نتصور، بعد أسبوع من «عاصفة الحزم»، ماذا كان سيحصل لو أن هذه الخطوة تأخرت حتى الآن، وماذا كان من الممكن أن يحصل لو أنَّ الحوثيين، ومعهم علي عبدالله صالح، واصلوا تنفيذ خططهم التي بات من الواضح أنها ليست ابنة لحظتها، وأنها بدأت بالنسبة إلى الرئيس اليمني السابق منذ لحظة توقيع المبادرة الخليجية التي ألزمته بالتنحي والمغادرة، أما بالنسبة إلى عبدالملك الحوثي فإنها بدأت مبكراً حتى قبل بدء «الربيع العربي» وحتى قبل حروب الحوثيين الست مع صنعاء.
لقد اتضح أن الخطة المعدة بين علي عبدالله صالح والحوثيين تقضي بالتخلص من الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد إجباره على العديد من التنازلات التي تضع الحكم نهائياً في أيدي هؤلاء بعد إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية شكلية تكون إطاراً قانونياً وشرعياً لاتفاق تقاسم السلطة بين الطرفين، وهذا إن لم يبادر الرئيس السابق المعروف بألاعيبه ومناوراته، بالانقلاب على شركائه كما انقلب على كل من شاركهم على مدى سنواتِ ما بعد اغتيال الغشمي من قبل الرئيس الجنوبي الأسبق سالم ربيع الذي تم إعدامه من قبل رفاقه في الحزب الحاكم لارتكابه تلك الجريمة النكراء.ثم ولعل الأخطر أنَّ الإيرانيين، لو أن عمليات «عاصفة الحزم» تأخرت ولم تبدأ في تلك اللحظة التاريخية التي بدأت بها، كان سيصبح لهم في اليمن الآن ربما عشرات الألوف من حراس الثورة والعديد من مسلحي التنظيمات والتشكيلات المذهبية كتلك التي تقاتل الآن على الأراضي السورية، ومن بينها «حزب الله» اللبناني الذي هو مَن تولى تأهيل «الحوثيين» سياسياً وعسكرياً، بناء على تعليمات الوليِّ الفقيه علي خامنئي وتوجيهاته.قبل اللحظات الأخيرة من مساء يوم الأربعاء قبل الماضي كان هناك سباق مع الزمن، والمؤكد لو أن «عاصفة الحزم» تأخرت ليس أسبوعاً كاملاً، بل بضع ساعات فقط، لكان قاسم سليماني هو الآمر الناهي الآن في صنعاء وعدن، ولكانت قوات «الباسيج» تسد ثغر باب المندب، ولكان جواد ظريف فاوض الأميركيين والأوروبيين في لوزان من موقع القوة، ولكانت قد طرأت متغيرات إستراتيجية على معادلة موازين القوى في الشرق الأوسط كله.لنتذكر الآن، وبعد هذه الأيام القليلة من بدء «عاصفة الحزم»، كيف كانت إيران تتحدث مع منطقتنا العربية من فوق أنف علي يونسي وقاسم سليماني، وكيف كان ضعاف النفوس من العرب مستسلمين للإرادة الإيرانية، وكيف كان حسن نصر الله يهز «سبابته « في وجوهنا، وكيف كان جنرالات حراس الثورة يختالون كالطواويس ويمشون على رؤوس أصابع أرجلهم في شوارع بغداد ودمشق وبيروت!وهكذا، ويقيناً فإنه لو لم تبدأ عمليات «عاصفة الحزم» في اللحظة التاريخية الحاسمة التي بدأت بها لوضع الأميركيون كل بيضهم في السلة الإيرانية، ولأعطوا محمد جواد ظريف بالنسبة لمفاوضات النووي ما يريده الولي الفقيه ولما غيرت واشنطن مواقفها ولما تغير رجب طيب أردوغان ولما أصبح العالم ينظر إلى العرب بعين التقدير والاحترام... وربما لالتحقت حتى العديد من الدول الإسلامية بإيران وغدت تدور في فلكها كجزء من المنظومة الإيرانية.
أخر كلام
لو تأخرت «عاصفة الحزم»
03-04-2015