«صانع السوق» خطوة كبيرة نحو تطوير البورصة... إذا طبق

نشر في 01-12-2013 | 00:05
آخر تحديث 01-12-2013 | 00:05
• دوره أساسي في خلق التوازن في الأزمات وجعل السوق «مؤسسياً» أكثر
• متطلبات ودراسات وخطوات تمهيدية قبل تطبيقه
بدأت الخطوات الفعلية لإنشاء صانع للسوق في بورصة الكويت تأخذ جانبا من الجدية، بعد اجتماع مدير سوق الكويت للأوراق المالية فالح الرقبة مع اتحاد الشركات الاستثمارية قبل أيام، لمناقشة التفاصيل الفنية بشأن هذا الأمر.

ويعتبر صانع السوق، حسب الآراء الاقتصادية، «مقياس» قوة جذب السوق، و«عامل» خلق الموازنة في حالات الرخاء والازمات التي تتعرض لها أسواق المال، نظرا لدوره المؤثر في الأزمات من ناحية طلبات الشراء، وكذلك عروض البيع في حالات الازدهار، على الأسهم المعني بها.

وتقول بعض الآراء إن إيجاد دور لصانع السوق خلال الفترة المقبلة يكرس الاهتمام الكبير من قبل الجهات الرقابية على تطوير الادوات المالية، وكذلك تنويع مجالات الاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية، خصوصا أنه مقبل على عملية خصخصة تؤدي إلى أن تكون ملكيته بيد القطاع الخاص بعد تحريرها من الأيادي الحكومية، تماشيا مع خطة تطوير السوق بشكل كامل بعد تطوير نظام التداول الجديد وإصلاح العثرات التي حدثت خلال الفترات الأولى من تطبيقه.

يقول رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة بيان للاستثمار فيصل المطوع إن "صانع السوق عملية تحتاج إلى احترافية متكاملة، وإلى قوانين وأنظمة رقابية متعلقة بها وتهتم بأدق تفاصيلها"، بينما يرى رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة الاستشارات المالية الدولية "ايفا" صالح السلمي أنه "إذا أردنا أن يصبح السوق الكويتي مؤسسياً أكثر فيجب علينا إنشاء دور لصناع السوق، للابتعاد عن التأثير السلبي للمضاربات السلبية الفردية، والعمل على جذب المستثمرين من الداخل أو الخارج من خلال دور صانع السوق".

أما نائب الرئيس التنفيذي للشؤون المالية والإدارية في مجموعة الأوراق المالية سالم العلي فأكد أن عددا قليلا –يعد على الأصابع– من الشركات الاستثمارية يمتلك القدرة على تجهيز ووضع الأموال اللازمة والمطلوبة للقيام بدور صانع للسوق، إذا تم إقراره.

ويعتقد المحلل المالي خالد كرم أن بورصة الكويت لا تملك أدوات كثيرة في السوق، عدا سوق الآجل، والمشتقات التي لا أثر لها بشكل كبير، لذلك فإن ثمة أدوات يجب أن ترافق فكرة صانع السوق... فما الذي نحتاجه لإعداد البنية المناسبة للقيام بعملية إيجاد صناع للسوق؟ وهل البورصة الكويتية تحتاج فعلا لها؟ وهل الشركات قادرة على تلبية المتطلبات للعب هذا الدور؟ 

بداية، أشار المطوع إلى أن صانع السوق عملية تحتاج إلى احترافية متكاملة وإلى قوانين وأنظمة رقابية متعلقة بها وتهتم بأدق تفاصيلها، مضيفا أن "بيان للاستثمار" قامت بإعداد دراسة مختصرة لهذا الموضوع وأهمية تطبيقه في البورصة الكويتية.

وذكر أن "الشركة قدمت أكثر من 3 طلبات إلى الجهات المختصة للقيام بدور صانع للسوق خلال السنوات الثماني الماضية، إلا أنه لم يرد إليها رد لا من هيئة أسواق المال ولا من إدارة سوق الكويت للأوراق المالية بهذا الشأن حتى الآن"، مؤكدا ضرورة أن يكون للسوق الكويتي صناع يساهمون في خلق سيولة إضافية ومستويات تداول معينة لخلق حالة من التوازن فيه، في الأوضاع الاقتصادية المختلفة.

وشدد على أن أسواق العالم تعتبر صانع السوق لاعبا رئيسيا، إذا كانت تهدف لأن تكون سوقا منظما وبوجود الإدارات المحترفة، مشيراً إلى أن دوره بارز في الأزمات كطرف مشتر، وكذلك ظروف الازدهار كطرف بائع.

أهم المكونات

 

من جهته، ذكر السلمي أن صانع السوق من أهم المكونات لأي سوق مالي ناجح في العالم، مشيرا إلى أن البورصة الكويتية تعتبر من الأسواق الناقصة لعدم وجود صانع فيها، خصوصا بعد تطوير نظام التداول الجديد الذي أصبح لزاما على الجهات الرقابية أن تقوم بتطوير أدواته المالية ومنها صانع السوق.

وقال السلمي: "إذا أردنا أن يصبح السوق الكويتي مؤسسيا أكثر فعلينا إنشاء دور لصناع السوق، للابتعاد عن التأثير السلبي للمضاربات السلبية الفردية، والعمل على جذب المستثمرين سواء من الداخل أو الخارج، من خلال دور صانع السوق".

واوضح أن عملية إيجاد صانع للسوق فنية معقدة، لكن وضع الأسس لسوق صحي ومؤسسي يساهم في أن تصبح عملية الرقابة والتنظيم أسهل، مضيفا ان صانع السوق لن يكون بديلا عن المضاربة، بل سيسعى إلى "تهذيبها" لتكون منطقية، مؤكدا أن الخطأ هو جعل الأفراد هم المتحكمون في تداولات السوق والتأثير فيها بشكل رئيسي.

وزاد ان التفكير في صانع السوق كان متأخرا لكن أتى في النهاية، مشيرا إلى أن مدير البورصة فالح الرقبة عبر عن فهمه لعمل سوق المال واهتمامه بما يتعلق به من خلال دعوته اتحاد الشركات الاستثمارية قبل أيام للتباحث بشأن صانع السوق والتفاصيل الفنية المتعلقة بعمله.

ولفت إلى أن عملية خلق صانع للسوق تحتاج إلى أموال كثيرة، لكن هناك العديد من الشركات التي تمتلك القدرة على القيام بهذا الدور، مضيفا ان خلق صانع السوق هو إيمان من قبل الجهات ذات العلاقة بأهمية سوق المال وأهمية تطويره، وهذا جزء أساسي من عمل الشركات الاستثمارية.

 

استعداد ضعيف

 

من جانبه، أفاد العلي بأن صانع السوق عملية سعت لها الكثير من الشركات الاستثمارية في الاوقات السابقة لكنها لم تنجح نظرا لأن الانعكاسات على البيانات المالية من الخروج من الأزمة المالية العالمية لم تظهر حتى الآن، مشيراً إلى أن ما يشجع التوجه لخلق صانع للسوق هو وجود أرباح يتم تحقيقها من قبل الشركات الاستثمارية وكذلك تداولات سوق الاوراق المالية.

وأكد العلي أن عددا قليلا –يعد على الأصابع– من الشركات الاستثمارية يمتلك القدرة على تجهيز ووضع الأموال اللازمة والمطلوبة للقيام بدور صانع للسوق إذا تم إقرارها، مشيرا إلى أن قيمة التداولات الحالية التي تتراوح بمعدل 30 مليون دينار يوميا تعتبر ضعيفة نوعا ما.

واشار إلى أن عملية رصد ميزانية لصانع السوق هي نسبة وتناسب بالسهم المعني، لكنها مرتبطة بنسبة السيولة في السوق، وكذلك القيمة الرأسمالية لكل شركة، متابعا أنها مرتبطة كذلك بمعدل دوران السهم لفترة 6 اشهر وأيضا عدد الأسهم الحرة والمتاحة للتداول، مؤكدا أن هذه العوامل هي الأبرز في تحديد القيمة المطلوبة أو رأس المال المطلوب للقيام بدور صانع السوق.

 

مضاربات 

 

بدوره، شدد كرم على أنه "لا يوجد اليوم صانع سوق على أي شركة مدرجة في بورصة الكويت، فما هو قائم حاليا هو مجموعة مضاربين لديهم أهداف مضاربية قصيرة أجل يستهدفون تحقيق أرباح سريعة"، مشيرا إلى أنه غير صحيح ما يتم الحديث عنه بين فترة وأخرى بأن هناك صانع سوق لسهم (ما) قام بتجميع أو بتصريف أسهم تلك الشركة وغيرها من الشركات التي تشهد مضاربات من أولئك المضاربين.

وزاد كرم أن صانع السوق أحد المصادر الرئيسية في كل أسواق الأسهم، والذي من خلاله يضمن توفير سيولة سائلة بشكل يومي مقابل حصوله على عدد من الامتيازات من قبل إدارة السوق، كأن يحصل على خصومات على رسوم الوساطة، قد تصل أحيانا إلى اقتطاع تلك الرسوم حتى تصل إلى (الصفر) مقابل ضمان إدارة السوق ان صانع السوق قادر على توفير تلك السيولة والحركة اليومية ضمن اتفاق مسبق بين صانع السوق والسوق.

واردف ان "صانع السوق سيحقق أهدافه من فرق الحركة والتداول على الأسهم، لاسيما من عمولات الوساطة، بينما سيحقق المستثمر والمضارب أهدافه من خلال سوق يتسم بسيولة مرتفعة، وهنا نستطيع تسمية السوق بالسوق الكفؤ".

ويرى أنه "يجب أن تتم معالجة عدة جوانب فنية قبل التفكير في طرح فكرة صانع السوق، أولها تغيير تركيبة جدول الأوامر (الطلب والعرض)، إذ يجب أن يكون صعود السهم وانخفاضه بناء على نسبة مئوية من سعر إغلاق آخر جلسة تداول، هذا تمهيد لفتح الباب بدون أي حدود سواء وحدات سعرية أو نسبا مئوية كما هو معمول به في الأسواق العالمية".

واستدرك: "لأن بورصة الكويت لا تملك أدوات كثيرة في السوق، عدا سوق الآجل، والمشتقات التي لا أثر لها بشكل كبير، فإن ثمة أدوات يجب أن ترافق فكرة صانع السوق، كالتداول على المكشوف Short Sell، وهذه الأداة لا يمكن توفيرها حاليا، لأن تركيبة جدول الأوامر وهامش الحركة لذلك الجدول لا يسمح للمتداولين بإجراء عمليات بيع على المكشوف تحقق أهدافهم وتطلعاتهم".

وذكر: "كذلك أعتقد أنه يجب تفعيل سوق الخيارات (الأوبشن)، خلال جلسة التداول لا أن يتم ذلك بعد إغلاق جلسة التداول، وأن يكون سوق الخيارات كاملا كما هو الوضع القائم، إذ يجب أن يكون هناك خيار البيع Put كما هو خيار الشراء Call القائم حاليا، وأن يسمح بتداول تلك الأدوات من خلال التداول الالكتروني لا أن تكون تقليدية كما هو قائم اليوم".

 

اتفاقات مع بنوك

 

وأشار كرم إلى أنه "حتى يخرج لنا صانع سوق يضمن أن هناك سيولة مقابلة من البنوك وشركات الاستثمار والمتداولين المستثمرين تقابل السيولة التي سيعمد إلى توفيرها، فإن على إدارة السوق أن تبرم اتفاقات مع بنوك محلية وعالمية من شأنها ضمان توفير أدوات تمويلية تساهم في دفع السيولة إلى السوق، كأن يقوم بنك أو شركة تمويل بضمان توفير ما يسمى بالمارجن أي تسهيلات ائتمانية مقابل رهن الأسهم".

وبين أنه يجب معالجة بعض أوجه الخلل القائمة التي ستحسم جوانب سلبية قائمة في القادم من الأيام، إذ يجب أن يكون التداول من خلال ربط إلكتروني مباشر بين السوق ومحفظة العميل، وإلغاء ما يعرف بـT+1، حيث لا يجب للمستثمر أيا كان أن يجري عمليات تداول ما لم تغط سيولته تلك العملية، ولا يمكن له بيع الأسهم ما لم تكن هناك أسهم بالفعل في محفظته الاستثمارية".

وقال: "تلك المعطيات، من أدوات ومعالجات لبعض أوجه القصور ستساهم في دفع البورصة إلى إيجاد صانع السوق، الذي لا يفكر في الظهور إلا إذا أطمأن إلى أن الجناح المقابل له من تشريعات وأدوات وسيولة متوفرة قد أصبحت جاهزة، وأن السوق أصبح كفؤا".

back to top