تكثر في هذه الأيام تعابير ومصطلحات تفسّر الجرأة في الأعمال الدرامية وتعبر عنها، ذلك أن كل ممثل يراها من منظوره الخاص، لكن الثابت والأكيد والقاسم المشترك بين هؤلاء، أن الجرأة ليست ابتذالا وسقوطاً في الإسفاف، بل تجسيد شخصيات من المجتمع مسكوت عنها وإلقاء الضوء على معاناتها، وتناول قضايا تعتبر من المحرّمات ومعالجتها بواقعية في محاولة لإيجاد حلول لها.

Ad

حول كيفية التعامل مع الجرأة في الفن استطلعت {الجريدة} آراء نجمات لبنانيات وسجلت الانطباعات التالية.

ندى بو فرحات

{لم تتخطَّ أدواري الجريئة اللياقة} تقول ندى بو فرحات، مشددةً على أن الجرأة في الأعمال الدرامية ليست في الابتذال والعري، بل أداء أدوار مركبة وجديدة تترك أثرها عند الجمهور كما عند الممثل.

تضيف: {تعلّمت بفضل دراستي المستمرّة في التمثيل أن أكون محايدة في الحياة، أي يجب ألا أكون مبتذلة أو مثيرة أو غبية أو قوية بشكل مفرط أو ذكية بشكل مفرط، بل مستعدة لتجسيد هذه الشخصيات في الأعمال. ويجعلني هذا الاستعداد أدرك كيفية وضع حدود للشخصية التي أؤديها. أي أنني أقبل الدور الصغير إذا كانت الشخصية جميلة وثمة مكسب شخصي، أصبحت أكثر حرصاً في إدارة أعمالي، أي لا أقبل محلياً إلا دور البطولة، أو إذا كان يتطلبّ أداء مبتكراً. أمّا وسيلة الانتشار عربياً، فليست العلاقات الاجتماعية إنما تقديم أداء جيّد، وهذا هدفي أساساً}.

ماغي بو غصن

{الأدوار كافة التي أديتها كانت جريئة إذ جسدت فيها شخصيات مستقاة من الواقع، وترجمت هذه الحالات بطريقة حقيقية لامست الناس الذين يعانون الوضع نفسه}، تقول ماغي بوغصن موضحة أن الممثل عندما يصدّق ما يؤديه ويعيش الحالة، سواء كانت كوميدية أو تراجيدية أو غيرها، وعندما يقتنع الآخرون بشخصيته ويصدّقونه، يكون قد بلغ الهدف المنشود وحقق النجاح المطلوب.

تضيف أن الجرأة مطلوبة وتكمن في طرح المواضيع وتسليط الضوء عليها من دون تجميل وتزييف، وتتابع: {جسدت مثلا شخصية {سحر} في سلسلة حكايات {كفى}، وللمرة الأولى، شعرت بعدم قدرتي على الخروج من الشخصية، فكنت استمرّ بالبكاء بعد انتهاء التصوير. سببت لي هذه الشخصية ألماً وحزناً وكآبة، ولم أستطع التخلي عنها بسهولة بعد العودة إلى المنزل}.

تعتبر أي دور تؤديه هو {دور عمري ويحتاج إلى طاقتي ووقتي ومجهودي وإحساسي، لأنه لا يجوز التساهل بأي شيء. نجاحي ومحبة الجمهور ليسا دافعاً إلى التساهل بأي عمل جديد، لأنني بذلك أعرّض نفسي للسقوط، خصوصاً أن الجمهور حكم لا يرحم، لذا أندفع إلى وضع طاقتي في كل دور جديد أؤديه، خشية الفشل والتراجع}. 

كارلا بطرس

{لا أسعى إلى عرض مفاتني في التمثيل، بل إقناع المشاهد بإحساسي وتقديم المهمة المسندة اليّ بتجسيد شخصيّة ما}، توضح كارلا بطرس التي عرفت خلال مسيرتها المهنية بأداء أدوار جريئة تركت أثرها، من دون أن تخدش ذوق الجمهور، إنما تركت لديه انطباعاً حسناً.

تضيف: {إذا تطلّب الدور إظهار ناحية جميلة في مظهري، أقوم بذلك خدمة له، فضلاً عن أنني استخدم خبرتي في مجال عرض الأزياء لرسم شكل الشخصية وطريقة لباسها. في مسلسلي الأخير {الإخوة} (يعرض عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال) مثلاً ترتدي {رحاب} (أجسد شخصيتها)، المرأة اللبنانية التي تسكن في الإمارات منذ عشرين عاماً، العباءة في منزلها مثل أي امرأة إماراتية، والهدف هنا تقريب الشخصية إلى جوّ المجتمع الذي تعيش فيه}.

ترى بطرس أن كل أمر زاد عن حدّه وفي غير مكانه لا يكتب له النجاح، وأن المشاهدين لا يريدون في الأعمال الدرامية جرأة مبتذلة في طرح مواضيع وشخصيات تحاكي واقعهم.

تتابع: {شخصياً، كنت محظوظة في مسيرتي وفي ما حققته حتى الآن، فضلاً عن محبة الجمهور لأعمالي وتأثره بشخصيات أديتها، ما يعطيني دفعاً إلى أداء أدواء جريئة ومهمة}.

دوللي شاهين

{لا تعني الجرأة أن أظهر عارية أو في دور إثارة}، تقول دوللي شاهين التي ترفض رفضاً قاطعاً ربط كلمة جرأة بالعري أو أداء أدوار لا تحترم ذوق المشاهد وتتخطّى الحدود الحمراء التي يفرضها أي مجتمع.

تضيف أن الجرأة تكمن في تجسيد شخصية جديدة مستقاة من المجتمع، أو تسليط الضوء على حالة لم يتكلم عنها أحد في السابق، أو اختيار موضوع مشوق يترك أثراً عند الناس.

أما الأدوار التي لا طعم لها ولا لون، حسب قولها، فلا يكتب لها الاستمرار ويكون النسيان أو الإهمال من نصيبها، وتتابع: {تكمن الجرأة مثلا في تجسيد شخصية فتاة مشوهة أو مختلفة، الجرأة مبرَّرة عندما توظّف في سياق درامي صحيح}.

سينتيا خليفة

{عالم الأضواء والوقوف أمام الجمهور يتطلبان جرأة في الأساس، إنما الثقة في النفس تدفع الشخص إلى التقدم في أي مجال كان}، تؤكد سينتيا خليفة التي تعتبر أن من حسن حظّها أنها دخلت التلفزيون في سنّ يافعة، لذا اختبرت خطَّي الصواب والخطأ، قبل أن تبدأ بتلقي عروض كبيرة.

تضيف: {يهمني الدور الذي يشبهني أو أستطيع، من خلاله، ترك بصمة عند الناس. أما الأدوار الجريئة فأنا من مشجيعها، شرط أن ندرك حقيقة معنى الجرأة التي تكون في قدرة الممثل على إقناع الجمهور بالدور، وإيصاله بطريقة صحيحة مهما كان الدور مركباً وصعباً}.

تتابع: {أنا محظوظة بدعم والديّ اللذين تبقى لهما الكلمة الفصل دائماً في القرارات المفترض أن أتخذها، لأن ثقتي فيهما كبيرة، رغم أنهما لا ينتميان إلى هذا المجال المهني، إنما تتخطى خبرتهما في الحياة، بأشواط، خبرتي الشخصية. من هنا أنا انتقائية في خياراتي المهنية، ولا أقبل إلا العمل الذي يفيدني مهنياً}.

أعربت خليفة عن فرحتها لملامسة الأدوار التي أدتها المشاهدين، مثل دورها في مسلسلها الأخير {اخترب الحي}، وقالت: {عندما أتلقى رسائل من فتيات يعشن تجربة مماثلة للدور الذي أؤديه، خصوصاً بالنسبة إلى شخصية {سمر} في {اخترب الحيّ} التي تزوجت هرباً من قساوة والدها، فتعرضت لعنف أسري في منزل زوجها، أشعر بمزيج من الحزن والفرح: أفرح لأنني أؤثر في جمهوري وأحزن بسبب وضعهنّ المأساوي في الحياة. فضلا عن أنني أفكّر، كم نحن بعيدين كممثلين من الشخصيات التي نؤديها في الواقع، لكننا ربما نشاركها وجعها بطريقة أو بأخرى}.

ريتا حايك

{منذ نعومة أظفاري لم أتردد في خياراتي وكنت مقدامة جداً}، تؤكد ريتا حايك مشددة على أنها تحرص على الجرأة في خياراتها، لكنها، في الوقت نفسه، انتقائية، لذا تستشير أشخاصاً معنيين قبل القبول بأي دور معروض عليها، تجنباً للتكرار في الأدوار، أو المشاركة بعمل لا يشكّل إضافة نوعية إلى مسيرتها.

تضيف: {الجرأة عندي في تجسيد شخصية تترك وقعاً عند الناس، والجرأة التي يضعها البعض في إطار العري أو الابتذال أو أي شيء لا يخدم الدور فأنا أرفضها}.

عن اتهامها بالجرأة الزائدة في مسرحية {كعب عالي} تتابع: {عندما شاركت فيها لم أفكر مرتين، بعضهم رأى أنني مجنونة لكنني قمت بما يجب القيام به في تلك اللحظة، وبذلك الظرف، وبهكذا نص مسرحي، وبهذه الشخصية التي، إن لم أؤدها بتفاصيلها، أكون ممثلة كاذبة غير حقيقية، تضع الأقنعة وترقّع المَشَاهد. تعلّمت أن أعيش اللحظة دائماً، لأن الماضي مضى ونحن نصنع في الحاضر المستقبل، لذا يجب أن نعيش كما يجب لئلا نتسمّر في مكاننا وندور في الحلقة نفسها، ونستخدم الوزنات التي يمنحنا إياها الله لنتطوّر ونتقدّم}.

باميلا الكك

«أؤيّد الأدوار الجريئة ولكن ليس التعري، قد تكون الجرأة من خلال تشويه الشكل أو الثياب أو تجسيد شخصية مركبة ومختلفة، ولا يجب حصرها في إطار التعري»، تلفت باميلا الكك التي جسدت شخصيات مختلفة وجريئة في الأعمال الدرامية التي شاركت فيها، فكانت بائعة هوى أحياناً ومثلية أحياناً أخرى، وفتاة بريئة وعاشقة وغيرها...

تشدد الكك في إطلالاتها على ضرورة عدم ربط مفردة جرأة بالابتذال أو بالظهور بملابس فاضحة وغيرها، لأن ثمة فرقاً شاسعاً، في نظرها، بين الجرأة المبتذلة والجرأة في وضع الإصبع على الجرح، من خلال تجسيد شخصيات حقيقية موجودة في المجتمع، من دون تجميل وتزييف.

تضيف: «جريئة في خياراتي وتنويعي في الأدوار، فغالبية الأدوار التي أديتها محطة مهمة في مسيرتي المهنية. لا تهمني الأدوار السطحية ولا تلك القائمة على ارتداء السروال القصير وغيرها، من دون وجود حالة إنسانية يتم تسليط الضوء عليها، كذلك لا مكان لها في خياراتي. أعتمد التروي قبل الإقدام على أي عمل جديد، ولن أقبل إلا الأدوار الجريئة التي تلامس الواقع وتترجمه بصورة حقيقية».

دارين حمزة

«الجرأة تكون في التنويع وتجسيد شخصيات متناقضة ومركبة وصعبة» توضح دارين حمزة التي أدت أدواراً جريئة في مسيرتها المهنية وأدواراً هادفة تركت بصمة عند الناس وتضيف:{تلقيت بعد فيلم «فندق بيروت» عروضاً لأدوار جريئة في أميركا وفرنسا وغيرهما، لكنني اعتذرت لأنني أريد الابتعاد عن قالب الإغراء، لذا فضّلت أداء دور المرأة المعنفّة في فيلم يوجه رسالة إنسانية واجتماعية معينة، ويشكّل تحية شخصية منّي لصوت المرأة غير المسموع وابتعدت من خلاله عن التكرار».

عن أدائها دور ضابطة إسرائيلية وجندية أميركية تقول: «أعتبر ذلك جرأة بحد ذاتها، ومهما يحاولون جر الممثل الى اعتباره منحازاً أو مؤيداً للشخصية التي يؤديها، إلا أنني أعتبر نفسي ممثلة عليها أداء أدوار وتجسيد شخصيات من دون أن يعني ذلك تأييدها أو تحيزها إلى طرف أو إلى آخر».