لم تعد ظاهرة تزييف الكتب في مصر تقتصر على فترة معرض القاهرة الدولي للكتاب، بل تستمر طوال السنة وفي وضح النهار، ما يهدد صناعة الكتب التي تمتاز بها مصر منذ مئات السنين.

Ad

يطالب محمد رشاد مدير «الدار المصرية اللبنانية» للطباعة والنشر إدارة «معرض القاهرة الدولي» باتخاذ إجراءات رادعة وحاسمة إزاء الذين يطبعون وينشرون كتباً مزيفة، ومنعهم من استئجار أجنحة داخل المعرض، والمشاركة في الدورات المقبلة ليكونوا عبرة لمن يقوم بتلك الفعلة البشعة.

كذلك يطالب رشاد زملاءه الناشرين باتخاذ إجراءات قانونية عند حدوث أي واقعة تزوير لكتبهم، مثمناً الجهود التي قامت بها وزارتا الداخلية والثقافة المصريتان في ضبط مطابع تطبع كتباً مزورة، ومحذراً الدولة من التهاون بحقوق الناشرين، لا سيما مع تكرار التعدي على حقوق الملكية الفكرية، ما يشكل خطراً على مستقبل الثقافة المصرية وحركة النشر التي تعتمد عليها شريحة واسعة من المصريين.

لجنة مراقبة

بدوره يطالب الجميلي أحمد، صاحب «دار وعد»، الدولة بتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه صناعة النشر، ذلك أن تزييف الكتب كاد يتسبب بإفلاس دور النشر، ويقترح على القيمين على معرض الكتاب تشكيل لجنة فنية لمراقبة الكتب التي سيتم عرضها، بهدف التأكد من أنها غير مزورة، كذلك يقترح على المسؤولين تشكيل مجموعة عمل من موظفي هيئة الكتاب الذين يصل عددهم إلى المئات، برئاسة أحد الناشرين المحترمين المشهود لهم بالنزاهة، مهمتها القيام بجولات تفتيشية على أجنحة عرض الكتب مرتين يومياً.

يعزو الجميلي تفشي هذه الظاهرة في مصر إلى الناشرين، إذ ترتفع أسعار الكتب بشكل جنوني، وقد يصل سعر أحدها إلى مئة جنيه. يضيف: «انتقلت إلينا عدوى تزييف الكتب من الخارج، ففي الدول الغربية مطابع ضخمة وكلفة الطباعة فيها مرتفعة ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكتب، فيما في مصر مستوى الطباعة متوسط ولا يستحق الأسعار المبالغ فيها التي نراها الآن. إذا لم يتحرك وزير الثقافة في هذه الأزمة، فسنتحرك نحن كناشرين بشكل منفرد لحماية أنفسنا وصناعتنا».

الدكتور فارس خضر، صاحب «دار الأدهم للطباعة والنشر»، يحذّر من أنه إذا لم تتوقف هذه المهزلة، فستغلق دور نشر كبرى أبوابها، لتكبّدها خسائر فادحة، وتحملها مصاريف الطباعة وتكاليف مالية وإدارية.

يضيف: «تتكبّد دور النشر مبالغ باهظة ليخرج الكتاب إلى النور، من تصميم الغلاف إلى الغرافيك والهيكل الأساسي للصفحات وتجميع المادة وتصحيحها لغوياً، كلها أمور تتطلب مجهوداً مضاعفاً ما يرفع من سعر الكتاب، فيما أصحاب دور النشر المزوِرة لا يتكلفون شيئاً، فهم يصوّرون الغلاف والصفحات ويعيدون طباعتها، لذا يبيعون مطبوعاتهم بأسعار رخيصة»، مشيراً إلى ضرورة تفعيل الرقابة على دور النشر التي تستبيح أموال الناشرين والكتّاب وجهودهم من دون وجه حق.

جريمة منظمة

يرى أشرف عويس، مدير «دار النسيم للطباعة والنشر» أن ظاهرة تزييف الكتب ازدادت في الفترة الأخيرة وباتت جريمة منظمة مكتملة الأركان، طاولت الكتب التاريخية والتراثية والأعمال الكاملة لكبار المؤلفين والباحثين، ما أدى إلى تراكم الديون على دور النشر التي تحاول تقديم خدمة ثقافية حقيقية. يضيف أن ملاحقة المُزَيِفين تحتاج إلى أجهزة الدولة، وأن طرق التزييف ملتوية ومتعددة، منها: الاستيلاء على أحد الكتب بالكامل مع الاحتفاظ باسم المؤلف ودار النشر، على أن تكون السمة الأساسية لهذه الطريقة جودة أقل في الطباعة والورق خصوصاً الغلاف.

يتابع: «ثمة طريقة أخرى للتزوير وهي تأليف كتاب بالكامل ونسبه إلى كاتب معروف ليستخدم اسمه في البيع، وطريقة ثالثة وهي طباعة أحد الكتب مع تغيير شكل الغلاف الخارجي، ثم يتم وضع اسم مؤلف آخر غير مؤلفه الأصلي واسم دار نشر مجهولة لعرقلة مهمة الأجهزة الرقابية. أما آخر هذه الطرق الملتوية وأصعبها على الإطلاق فهو الاستيلاء على أجزاء من أحد الكتب الشهيرة ووضعها في كتاب جديد باسم مؤلف آخر وعنوان جديد، من دون سند من حقوق الملكية الفكرية التي وضعت ضوابط مشددة للنقل من الكتب».