هل يعيد مشروع «المسرح المصري لكل مصري» النبض إلى المسرح؟
العودة إلى المسرح وتنشيطه وغيرهما من أمور تتعلق بهذا الفن تشكل مادة نقاش بين الفنانين هذه الأيام، وينقسمون بين مؤيد لإعادة الحياة إلى المسرح وبين معارض بحجة أن الظروف الحالية لا تسمح بذلك. وثمة فئة ثالثة تصرّ على الاستمرار بعملها المسرحي وعدم التوقف، بل والمشاركة بمقابل رمزي، تقديراً للصعوبات التي تعترض الوضع المادي للمسرح.
تؤكد الممثلة رانيا فريد شوقي لـ {الجريدة} أنها رفضت المشاركة في مسرحية {الشعب لما يفلسع} ليس لعيب فيها تحديداً، بل لأنها ترى أن العمل في المسرح في هذا التوقيت صعب.تضيف: {يفرض الالتزام بعمل مسرحي حضوراً يومياً أو أسبوعياً، وبما أن أحوال البلاد غير مستقرة، فإن نسبة إقبال الجمهور تنخفض كثيراً. كممثلة يهمني أن يحضر جمهور كبير أمامي لأستمد منه طاقة في الأداء، فنحن نقدم العرض نفسه يومياً، وبالتالي تتوقف هذه الطاقة على الحضور وترتبط معه بعلاقة مطّردة}.
تتابع: {إذا زاد عدد الجمهور زادت طاقتي وأبدعت والعكس صحيح، لذا أرى ضرورة الانتظار لتتحسن الأوضاع، ونضمن إمكان جذب جمهور كبير لمشاهدة العمل المسرحي، وإيصال رسالته والهدف منه}.مرآة المجتمعتشير الممثلة سميحة أيوب إلى أنها لا تستطيع تقييم حال المسرح ولا أي روافد فنية في هذه الأيام، بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد العربية وليس مصر فحسب، مشيرة إلى أن العوائق التي تواجه المسرح هي نفسها التي تواجه الشعب لأن المسرح هو مرآة للمجتمع.تضيف: {لا يمكن تقديم أي عروض مسرحية في ظل عدم الاستقرار الذي يعيشه المواطن المصري والإرباك الذي يعانيه المسرح، بالتالي نعجز عن تحديد المحتوى الذي يجب تقديمه بناء على معطيات وظروف غير محددة}.ترى أن المسرح يفتقد إلى جزء رئيس لا يتم من دونه هو الإقبال الجماهيري عليه، لاهتمام المواطن، هذه الأيام، بأمنه وبتأمين معيشته اليومية وإبعاد الفنون من تفكيره.عودة إيجابية يعرب الفنان صبري فواز عن سعادته بعودة بعض النجوم إلى المسرح واصفاً إياها بظاهرة إيجابية يتمنى تعميمها، لذا اتخذ قرار إخراج مسرحية {اللي يخاف يروح}، مؤكداً أن أي شعور بالقلق لم يخالجه من العرض في هذا التوقيت الذي وصفه بالصعب، وموضحاً أنه لا ينتظر تبدل الأحوال إلى الأفضل ليقدم عملا فنياً من أي نوع، وأن هذه المغامرة ستؤمن له مردوداً جماهيرياً مختلفاً.يشدد فواز على الاستمرار في تقديم عروض مسرحية، لأن المسرح لن يستعيد ازدهاره إلا في ظل إصرار الفنانين المؤمنين برسالته، وعرض أعمال تنال استحسان الجمهور وتحقق دوره في نشر الوعي، لا سيما في هذا التوقيت.يضيف: {أبرز مشكلات المسرح ارتباطه بلوائح حكومية روتينية تقيده، وعدم الاستقرار، لأن المسرح فعل مجتمعي أكثر من كونه عملا فنياً، وبالتالي يصعب أن يحضر الجمهور ويعود إلى منزله في توقيت متأخر في ظل غياب الأمن وحظر التجول.لكل مصري يجري رئيس {البيت الفني للمسرح} فتوح أحمد تمارين خاصة بمسرحية {الشعب لما يفلسع}، من تأليف محمود الطوخي، إخراج خالد جلال، وبطولة: أحمد بدير، صابرين، علاء مرسي، يوسف فوزي. يؤكد في هذا المجال أن غالبية هؤلاء الفنانين ليسوا موظفين في المسرح، ولم يتقاضوا أجوراً عن مشاركتهم، بل تبرعوا بها لأن أجورهم مرتفعة ولا يملك مسرح الدولة أموالا يقدمها لهم. وحدها وطنيتهم دفعتهم إلى الانضمام إلى المسرحية.يشير فتوح إلى سعي مسرح الدولة إلى ضم كبار نجوم مصر إليه، وتقديم مسرحيات تعيد الجمهور من جديد إلى قاعاته، كذلك تهيئة {مسرح السلام} و{المسرح القومي} ليستقبلا أعمالاً مسرحية أخرى يقدمها نجوم تم الاتفاق معهم أخيراً من بينهم: إلهام شاهين، نشوى مصطفى، كمال أبو ريه، فاروق الفيشاوي، نهال عنبر، نور الشريف، محمد سعد، وآخرون. يوضح أن القيمين على مسرح الدولة عجزوا في السنوات الماضية عن تشخيص ما يعانيه بالضبط، لكن مع تغيير هذا الفريق عُرفت أبرز مشكلاته، من بينها: غياب الجمهور بسبب الظروف الاقتصادية، وارتفاع سعر تذكرة الدخول إلى المسرح التي وصلت إلى مئة جنيه أو أقل، وهو ما جعل المتفرج يُخرج المسرح من موازنته.لهذه الأسباب فكّر فتوح في مشروع قومي للمسرح بعنوان {المسرح المصري لكل مصري}، تتمحور فكرته حول إنتاج مسرحيات لكل المصريين، بغض النظر عن النظام الحاكم أو الذي كان يحكم.يقول في هذا الصدد: {نحن الفنانين ملك الناس، وليس النظام الحاكم، وتشجيعاً للجمهور واعترافاً بحقه، علينا كمسؤولين عن الفن أن نقدم له بطاقة تتيح مشاهدة عروض {البيت الفني للمسرح} طوال العام، مقابل 50 جنيها سنوياً، توضع عليه صورة شخصية، مرفقة بالرقم القومي له}. يضيف: {بعد حصولي على موافقة وزير الثقافة محمد صابر عرب زرت المحافظات لنشر ملصقات خاصة بهذه البطاقة، والاستمارات التي يملأها المواطن للحصول عليها، كذلك أرسلت بروتوكولات حولها لكل الأحزاب والنوادي والجهات المختلفة، لتتوافر فيها الاستمارات أيضاً تيسيراً للمواطن، على أن يبدأ العمل بها مع بداية العام الجديد.