تعزيز العلاقات بين الكويت وإيران يعتمد على الفهم المتبادل وبناء الثقة بين الطرفين، ومن أهم طرق ذلك، اللقاءات المباشرة، لاسيما في ظل الانطباعات النمطية وتراكمها من جانب واحد، والتي كرست كثيراً من اللبس والغموض، كما عززها مؤخراً الاحتقان الطائفي، ليصنع في النهاية حاجزاً نفسياً يحول دون التفكير في أي نوع من التواصل بين الجانبين.

Ad

العلاقات الكويتية- الإيرانية قد تكون في أفضل حالاتها منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 على المستوى الرسمي والدبلوماسي، ولكن لابد من توطيد هذه العلاقات عبر المؤسسات غير الحكومية التي تمثلها النخب الأكاديمية والثقافية والإعلامية، وغيرها من منظمات المجتمع المدني حتى تكتمل أركان التطبيع الشامل.

تعزيز العلاقات الشعبية بدوره يعتمد على الفهم المتبادل وبناء الثقة بين الطرفين، ومن أهم طرق ذلك، اللقاءات المباشرة، لاسيما في ظل الانطباعات النمطية وتراكمها المستمر من جانب واحد، والتي كرست الكثير من اللبس والغموض، وعززها مؤخراً الاحتقان الطائفي ليصنع في النهاية حاجزاً نفسياً قد يحول دون التفكير أصلاً في أي نوع من التواصل بين الجانبين.

من أجل تغيير هذه النمطية، تقوم نخبة أكاديمية من أساتذة الكليات الإنسانية بزيارة إيران، وبدأتها بمدينة مشهد المقدسة، وفي أحد اللقاءات المثيرة للاهتمام التقى الوفد بأحد أبرز الفقهاء، وهو آية الله السيد محمد سيّدان، في أمسية جميلة تميزت بالصراحة والصدق والأريحية، انتهت بإجماع الحاضرين من التوجهات والتيارات الفقهية الشيعية والسُّنية على أن القواسم المشتركة بين المسلمين واسعة، وكفيلة بأن تكون صمام الأمان للجميع، وقادرة على خلق جبهة قوية لمواجهة المد المتطرف والإجرامي الذي بات يشكل تهديداً لعموم المسلمين، بل معول هدم لأسس الحياة في الكثير من الدول الإسلامية.

السيد سيّدان أدلى بحديث يثلج الصدور في بيته المتواضع، ووسط مكتبة زاخرة بالمراجع الدينية والتاريخية، مفاده قيام الرموز الدينية من الطائفتين السنية والشيعية بالتصدي الصريح للمتطرفين من اتباع كل منهما، في مقابل الدفع بالقواسم المشتركة بينهما من أجل تعزيز روح التسامح والثقة من جهة، واحترام الاختلافات والاجتهادات للجميع عبر الحوارات العلمية وبروح أخوية وأخلاقية من جهة أخرى.

قوبل هذا الحديث بمداخلات وتعليقات لا تقل حرصاً على تأكيد هذه المعاني الجميلة من قبل الأكاديميين الكويتيين، وفي مقدمتهم عميد كلية الشريعة والعميد المساعد بالكلية، وانتهاءً بالأساتذة من مختلف التخصصات الإنسانية، وخصوصاً في ما يتعلق بدحض كيد المتطرفين والتأكيد على المصلحة العامة للمسلمين وحرمة دمائهم وأعراضهم وتغليبها على المجاملات الخجولة والحرج الذي يمنع البعض في مواجهة التصرفات الشائنة لتلك المجاميع المريضة والمنحرفة فكرياً وأخلاقياً.

من أجل دعم هذا التوجه وكسر حاجز الرهبة النفسية وعقدة الحرج لدى العديد من كبار الشخصيات الدينية لمواجهة التطرف والانحراف تقدمت باقتراح إلى السيد سيّدان بضرورة عقد لقاء سريع بين أقطاب هيئة كبار العلماء في السعودية، ونخبة علماء الأزهر الشريف ورموز المرجعية الدينية في قم والنجف الأشرف لفتح آفاق جديدة للتواصل والتنسيق والظهور المشترك عبر وسائل الإعلام لطرح ومباركة نشر هذه المفاهيم السامية، وأتمنى من جميع الغيورين والمخلصين دعم هذه المبادرة حباً في الله وتحملاً للمسؤولية الأخلاقية والإنسانية، لعلها تكون بداية خير لنا وللعالم أجمع.