«الخيال الجامح» عنوان معرض الفنانة التشكيلية جومانة جمهوري، تنظمه غاليري Art Factum بالتعاون مع شركة سوليدير في مركز بيروت للمعارض (يستمر حتى 7 سبتمبر). يسلط المعرض الضوء على تباينات غير متوقعة تخرج من بيئة {الصناعة».

Ad

يتضمّن معرض {الخيال الجامح{ نحو 60 صورة فوتوغرافية من الحجم الكبير تتسم بطابع صناعي، بعضها يخاطب خيال المشاهد ويحمله إلى آفاق بعيدة،  من بينها: مجموعة تتمحور حول المولدات الكهربائية، مأخوذة من زاوية تبين عدم التوازن في الانصياع إلى الصناعة والآلة وتجعل العين تضطرب...

الإنسان حاضر في معظم الصور المعروضة، حتى لو لم يكن هذا الحضور واضحاً، خصوصاً في تلك التي تظهر فيها أبنية من الباطون تعبّر في إيقاعاتها وألوانها وتآليفها عن الآلة الصناعية الضخمة، وعن معادلة تجمع بين عناصر الصناعة والبيئة المحيطة بها، في محاولة لتوثيق الحاضر العمراني وبثه روحاً معينة... ويبدو أن الفنانة على استعداد للانتظار طويلاً للالتقط الصورة التي تراها متكاملة... مع تفضيلها أن تكون في ساعة الغروب، وهذا ما يمكن ملاحظته من بعض الصور الملتقطة في باريس والبرازيل ومدينة صور في لبنان...

تعتبر جمهوري أن اكتشاف فن التصوير، كان لحظة تنوّر رائعة في حياتها. وتضيف: {بالنسبة إلي لم يكن التصوير يوماً إنعكاس مصدر ما من الحقيقة، بل طريقة للتعرّف إلى المجهول ورؤية البعد السادس حتى لبرهة من الزمن، بما يمكنني من البحث ما وراء الحقيقة{.

حول أهمية التصوير الصناعي الذي تخصّصت به، تقول إن كنزاً غير مكتشف يكمن هناك، وتتابع: {حجم الموضوعات والأبعاد والألوان والمواد والعنصر الإنساني لهذه البيئة الاستثنائية، تفرز جميعها تباينات غير متوقعة وأجواء ملهمة إلى حد كبير{.

في صورها الفوتوغرافية تجد جمانة جمهوري منبعاً من الأفكار والأحاسيس والمشاعر التي تغلف فنها فتحول المشاهد التي تلتقطها إلى نظام وجمال.

لا يقتصر الأمر عند جومانة جمهوري على استنساخ مصدر من الواقع عندما تأخذ صورة ما، بل وسيلة لاكتشاف المجهول، وإدراك ولو للحظة عابرة، ما يسميه البعض البعد السادس، بحثاً عن حقيقة لا توصف هي الجمال، الكمال، النظام والانسجام والحب، وخطوة، ولو مترددة، لمواجهة العزلة الوجودية في هذا العالم، وهي سمة أساسية في حياتنا.

كنز التصوير

لماذا التصوير الصناعي؟ ببساطة لأن ثمة كنزاً يكمن فيه. مجلدات، وجهات نظر، ألوان، إضاءة، موضوعات، فضلاً عن أن العامل البشري في هذه البيئة غير عادي، ذلك كله أحدث تناقضات غير متوقعة وجواً يلهمها الكثير.

تنتمي جومانة جمهوري إلى جيل كبر في الحرب التي عصفت بلبنان سنوات طويلة، فشكلت هذه الحرب تجربة حاسمة في حياتها. لكنها لم تعد كافية للتعبير عن نفسها من خلال منظور تجربتها الخاصة، الجذور الثقافية، البيئة الفوضوية لكن المُحبة. الآن، تجاوز الهدف الفوضى والسيطرة عليها إلى تحقيق درجة من الصفاء والرضا. لا شك في أن التوفيق بين نقاط الالتقاء وبين الاستقرار شكلا بالنسبة إليها دفعاً قوياً نحو الإبداع.

قبل كل شيء، يراود جمهوري شغف لتقاسم هذا الجمال، إعادة اكتشافه واستدعائه، فظهور هذه المشاعر الكامنة في نفسها بقوة جعل من التصوير الفوتوغرافي طريقاً رئيساً لتحقيق ذلك؛ ووسيلة لإشراك المشاهد في حوار نشط وتفاعلي. في ضوء هذه الرحلة الفنية بات لديها اقتناع بأن الحياة هي ولادة جديدة مستمرة منبثقة من ذواتنا الداخلية.

جومانة جمهوري تخصصت في نيويورك في الهندسة والصناعة والتصوير الوثائقي، وأعطت دروساً في جامعة القديس يوسف «جامعة للكلّ». نشرت أعمالها في مجلات عدة وأقامت معارض فردية وجماعية في لبنان، أبوظبي، باريس، المكسيك، واشنطن، ميونيخ، وفي متحف الفن الحديث في نيويورك.

وضعت رسوماً لكتب عدة من بينها: «طرابلس» لنينا جدجيان، و»هضبة السنونو» وشاركت في كتاب «استقلال 2005، ربيع بيروت» الصادر عن دار «النهار»، وعينت المصور الرسمي لـ «مهرجانات بعلبك الدولية» عامي 2009 و2010. أصدرت كتابها الأول «لبنان والبحر» في ديسمبر 2008.