الأردن يتبنى نهجاً حاسماً في التصدي للجهاديين المحليين

نشر في 28-02-2015 | 00:01
آخر تحديث 28-02-2015 | 00:01
في محكمة أمن الدولة الأردنية وقف متشددو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعد حلق لحاهم مرتدين ملابس عسكرية خضراء في قفص حديدي أسود اللون شبيهاً جداً بذلك الذي وضع فيه رفاقهم في سورية الطيار الأردني معاذ الكساسبة وأحرقوه حياً. وهو ما أشعل حالة من الغضب في المملكة التي دخلت في تحالف غير سهل مع الغرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ولم يرمش جفن للمتهمين حينما أصدر القاضي العسكري أحكامه التي تراوحت بين السجن ثلاثة أعوام و15 عاماً مع الأشغال الشاقة. وكانت التهم شاملة: تجنيد عناصر وتهريب أسلحة ورجال للقتال في صفوف الجماعات المتشددة في سورية والترويج لفكر جماعة إرهابية من خلال فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي ومبايعة أبوبكر البغدادي الذي أعلن نفسه خليفة للدولة الإسلامية ودعوة الآخرين إلى مبايعته.

ولم يكن لهؤلاء أي علاقة مباشرة بإعدام الكساسبة، ولكن حكمت الرواشدة وهو أحد المحامين في محكمة أمن الدولة، قال، إن العقوبة القاسية متأثرة بذلك، مضيفاً أن أعداداً متزايدة من المتهمين أحيلت إلى المحاكم العسكرية منذ قام "داعش" بإعدام الطيار الأردني.

ويرفض المسؤولون المزاعم بوجود ظلم. ويقولون إن كثيرا من المحالين للمحاكمات اعترفوا بمشاركتهم في القتال في سورية. ويقول هؤلاء إنهم عادوا للأردن بعدما نفروا من كثرة الإعدامات وشدة العنف والدمار. ولكن الحكومة تخشى أن يكونوا جزءا من خلايا نائمة تعتزم شن عمليات إرهابية.

وهنا تكمن الإشكالية بالنسبة للأردن. فجيشه وأجهزة أمنه التي تتوخى اليقظة الشديدة تعتبر على نطاق واسع قادرة على التصدي لأي عمل بغرض توسيع رقعة الأراضي التي يسيطر عليها "داعش" في العراق وسورية لتشمل أراضي في المملكة.

ومشكلة أجهزة الأمن الأردنية هي التعامل مع المتعاطفين مع الجهاديين والموجودين بالفعل داخل الأردن. وهي أيضاً منشغلة جهة الغرب بالصراع المتأجج بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي الشمال والشرق ظهر "داعش" شاهراً دعوة للجهاد على المستوى الإقليمي.

والعشائر الأردنية في الضفة الشرقية هي الدعامة التي يقوم عليها تأييد العاهل الأردني الملك عبدالله ونظام حكمه الملكي الهاشمي. وهي أيضاً الدعامة التي يقوم عليها الجيش. ولكن هؤلاء يشكلون أقلية في سكان استوعبوا موجات من اللاجئين الفلسطينيين من الحروب العربية الإسرائيلية عامي 1948 و1967. واستوعب الأردن أيضاً مئات الآلاف من العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003. واستوعب أيضا 1.5 مليون سوري نزحوا جراء الحرب الأهلية في بلادهم.

ويكثر وجود الجهاديين المحليين في العشائر الفقيرة والطبقة العاملة بين سكان المدن من الأردنيين والفلسطينيين مثل معان والزرقاء. لذلك لم يتوان الملك ولا أجهزة أمنه في هذا المجال.

ولكن بمجرد ظهور الفيديو العنيف الخاص بإعدام الكساسبة قام الأردنيون بمن فيهم عشائر بارزة بضم الصفوف وراء الملك.

وتدفع حالة الغضب والسخط الشبان العاطلين عن العمل إلى الانضمام إلى صفوف "داعش". وكثيرا ما يكون ذلك لأسباب هي مزيج مما هو فكري وما هو مالي. ويقدر دبلوماسيون ومحللون أن ما بين 1500 و2000 أردني قاتلوا في سورية وأن هناك ما بين 6000 و7000 متعاطف مع الجهاديين داخل الأردن.

واتسعت الفجوة بين المناطق الغنية في العاصمة الأردنية مثل عبدون حيث يعيش الصفوة الأغنياء الليبراليون المتأثرون بالثقافة الغربية من جهة وشرق عمان المتداعي غير النظيف حيث يزدهر اليأس والفقر ويخلقان بيئة خصبة لمن يريدون تجنيد عناصر لتنظيم "داعش" من جهة أخرى.

وعلى الرغم من حرص الملك على تغذية الروابط مع العشائر الأردنية إلا أن الأردنيين ميسوري الحال يعيشون أيضاً في عالم منعزل عن القطاعات الدينية والمحافظة التي تعادي القيم التي يؤمنون بها.

(عمان- رويترز)

back to top