«خبير وطني» وظيفة «تحايلية»... «فضفاضة» ليس لها توصيف دقيق أو مدلول مفهوم، ولا توجد معايير ومواصفات واضحة لمن يشغلها. لكنها تذهب غالباً إلى المحظوظين، والمقربين، وماسحي الجوخ من المنافقين كمكافأة لهم عن تفانيهم في خدمة هذا المسؤول أو ذاك، كذلك تسيء، في حقيقة الأمر، إلى شاغلي الوظائف الحكومية الأخرى، كونها تتهمهم، ضمناً، بأنهم غير وطنيين أو عملاء في أضعف الأيمان!
كان وزير الثقافة السابق د. علاء عبد العزيز أول من لجأ إلى هذه الحيلة العجيبة عندما أصدر قراراً بتعيين الناقد المسرحي د. أحمد سخسوخ، العميد السابق للمعهد العالي للفنون المسرحية، في منصب {خبير وطني} للمسرح، ما أثار غضب وحفيظة ما يُسمى {أولتراس وزارة الثقافة}، وطالب الوزير، عبر موقع التواصل الاجتماعي الشهير {فيسبوك}، بسحب قراره المخالف للقانون، وأكد {الأولتراس}، في بيان أصدره، أن {محاربة الفساد لا تكون باختيار، وتعيين، شخصيات وفق منطق المحاباة}. وتساءل: {ما هي تخصصات الخبير الوطني وصلاحياته أم أن ذلك إلغاء لأدوار القائمين بالفعل على إدارة أجهزة وزارة الثقافة، وإهدار للأموال مع قلتها؟}. واختتم البيان بالقول إن {القرار يتعارض مع وعد سابق بضرورة الاعتماد على الكفاءات الشابة في الوزارة وهم كثر، ويمثل تحايلاً على القانون، وتعدياً على مناصب ودرجات وظيفية ولجان رسمية، ويُعد انحداراً وبداية سقوط مدو}!حدث هذا الأمر في عهد الوزير، الذي اتهم بأنه محسوب على جماعة {الإخوان المسلمين}. لكن المفاجأة، الصدمة، تمثلت في أن د. محمد صابر عرب، الذي تولى بعده وزارة الثقافة، عقب الإطاحة بحكم الإخوان، لم يتعظ بما حدث لسلفه، وسار على نهجه بالضبط، عندما فاجأ الوسط الثقافي بإصدار قرار يقضي بتعيين الدكتورة، وهي بالمناسبة ليست دكتورة بل موظفة سابقة في هيئة قصور الثقافة أحيلت إلى التقاعد، {مستشارةً لشؤون المهرجانات المصرية المحلية والدولية، بأنواعها السينمائية والتسجيلية والطفل والمسرحية، التي تشرف عليها وزارة الثقافة، وتحصل على أي دعم منها، وذلك للنهوض بالمستوى الفني والإداري للمهرجانات}.يومها كنا أول من يحذر من مغبة اتخاذ قرار بهذا الشكل، وقلنا إنه سيكون سبباً في صدام وشيك بين {الخبير الوطني}، التي كانت تشغل، حتى وقت قريب، منصب نائب رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والمهيمنة الفعلية على إدارته، وبين الناقد الكبير سمير فريد، الذي أصدر الوزير الأسبق نفسه قراراً بتعيينه رئيساً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، لكنها رفضت التعامل مع {فريد} عندما عرض عليها الاستمرار في منصبها، وفضلت الانسحاب، وبعدها أصبحت، بمقتضى القرار العجيب للوزير الأسبق، {المسؤولة عن شؤون المهرجانات المصرية المحلية والدولية، التي تشرف عليها وزارة الثقافة، وتحصل على أي دعم منها}، بل إنها بحكم ما يخوله لها القرار من مسؤولية {النهوض بالمستوى الفني والإداري للمهرجانات} قد ترى، حسب اعتقادها، أن مهرجان القاهرة السينمائي ملكية خاصة بالنسبة إليها، وأن الفرصة باتت مواتية، بقوة، للعودة إلى المهرجان من الأبواب الخلفية، وقد تمنح لنفسها حق التدخل في صميم مسؤوليات واختصاصات الرئيس الجديد للمهرجان، الناقد الكبير سمير فريد، وتصفية الحسابات القديمة معه، وربما تصل الأمور إلى حد استفزازه، بالدرجة التي تدفعه إلى تقديم استقالته من منصبه!سجلنا هذا، ونبهنا إليه، وكنا سبباً، مع شرفاء آخرين، في تجميد القرار، وإيداعه {درج} الوزير الأسبق. بل إن بعض مساعديه بادر إلى نفي صدور قرار كهذا جملة وتفصيلاً، لكن يبدو أن الحلم في استعادة المهرجان ما زال يراود {السيدة العجوز}؛ حيث شهدت الدورة السادسة والثلاثون (9 ـ 18 نوفمبر 2014) بعض المؤامرات الخبيثة التي كشفت عن أفعال صبيانية لإفساد فعاليات الدورة، وتعكير صفو تظاهراتها، وتجلت الصغائر، بقوة، في إطلاق طوفان من الإشاعات الرخيصة، التي لم تشهدها دورة سابقاً؛ بدأت بالتشكيك في الذمة المالية لرئيس المهرجان، والزعم أنه يُسافر إلى المهرجانات السينمائية العالمية، على نفقة المهرجان، ويكبد موازنته ملايين الجنيهات المصرية، وهو ما نفاه بشكل قاطع في مؤتمر صحافي، عندما أكد أن الجريدة التي يكتب فيها هي التي تنفق على جولاته المهرجاناتية، وهدد بمقاضاة أصحاب الاتهامات الرخيصة. وبعيداً عن رئيس المهرجان شهدت الساعات القليلة قبل إقامة حفلة الافتتاح إطلاق إشاعة استهدفت هز استقرار المهرجان، من خلال القول إن مكان الحفلة تغير، وتكررت الإشاعة نفسها مع اقتراب حفلة الختام، كذلك طاولت الإشاعات المركز الصحافي، عبر اتهامه بأنه يُقصي الصحافيين الذين يوجهون انتقادات للمهرجان، ويعاقبهم بالحرمان من موافاتهم بأي أخبار! إشاعات جاءت في إطار خطة محكمة ودقيقة لتخريب الدورة السادسة والثلاثين والإطاحة برئيسه الحالي، الذي كان مُحقاً عندما وصف البيانات المضللة بأنها نوع من {الإرهاب}!
توابل - سيما
فجر يوم جديد: {السيدة العجوز} !
21-11-2014