لا يوحي البرنامج المقدم في أسبوع المطالعة بأهمية هذا الأسبوع في لبنان، فهو أقرب الى الأسبوع الرمزي الفولكلوري النوستالجي، تقيمه بعض المكتبات المحلية في المناطق اللبنانية، في محاولة لتشجيع القراءة، ومتابعة {الأمثال الشعبية والحزازير وجبران خليل جبران}، ونشاطات روتينية في هذا الزمن الحالك.
مهما يكن لا بد من أن نثني على أسبوع المطالعة، وإن كان يقام على مضض، خصوصاً مع الحديث عن تراجع نسبة القراءة بشكل لافت، بل تحول الأجيال الجديدة إلى أنماط جديدة من القراءة، محورها عالم الانترنت وتعليقات الـ{فايسبوك} وأسرار {الهواتف الخبيثة (الذكية)}، ولم يعد الكتاب، بمعناه الكلاسيكي، هو الهدف ونبع المعرفة، ولم يعد له طقسه الخاص بالنسبة إلى الأجيال الجديدة. كذلك لم يعد حكواتي المقاهي التقليدي مصدر المتعة المسائية في زمن الفضائيات والـ{واتس آب}، فقد اندثر و بدأ اندثاره مع سطوع نجم الراديو في المقهى ثم التلفزيون.كل الأدوات المعرفية الأدبية ترهلت لمصلحة أدوات الترفيه وتزجية الوقت، تسأل أحدهم عن قراءة رواية فيكون الجواب: {لا وقت لدي}، وحتى القارئ الكلاسيكي بات يحتاج إلى أشهر لإتمام قراءة رواية.ثمة فئة من الناس لديها هواية في القراءة مع وقف التنفيذ، تسأل أحدهم (أو احداهن) أي كتب تقرأ (أو تقرأين)، فيكون الجواب: البرازيلي باولو كويلو أو الجزائرية أحلام مستغانمي... حين يحضر هذان الإسمان، يدرك السائل أن المجيب أمامه ليس بقارئ.الأخطر من ذلك أن هشاشة البنيان اللبناني وانقسامه جماعات حزبية وقتالية وعصبية، جعلا أي قراءة في مكان آخر، نعرف ذلك من خلال الحمى الفايسبوكية والتعليقات على أي حدث صغير يحصل في لبنان، ومن أنماط التفكير القائمة على التكفير وإلغاء الآخر. ثمة سياسة قائمة على الترويض على موت القراءة وموت القارئ، بل جعلت القراءة مقتصرة على هدف إيديولوجي محدد، غايته سياسة محددة.نعرف الاستخفاف بالقراءة، أيضاً، من خلال لائحة الأخبار الأكثر قراءة وربما الكتب الأكثر مبيعاً وتوقيعاً، فتتصدر لائحة الأخبار الأكثر قراءة عناوين عن {مؤخرة كيم} و{فضائح هيفا} وهلم جرا حول أطياف الجنس. يتزامن هذا مع موت الأفكار التي تثير النقاش لمصلحة حركات العارضة ميريام كلينك وكليباتها أو رقص ميريام فارس وثيابها أو مشاهير الرقص... والأرجح أن هذا الأمر لا يقتصر على لبنان والعالم والعربي بل هو شامل في بقاع الأرض، فالخفة والهشاشة يسيطران على المشهد الميديائي في أنحاء العالم.لا ننسى، أيضاً، أن حفلات تواقيع الكتب في بيروت تحولت إلى مناسبات اجتماعية لا جدوى منها سوى تسويق بعض الكتب ووضعها على الرفوف من دون مطالعة مضمونها، ربما يقتصر اهتمام حامل الكتاب على ما كتبه له المؤلف في التوقيع. لا يعني ذلك أن الثقافة اللبنانية تعيش أزمة، فرغم كل المشكلات لا يزال لبنان يزدهر بنشاطات ثقافية فردية كالمعارض والمهرجانات الموسيقية وحتى إنشاء مؤسسات ثقافية كالمكتبة الوطنية.على كلّ زوّار شارع الحمرا، أن يفتّشوا الأماكن جيّداً ابتداءً من السابعة مساء الجمعة 25 أبريل 2014، لأنّ {دار الساقي للنشر} ستوزّع نحو 200 كتاب بشكل عشوائي على المقاهي والمطاعم وصالونات الحلاقة والمحلات التجارية.{هذا المشروع تطلقه الدار ضمن فعاليات {الأسبوع الوطني للمطالعة}، والهدف منه التشجيع على القراءة بطريقة مسلية، وابتكار حالة قراءة يومية تعفي الناس من سعر الكتاب}، وتدعو رانيا المعلم، مديرة دار الساقي كل {من يجد كتاباً أن ينهي قراءته أولاً قبل أن يضعه في مكان آخر ليجده قارئ آخر}. فكرة جديرة أيضاً في تربية المواطن على القراءة من جديد في زمن التبعية للزعماء والخطب السياسية ونشرات الأخبار، فكرة جديرة ولكن يبدو أن مشهد الأركيلة اللبنانية في الشارع يطيح لغة الكتب.
توابل
أسبوع المطالعة في لبنان {نوستالجيا} الكتب
24-04-2014