاجأة عندما انتهى العرض وأضيئت الأنوار، حيث لم يجد في صالة العرض غير عدد من المتفرجين لا يزيدون على عدد أصابع اليدين. أما المفاجأة الكبرى، فكانت عندما استدار ليسأل فريق العمل والمخرج عن سبب عزوف الجمهور عن الفيلم، فلم يجد أحداً منهم، فقد تسربوا جميعاً في ظلام دار العرض قبل انتهاء الفيلم، خشية ملاقاة الجمهور.

شعر رشدي بأن الأقدار عادت لتعانده، فبعد أن كانت إحدى قدميه على عتبة باب المجد والشهرة ليدخل إلى مستقبل حلم به طويلا، عاد إلى حيث بدأ. أظلمت الدنيا في عينيه، شعر بأنه انتهى قبل أن يبدأ.

فشل الفيلم في تحقيق النجاح المنشود.. وذهب المخرج والنجوم كل إلى طريقه وبقي البطل الشاب وحيداً ومعه امرأة واحدة رأت فيه مواهب أخرى... بقيت إلى جواره، لولا صدقي الفنانة المدللة التي ودعت حياة «الكباريهات والكازينوهات» كراقصة ومغنية بالإنكليزية والفرنسية، لتتجه بمساعدة والدها، الكاتب المسرحي أمين صدقي، إلى اعتلاء خشبة المسرح، لتعشق التمثيل، وتجد متعتها الحقيقية في تجسيد الشخصيات التي تختلف عن شخصيتها الواقعية، ثم أتاحت لها شقيقتها الكبرى صفية صدقي، التي سبقتها إلى مجال الفن بسنوات طويلة، فرصة أولى في السينما مع محسن سرحان في فيلم «حياة الظلام» عام 1940، غير أن الحالة الصحية غير المستقرة والضعف العام الذي كانت تعانيه لولا، تطلب ابتعادها عن المجهود البدني الشاق الذي يحتاج إليه المسرح يومياً، ولفترات طويلة متصلة، لذلك قررت التفرغ إلى السينما.

«لولا» تشفي أباظة

أحبت {لولا} الوجه الجديد، وكانت جاهزة كي تؤدي دور «الضمادات» لتوقف نزيف القلب والنفس، اللذين تسبب فيهما جرحه من فشل حبه لفاتن حمامة، فجمع بينهما سهر الليالي، وحياة «الكباريهات» كما جمع بينهما عامل مشترك آخر، هو الأم الإيطالية فوالدتها أيضاً كانت من أصل إيطالي، لذا لم تعد تفارقه لحظة منذ هذه الليلة، فلم يتركا ملهى ليلياً أو صالة أو فندقاً، ونادياً إلا وذهبا إليها. كانت تحاول أن تنسيه حب فاتن، وفي الوقت نفسه تخفف عنه صدمة فشل فيلمه الأول، خصوصاً أنه ظل في بيته قرابة العام بلا عمل، بعد فشل الفيلم فكان لا بد من أن تحثه على الصمود، وتغرس في نفسه الأمل:

* فشل إيه... يا رشدي انت لسه في البداية ودا أول فيلم.

- ماهو علشان كدا... لما أول تجربة تفشل مين هايفكر يشغلني بعد كدا؟

* ماتقولش كدا. انت شاب ووسيم وكلك جاذبية ورجولة. وبعدين العيب مش فيك. دي ظروف اتجمعت مع بعضها. والفيلم اتعرض في عز البرد. لكن أنا واثقة انك هاتبقى نجم كبير الفترة اللي جاية.

- نجم... دا من ساعة ما الفيلم ما اتعرض من سبع شهور... ماحدش بص في وشي

* صدقني دي مسألة وقت... وبكره تشوف.

البقية في الحلقة المقبلة

back to top