إيجار شقة صغيرة يفوق ضعف الحد الأدنى للأجور بأميركا

نشر في 29-03-2014 | 00:01
آخر تحديث 29-03-2014 | 00:01
يمثل الفارق الزمني بين العرض والطلب المشكلة الرئيسية في سياسة السكن في الولايات المتحدة، إذ إن تأثيرات كل السياسات التي حاولت الحكومات تطبيقها لا يتم تلمس أثرها إلا بعد سنوات، وربما عقود.
«تفاقم أزمة السكن في الولايات المتحدة» هو الاستنتاج الوحيد الذي يمكن أن تستخلصه من قراءة «آوت أوف ريتش»، وهو أحدث تقرير صدر عن الائتلاف الوطني لإسكان ذوي الدخل المتدني، الذي يحاول تحديد أجر ساعة العمل المطلوب للعامل المتفرغ، كي يمكنه دفع قيمة «ايجار منزل لائق مكون من غرفتي نوم... دون أن يضطر لإنفاق أكثر من 30 في المئة من دخله على السكن».

ويخلص التقرير إلى استنتاج أن أجر ساعة العمل المطلوب للسكن في منزل من غرفتي نوم في سنة 2014 هو 18.92 دولارا، وهذا أجر يزيد مرتين ونصف المرة على الحد الأدنى الفدرالي للأجور، وهو أعلى بنحو 52 في المئة من معدل سنة 2000.

ويخلص أيضا الى أن الحصة المتنامية من سكان أميركا تتطلع الى استئجار منزل لا الى شرائه، وقد تضاعف معدل نمو الأميركيين الساعين الى الاستئجار في السنة الماضية، مقارنة بمتوسط العقدين الماضيين، وقد توثقت تلك المصاعب.

أرصدة ائتمان

كما ان الركود بدد العديد من أرصدة ائتمان الأميركيين، وأرغم أصحاب المنازل السابقين على دخول سوق الاستئجار، ما أفضى الى رفع الطلب والأسعار بالنسبة إلى وحدات التأجير، وعلى أي حال فقد جاء رد السوق على النحو التالي:

كما يمكنك أن ترى، فإن المساكن المخصصة لسكن عدة عائلات (مبان تضم خمس وحدات أو أكثر) وهي أنماط الوحدات المعروضة للتأجير في غالب الأحيان، قد أظهرت تعافيا أعادها تقريبا الى مستويات ما قبل الركود، ولكن في غضون ذلك ظلت مساكن العائلة الواحدة عند مستويات نمو تقل عن مستوياتها قبل الأزمة بشكل ملموس، ومن الطبيعي أن يتطلب الأمر سنوات عدة بالنسبة الى هذا النوع من المساكن.

ويمثل الفارق الزمني بين العرض والطلب المشكلة الرئيسية في سياسة السكن في الولايات المتحدة، إذ إن تأثيرات كل السياسات التي حاولت الحكومات تطبيقها -من استخدام الأموال العامة لبناء مشاريع اسكانية، الى الرقابة على الايجار ومساعدة الايجار– لا يتم تلمس أثرها الا بعد سنوات وربما عقود من وضع تلك السياسات، ما يجعل الأمر صعبا بالنسبة للعامة لكي يفهموا كيفية تأثير سياسة الاسكان على حياة المواطن.

ولنتحدث عن الرقابة على الايجار، السياسة التي صادق عليها ائتلاف اسكان ذوي الدخل المتدني. لقد خفضت تلك السياسة الحوافز من أجل بناء منازل جديدة، ما يقيد العرض بقدر أكبر ويفضي الى أسعار أعلى والى حاجة أشد لتحقيق رقابة على الايجارات.

وقد جادل أنصار الرقابة على الايجار بأن تلك السياسة لم تهدف الى جعل الشقق متوافرة بسعر محتمل، بل لجعل حياة ذوي الدخل المتدني أكثر استقرارا والأحياء السكنية أكثر تنوعا، وفي ما قد تكون هذه أهدافا تستحق الثناء فإن الرقابة على الايجارات ليست الحل بالنسبة الى الحاجة الى اسكان محتمل بقدر أكبر.

ضغوط تصاعدية

ويقترح ائتلاف الاسكان المشار اليه أيضا زيادة في الحد الأدنى للايجار، ومن جديد يصعب رؤية كيف سيفضي ذلك الى أسعار اسكان محتملة بدرجة أكبر. كما ان زيادة الأجور بأي طريقة كبيرة سيخفض على الأرجح التوظيف ويضع ضغوطا تصاعدية على الممتلكات ذات الايجارات الأرخص مع شعور كل الناس الساعين الى تلك المنازل بأنها تمثل زيادة في الدخل المنفق.

وتتمثل الطريقة التي يمكن التعويل عليها بقدر أكبر من أجل خفض أسعار الاسكان في بناء مزيد من المساكن. وفي وسعنا تشجيع ذلك الاتجاه عن طريق تسهيل القيود وتحسين زيادة الكثافة في أماكن ذات انتاجية اقتصادية مثل نيويورك وسان فرانسيسكو.

لكن ذلك لا يعني خروج الحكومة من سوق الاسكان. وفي وسع الحكومات المحلية المشاركة بناء واستعادة الاسكان العام وتشييد المزيد من أنظمة المواصلات العامة القوية مادامت تنجز بطريقة تشجع على الكثافة السكانية. وينبع جزء من المشكلة من طراز تدريجي تحاول الوكالات الحكومية من خلاله معالجة الصعوبات التي تواجه فقراء أميركا.

ويجادل تقرير الائتلاف الوطني لإسكان ذوي الدخل المتدني بأن من الصعوبة بمكان بالنسبة الى الفئة العاملة العثور على سكن يكلف أقل من 30 في المئة من دخلها. لكن من أين جاءت تلك النسبة؟ إنه في الواقع رقم كيفي يعود الى الوقت الذي انخرطت الحكومة الفدرالية فيه لأول مرة في عملية توفير مساعدات اسكان استنادا الى الفكرة القائلة «إن مبلغ الدخل الذي يمكن لعائلة انفاقه مع بقاء ما يكفي لأجل انفاق غير استنسابي آخر»، وفقا لمكتب الاحصاء.

ولكن ماذا لو ان الحكومة عمدت الى وضع برامج فعالة لتزويد المحتاجين بالطعام والرعاية الطبية والتعليم؟ من المؤكد أن ذلك سيسهل كثيراً على العامل الفقير تخصيص المزيد من دخله لأغراض السكن. واذا كانت عملية توفير مساعدة اسكان أكثر صعوبة بسبب السياسات المحلية والفساد أو التأثيرات الجانبية الاخرى يصبح من المنطقي بذل مزيد من الجهد لتوفير خدمات اخرى مع ترك شرط السكن في الغالب للسوق الحرة.

* (مجلة فورتشن)

back to top