الإشاعات خطر يهدد الأفراد والمجتمعات
![عبدالرحيم ثابت المازني](https://www.aljarida.com/uploads/authors/523_1702573323.jpg)
وكم قرأنا في التاريخ عما يسمي بالحرب الإعلامية النفسية، وكيف تستخدم فيها خبرات خاصة لترويج الشائعات وبث الذعر والخوف في نفوس العدو. والإشاعات ﻻ تنتشر إلا في المجتمعات المتخلفة... والتي قد تكون متعلمة لكنها متخلفة، لأن الجهل والتخلف بيئة خصبة لها، قد تتسبب الإشاعة في توقف قرارات مصيرية وهامة في حياة الشعوب، وذلك لعدم قدرة واضعي القرارت على مواجهتها. ومنذ فجر التاريخ، والشائعات تنشب مخالبها في جسد العالم كله، لاسيما في أهل الإسلام، يروجها ضعاف النفوس والمغرضون، ويتولى نشرها أعداء الإسلام عبر التاريخ، لاسيما اليهود، من أجل هدم صرح الدعوة الإسلامية، والنيل من أصحابها، والتشكيك فيها، حتى إنه لم يسلم من الشائعات، حتى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، إذ تعرضوا لجملة من الافتراءات ضد رسالتهم، فكانت تظهر حيناً وتستتر تحت جنح الظلام أحياناً.فهذا المسيح عليه السلام، تشكك الشائعات المغرضة فيه، وفي أمه الصديقة، حيث حكى القرآن ما كان من أمر هذا التشكك: "يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً"، وعانى نموذج الطهر والنقاء، يوسف عليه السلام، الشائعات المغرضة التي تمس العرض والشرف، وفي هذا الدرب تأتي قصة الإفك المبين، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الشائعات، وهي تتناول بيت النبوة الطاهر، وتتعرض لعرض أكرم الخلق. وتعليقاً على هذه الشائعة تروي عائشة، رضي الله عنها، فتقول: "فمكثت شهراً لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم"، حتى برأها الله من فوق سبع سماوات، رضي الله عنها وأرضاها. وبفعل تطور التكنولوجيا، باتت الإشاعات متطورة، فبضغطة رسالة "واتس آب" قد تنشر إشاعة يضلل بها ملايين البشر وتنهي بها حياة شخص، فضلاً عن وسائل الاتصال الحديثة الأخرى، حيث أصبح العالم قرية صغيرة، فتسري الشائعة الآن في الناس مسرى الهواء، وتهيج فيهم هيجان البحر المتلاطم.وتكمن خطورة الشائعات في أنها سلاح جنوده مغفلون أغرار، سحرتهم الشائعات ببريقها الخادع، فأصبحوا يرددونها كالببغاوات، دون أن يدركوا أنهم أدوات يستخدمون لمصالح أعدائهم، وهم لا يشعرون، ولذلك علينا جميعاً التحري والتأكد من صدق ما ننقل وننشر، ونكون عامل بناء وخير... ﻻ عامل هدم وشر... الكلمة أمانة، وجميعاً سنسأل عنها أمام الله، عز وجل... سواء كانت منطوقة أو مكتوبة.يقول الله عز وجل: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ".