يضم معرض نايري شاهينيان المقبل في بيروت مجموعة أعمال تصويرية بدأتها المصورة عام 2010، من شأنها أن تعرف الجمهور اللبناني إلى الممارسة التجريبية التي قامت بها، والتي تظهر نهج التصوير عندها سواء كوسيط تشاركي أو نطاق تطويري من الاستطلاع. تستند الفرضية المفاهيمية لهذه السلسلة المعروضة بدءاً من عنوانها إلى حضور حفلات موسيقية ورصد لحظات تواصل الفنان مع الفنان والتقاطها بعدستها.
تلتقط شاهينيان صوراً لمجموعة من الفنانين مختارة المواضيع استناداً إلى حدسها فقط كمرجع لفكرتها سواء كانت على معرفة مسبقة بذلك الموسيقي أو حتى سمعته للمرة الأولى، محاولة ترجمة التبادلات الصوتية المحسوسة إلى انطباعات بصرية راهنة. تحمل الكاميرا بيدها وتحاول جاهدة أن تعرض التصاعد المكثف لذلك المشهد العلني وتثبت صورتها عند لحظة استوحتها مسبقاً تشعر بها باقتراب إدراكها من لحظات الفنان وهو في ذروة استمتاعه أثناء العرض، فتصبح عندها تلك اللحظات الموسيقية متعمقة وشاملة في حواس المتفرج كافة. تعطي الصور المأخوذة الناتجة من تلك اللحظات فكرة إشكالية تكاد تخفي هوية الموسيقي الذي التقطت شاهينيان صورته، من مادونا أو فرقة ميتاليكا أو روجر ووترز إذ يظهر كل منهم على شكل خيالات مشكلة من الضوء واللون والمصورة من دون سابق معرفة لذلك تظهر طاقتهم المنطلقة متحدية سرعة التقاط الصورة. على سبيل المثال أيضاً عام 2013 التقطت شاهينيان مجموعة من الصور الفوتوغرافية للفنانة الموسيقية بيورك في حفلة في ألمانيا من مسافة كافية لتظهر المسرح المضاء بشكل خافت في حالة مشهدية بعيدة، بحيث تنفرد المغنية الايسلندية على المسرح وكأنها محاطة بسلسلة من الأضواء تعطيها توهجاً لونياً باهتاً، ما يرسمها بهيئة مجسمة لها شكل غريب وتتوجها من حولها غطاءات براقة مسهبة. كذلك التقطت شاهينيان صورة أخرى للفنانة نفسها ولكن من مسافة أقرب تتحرك فيها بيورك وتصبح حدود شكلها الملون بالأخضر والأصفر متلاشية إلى حد ما من الجهات كافة، فتظهر حركتها المتمايلة وكأنها تشبه يراعة في الليل تحاول شق طريقها في ظلام حالك السواد، ومن خلال عدسة المصورة هنا تظهر بيورك كقوة تتحدى الزمان والمكان الراهنين. حول الفنانة ولدت في دمشق 1984، وهي فنانة أرمنية مستقرة في دبي. تستند في نهجها التصويري إلى ممارسة التجارب الفنية المختلفة في البحث والاستكشاف، وغالباً ما توظف الأساليب التجريبية كأدوات للتحقيق والبحث ما يعطيها فرصة في توثيق ما يحيط بها من خبرات وتجارب مباشرة. بدأت شاهينيان معرفتها الفنية منذ الطفولة، إذ عملت مع والدها المصور الفوتوغرافي الرائد فاهي في دمشق. كانت ممارستها الفنية الأولى معه في رحلة تصويرية لمشاريع مختلفة بما فيها مشاريع توثيقية تاريخية لمواقع متنوعة في البلاد. وبينما كانت تعمل مع والدها في الاستوديو الخاص به، درست الرسم في مرسم الفنان عدنان عبد الرحمن تحت إشرافه، وحصلت على دبلوم في التصوير الاحترافي من معهد نيويورك للتصوير عام 2008. انتقلت إلى دبي وعملت مصورة مساعدة مع مصوريين إعلانيين مثل فيل بابر وتومي موريس. عرضت مجموعة من أعمالها في كثير من المعارض والفعاليات الفنية العالمية. شاركت في معارض عدة في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة، من بينها: آرت دبي العالمي 2015، المركز الإبداعي، الولايات المتحدة 2015، آرت سوا، الإمارات العربية المتحدة 2015، المعرض العالمي للفنانين المعاصرين، سويسرا (2014و2015)، غاليري أوبركامبف، فرنسا 2014، المركز الثقافي الفرنسي، سورية 2010، المركز البريطاني، سورية 2009، معهد غوته، سورية 2007.
توابل - ثقافات
«لحظات وجدانية» لنايري شاهينيان... ترجمة التبادلات الصوتية
28-05-2015