«هناك حيث الرف العالي»... قراءات متنوعة في السرد الكويتي الجديد
الكتاب يقدم تشريحاً فنياً ونقداً أدبياً لنماذج منتقاة من المشهد الثقافي
يتتبع الأديب حمد الحمد أعمال السرد المحلي بكثير من الدقة والتحليل، من خلال تقديم قراءات نقدية لكتاب متنوعين.
يتتبع الأديب حمد الحمد أعمال السرد المحلي بكثير من الدقة والتحليل، من خلال تقديم قراءات نقدية لكتاب متنوعين.
أصدر الأديب حمد الحمد كتاب "هناك حيث الرف العالي"، متضمنا نتاج ثلاثين كاتبا من الكويت، موزعا على 180 صفحة، ويركز على أعمال أدبية حصلت على جوائز دولية وأخرى نالت تقديرا محليا.وتصدرت مقالاته النقدية رواية "حذاء أسود على الرصيف" للكاتبة باسمة العنزي، معتبرا ان العالم الذي رسمته الكاتبة هو عالم الشركات الكبرى التي تلتهم كل من يقف أمامها دون شفقة، لن يكون عالما خاصا ببلد ما إنما صورته متكررة في أنحاء كل من على البسيطة، شركات كبرى قد تبتلع دولا، فكيف لا تبتلع مجاميع من بني البشر الضعفاء أو حتى ترميهم في الطرقات بلا روح أو أمل، وتبقى ملامحهم في سجلات كرتونية أو ملفات كمبيوترية.
وشدد الحمد على انه "من الصفحات الأولى نجد مقدرة فائقة من الكاتبة على اختزال السطور لتجعل كل حرف ينبض بمضمون وقضية، وهذا ما يفتقده بعض الكتاب في أعمالهم الباهتة، حيث تتحول السطور إلى رسم تشكيلي بلا روح ولا معنى، باسمة جعلت الحروف تنبض بآهات بشر، هؤلاء هم آلات ووقود ولهم عمر افتراضي".وأضاف: "تفوقت باسمة العنزي على نفسها في تقديم عمل روائي يحمل مضامين معاصرة نتعايش معها، إلا أننا نتردد في أن نبوح بها على الورق، باسمة فعلت ذلك ليكون عملها نموذجا لمن يريد أن يتعلم فن الرواية الذي يتفاعل مع المتلقي".حياة أخرىوفي رؤية نقدية أخرى لرواية "الطير الأباليل"، للكاتب الشاب عبدالوهاب الحمادي، يعتبر الحمد ان "هذا العمل الأدبي مجهد جدا في القراءة، ليس لكثرة صفحات الرواية، بل لأنها تعالج قضايا فكرية معاصرة، وتستخدم لغة غير تقريرية، وتتأرجح من حياة إلى أخرى ومن زمن إلى آخر، وتسهب في رسم أحداث مرحلة من تاريخنا الفكري والاجتماعي المحلي بالذات. حتما لن يستمتع بها القارئ الذي يبحث عن الإثارة، أو من يستمتع بقضايا اجتماعية يومية مستهلكة قد تحدث يوميا".آفاق جديدة ن جانب آخر، لفت الحمد الى أن رواية ساق البامبو تعد الرواية الكويتية الأكثر مبيعا في تاريخ الإبداع المحلي، ممتدحا كاتبها سعود السنعوسي الذي فتح آفاقا جديدة للإبداع الكويتي والخليجي، نحو المشهدين العربي والعالمي، حققت "ساق البامبو" قفزة جيدة للإبداع المحلي، واحتفى بها النقاد، لاسيما عقب فوزها بالجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" 2013.ورشح الحمد رواية "كاللولو" للكاتبة حياة الياقوت، معتبرا انها احدى أفضل الروايات الكويتية التي قرأها في الفترة الأخيرة: "أسلوب السرد واضح وغير تقريري، وهذا يعتبر اختزالا لأفكار، وهي مقدرة لا يتمتع بها كتاب كثر، لذا يقدم الكاتب حدثا يعتمد قضية، لكن قد يعتبرها البعض ثانوية، إلا أنها تكون ذات أهمية، وهي ان البعض يعيش على الهامش، ولا يصنع ملامح مجتمع، إنما مجرد مراقب ومتذمر، وما أكثر هذه النماذج في مجتمعنا، ومن هذه النصوص قصة (التحليق... داخل القفص أيضا)، فنرى البطل تهرب منه سنوات من عمره وهو يراقب قفص حمام".وبشأن التجربة الأولى للناقد فهد الهندال في القص، من خلال المجموعة القصصية "عتمة الكائن"، يرى ان بهذا العمل وضع الهندال اسمه على درجات في مسيرة القصة القصيرة بالكويت، وكتب بأسلوب مختلف، ليرفع آهات من هم في المكاتب يبتغون الرزق، ويتخلون عن مبادئهم حسب الطلب مجبرين صاغرين للاستمرار وتأمين لقمة العيش.التراث العربيوفي موضوع عن المجموعة القصصية "تحت برج الحمام" للكاتب بسام المسلم، قال الحمد: "يحاول الكاتب من بداية دخوله عالم الإبداع أن يستلهم من التراث العربي، حيث هناك أفكار تأتي من قصص تحكيها الجدات للأطفال، الكاتب يحاول ان يستدرجها ليلبسها الثوب المحلي، ويترك القارئ بعد ذلك يفكر بماذا يعني في آخر كل قصة".ويمتدح المؤلف إصدار الكاتبة أميرة عامر في مجموعتها القصصية الأولى، مؤكدا أنها "تفوقت في عملها الأدبي، إذ يتضمن سردها في المجمل ثباتا ووضوحا بلا غرائبية او طلاسم، ونستطيع القول إن الكاتبة نجحت في اختزال كل حدث بدون إطالة، حتى ان أي قارئ سيعبر جميع القصص بسهولة ويسر وبدون ملل، لكن الملاحظ أن الجانب النسوي سيطر على معظم القصص، كما ان بعض القصص تمحورت حول المرض الذي يقود إلى الغياب المر. وبشأن انتقائها للعنوان، تفوقت الكاتبة في عملها الأول، لكننا نعتقد أنه لو تم اختيار عنوانا آخر للمجموعة لكان أفضل، لكن الأمر يبقى لتصور الكاتب ولا يخل بالمضمون".وفي لمسة إنسانية من الأديب الحمد يستذكر الكاتب الشاب الراحل محمد سامي السالم، صاحب رواية "رجل بألف رجل"، الصادرة عن "ذات السلاسل" في عام 2009، قائلا: "الرواية كتبت بأسلوب خيالي فنتازي يتحدث عن مملكتين: الأرازوس ولافرون، وينجب ملك الأرازوس ابنا من جارية سمراء، ولا يعترف بالابن لسواد لونه، إلا أن الحرب تشتد بين المملكتين، ولا يكون المنقذ إلى الابن الأسود".يذكر ان الإصدار مكون من ثلاثة فصول: الأول روايات لها صدى، والثاني قصص لها صوت، والأخير يتضمن مجموعة صور لأغلفة الإصدارات.