متى انطلقت فنياً؟
بداية مشواري كانت في مسرحية {حظها يكسر الصخر} (1964)، باكورة أعمال {فرقة المسرح الكويتي}، آنذاك، كانت الحركة المسرحية في الكويت في أوج ازدهارها، كما كانت حال الفنون الأخرى.كيف؟اتسمت حقبة الستينيات من القرن الماضي، بهطول المبدعين من السماء، أتذكر عندما جلس الفنان محمد النشمي على الكرسي الطويل خارج المبنى، في الحديقة الصغيرة التابعة للمسرح الكويتي في الدسمة في نهاية صيف 1963، ويقابله شقيقي حسين الحداد. كان النشمي يقول والحداد يكتب، وأنا جالس أرى سحراً، وأسمع عجباً، شخصيات تتحرك وحوارات تتلاطم وتتصادم وأحداث تتحرك، أنظر في عيني النشمي ومن حوله، لعلي أرى شيئاً يصفه أو شريطاً سينمائياً يُعرض أمامه، إنه يصف الأشياء، كأنها تحدث أمامه، وأحياناً يجسد الشخصيات بأصواتها. وكان حسين الحداد محل ثقة النشمي في قدرته على الصياغة والاستعاضة والتبديل وبناء النص الحواري لمسرحية {حظها يكسر الصخر}.هل تحمست للنص؟بالطبع، في اليوم التالي وأثناء الفسحة في المدرسة رويت لزملائي هذا العمل ومثّلت وغيرت صوتي، فازداد المتابعون لمسرحيتي حماسة وشغفاً، وكنت أكثر شغفاً لمعرفة ما سيكتبه الثنائي النشمي والحداد لأرويه في اليوم التالي. وقبل نهاية العام الدراسي كان النشمي أنهى كتابة المسرحية، ودفعت الحماسة بزملائي في المدرسة للموافقة على تمثيل بعض الشخصيات أثناء الفسحة، وشجعنا مدرس اللغة العربية توفيق الفيل (أصبح طبيباً في ما بعد).هل شاهد جمهور من الخارج المسرحية؟عرف جمهوري من الطلبة أحداث المسرحية قبل جمهور النشمي وشقيقي الحداد، وقد حضرت بعض الأمهات خلسة البروفات الأخيرة لنا بعدما نقل الطلاب لهن الأحداث، وانتهزت هذه الفرصة لممازحتهن بتقليد صوت المرأة مستخدماً مفرداتهن، فضحكن.ماذا حدث بعدما انتهى النشمي من نصه؟أثناء العطلة الصيفية، كلفني محمد النشمي توزيع النصوص المطبوعة لمسرحية {حظها يكسر الصخر} على الممثلين الجالسين حول الطاولة، وأنا مبتسم، وأحمل في داخلي أملاً ورغبة بأن أسمعهم في بروفة الطاولة، وأتذكر من بينهم: د. صالح العجيري بدور القاضي، محمد المنيع في دور والد العروس، محمد القصار، عبدالله المنيس، صالح النسيم في أدوار الشهود، وفتاة جميلة ابنة خمسة عشر ربيعاً اسمها سعاد عبدالله تمثل للمرة الأولى، ويليها عبدالله الفليح بدور الأخ الأكبر حمد، إضافة إلى عشرين ممثلاً حفظت أدوارهم وأسماءهم.كيف شاركت ممثلا في العمل؟سألني النشمي من يستطيع أن يمثل شخصية عزوز في الفصل الرابع، وهو مراهق، شرس، يواجه ويتحدى والده الذي يريد الزواج من فتاة في عمر حفيدته، لم اقترح نفسي، فطلب مني أن أؤديه، ووافقت بمحبة واعتزاز في أول تجربة لي على المسرح.هل كتبت لك الاستمرارية مع المسرح الكويتي؟بسبب ظروفي العمرية لم أستمرّ في المسرح الاحترافي الجماهيري، واكتفيت بممارسة هذه الهواية في الأندية الصيفية، ومنها انتسبت إلى فرقة {مسرح الخليج العربي} بترشيح من الكاتب القدير عبدالعزيز السريع، إذ كان محكماً في مسابقة الأندية الصيفية مع زملائه الفنانين: سعد الفرج، عبدالحسين عبدالرضا، وعبدالله الخريبط، ونلت جائزة الإخراج عن مسرحيتي {صف المشاغبين}.ما هدفك من الانتساب إلى {مسرح الخليج}؟الإخراج، رغم تذوقي طعم الارتقاء على خشبة المسرح، لم تغرني تلك الأدوار الصغيرة التي كان يعرضها علي المخرج صقر الرشود، وكان ينصحني بأن أرتقي السلم درجة درجة، لم أستفد من نصيحته، وقد أخذ بها الزملاء: عبدالله الحبيل، عبدالرحمن العقل، وسليمان الياسين، لكنني اكتفيت بالمتابعة والمراقبة لأسلوب الرشود الذي كان مختلفاً عن طريقة النشمي.هل مارست دوراً آخر؟كانت الفرقة تبحث عن ملقن للممثلين أثناء العرض المسرحي {الدرجة الرابعة}، التي تقرر عرضها شتاءً في القاهرة، فوافق علي مساعد المخرج مبارك سويد، ووجدتها لعبة جميلة أن أقرأ وأمثل الشخصيات كافة من تحت {الكمبوشة}، غرفة صغيرة أمام الممثلين على طرف الخشبة لها سقف بيضاوي، فأسلم مفتاح الكلام للممثل واعطيه دوره، ويمكنني التحكم بإيقاع الحوار وأمور كثيرة، فهذا العمل بمثابة إخراج من تحت {الكمبوشه}.كيف أسند إليك دور البطولة في {بخور أم جاسم}؟أصر عبدالعزيز السريع على أن أمثل شخصية سعود في مسرحية {بخور أم جاسم}، وكان دور البطولة الوحيد، وأسند دور الخال الأبكم إلى عبد العزيز الطراروة وقبل به مجاملة، لأنه لا يحب التمثيل، ثم دار حديث بأن يؤدي الدور الفنان محمد المنصور، فتنفست الصعداء ورأيت موقعاً جديداً للإخراج، وهو التهيئة للممثل أي {الفرش}، وكيفية جعل سعود ركيزة يدور حولها الفنان الكوميدي محمد المنصور.لماذا توقفت عقداً من الزمان؟توقفت عشر سنوات من 1970 إلى 1980، بعدما أخذت حياتي منحى آخر تماماً، الدراسة في الخارج وتكوين أسرة وعمل، وتبقى لي من عالم المسرح الأصدقاء وشرف الانتساب إلى {فرقة مسرح الخليج العربي}.ماذا قدمت بعد عودتك من الدراسة؟كتبت نصاً مسرحياً أثناء دراستي في الخارج، ثم أعدت صياغته وتقدمت به إلى فرقتي عام 1980 التي لم تتوان في مساعدتي وتشجيعي برصد مبلغ صغير، لأقدمه ضمن النشاط داخل مقر المسرح، حزنت لانحفاض ضوء الأمل، ولكن الناقد الصحافي عبدالستار ناجي أعاد لي ذلك الوهج بعدما قرأ النص، قائلاً: {سيكون لك بعد إخراج هذا النص صيتاً جيداً، لكن عليك أن تحسن اختيار الممثلين}.
توابل
من «حظها يكسر الصخر»... إلى المونودراما (1-2)
16-07-2014