لاتزال الأنظار متجهة إلى محافظة السويداء جنوب سورية، والتي تسكنها غالبية درزية، وذلك بعد تقدم المعارضة في المنطقة والتخوف من شن «داعش»

Ad

أو «جبهة النصرة» هجوماً على الأقلية الدرزية التي تعتبر كافرة بالنسبة إليهما.  

شن مقاتلو كتائب المعارضة السورية في «الجبهة الجنوبية»، أمس، هجوما جديداً على مطار الثعلة العسكري في محاظفة السويداء جنوب البلاد، وذلك بعد انسحبوا من الأجزاء التي سيطروا عليها، أمس الأول، نتيجة القصف الجوي الكثيف الذي استهدفهم من قوات النظام، وبعد وصول تعزيزات من قوات الدفاع الوطني واللجان الشعبية» إلى المنطقة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «قصف الطيران الحربي نقاط تمركز الفصائل الإسلامية والمقاتلة في محيط المطار»، وتحدثت مصادر المعارضة عن أكثر من 45 غارة نفذت على المطار ومحيطه.

ويعد مطار الثعلة الذي يفصل بين «اللواء 52» في ريف درعا ومدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية من أكبر المطارات العسكرية في جنوب سورية.

وأعلنت «الجبهة الجنوبية» التي تضم مجموعة فصائل معتدلة وأخرى إسلامية أمس الأول انها أطلقت معركة السيطرة على المطار، ومن ثم أعلنت أنها سيطرت على أجزاء واسعة منه.

وبدأت معركة الثعلة بعد أن تمكنت المعارضة من السيطرة على «اللواء 52» المجاور في ريف درعا، والذي يعد ثاني أكبر تجمع عسكري للنظام وخط الدفاع الأول عن دمشق من ناحية الشرق.

استنفار في السويداء

الى ذلك، لايزال التوتر سيد الموقف في السويداء ذات الغالبية الدرزية. وأفادت التقارير المحلية عن استنفار عسكري في المدينة، حيث شوهد كل الرجال وهم يحملون السلاح ويقومون بدوريات حراسة.  

ويتخوف الدروز من التعرض لهجوم واسع من قبل الجهاديين؛ سواء في تنظيم «داعش» أو «جبهة النصرة» اللذين يكفران الطائفة الدرزية. كما ينقسم الدروز ثلاثة أقسام بين موال لنظام الأسد والمعارضين أو المتعاطفين مع المعارضة، وبين الذين يقفون على الحياد.  ولكن الأمر لا ينحصر في هذه القسمة. فهناك ميليشيات درزية تحمل السلاح وتحاول الدفاع عن الطائفة باتخاذ سياسات متوازنة بين طرفي النزاع. ومن هذه الميليشيات ميليشيا «شيوخ الكرامة» التي تضم حوالي 5 آلاف مقاتل ويقودها الشيخ وحيد البلعوس المعروف بـ»أبوفهد».

«شيوخ الكرامة»

ودعا البلعوس أمس الأول إلى «مراقبة كل مداخل ومخارج وطرقات المحافظة، واعتقال رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء وفيق ناصر، ومحاسبته على ما وصفه بـ «مخططات الفتنة التي كان ومازال يقوم بها وعمل على تأجيجها بين محافظتي درعا (سنة) والسويداء (دروز)».

وقال البلعوس في بيان: «بناء على الأحداث الخطيرة التي ألمَت بجبل العرب والعروبة: سويداء الكرامة والعزة والشموخ، نحن الواقفين على خطوط الدفاع عن كرامة الأرض والعرض نعلن الوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات القتالية من المحافظتين درعا والسويداء».

وحمل البيان «المسؤولية كلها لما يجري من عمليات إرهابية وإطلاق قذائف الهاون على السويداء إلى اللجنة الأمنية في المحافظة التي لم تكن بحجم المسؤولية الوطنية العليا»، وأهاب بـ«أهالي السويداء ومقاتلي آل معروف للاستنفار والجاهزية الكاملة من أجل التصدي لأي طارئ». وكان «شيوخ الكرامة» أوقفوا أرتالا عسكرية تضم سلاحا حاول النظام إخراجه من السويداء وبسطوا سيطرتهم عليه.

«الجبهة الجنوبية»

في المقابل، أكدت القيادة المشتركة لـ«الجبهة الجنوبية» أنها تدين بشدة «محاولات النظام لزرع الفتنة بين أطياف المجتمع السوري، وخصوصا بين محافظتي درعا والسويداء الجارتين بهدف إشعال فتيل التوتر الطائفي».

وأوضح البيان أن «الجبهة الجنوبية تدين قصف مدينة السويداء بقذائف الهاون، وتعتبر أن النظام هو من قام بهذا الفعل، لعزل أبناء المدينة عن محيطهم الحيوي في الجنوب السوري»، على حد وصف البيان. وأكد أن «الجبهة الجنوبية» تبذل كل الجهد لمواجهة خطر تقدم تنظيم «داعش» إلى السويداء.

وبشأن قتل أعداد من الدروز على يد مقاتلي «جبهة النصرة» في قرية قلب لوزة بريف إدلب، قال البيان إن»الجبهة الجنوبية تدين بأقسى العبارات هذه المجزرة، وتعتبرها جريمة بحق العيش المشترك والمستقبل السوري عموما».

كما أضافت قيادة «الجبهة الجنوبية» في بيانها أنها ستتابع جهودها لإنهاء ملف المخطوفين في جميع مناطق وجود تشكيلاتها، ولاسيما في درعا والسويداء.

بدوره، أكد قائد «جيش اليرموك» أكبر فصائل المعارضة السورية المنتشر على تخوم السويداء بشار الزعبي (أبوفادي) أن «تحرير اللواء 52 كان من الإنجازات العسكرية المهمة للثورة السورية، باعتباره ثاني أكبر الألوية المقاتلة، وكان يشكل خطرا كبيرا على الجبهة الجنوبية، لما فيه من أعتدة عسكرية ومعدات قتالية وقوى بشرية، كما أنه يشكل البوابة الشرقية لدمشق. فتحرير درعا من هذا اللواء هو بداية فتح طريق دمشق، وليس كما يقول البعض فتح طريق السويداء».

وقال إن «السويداء ليست هدفا عسكريا للمعارضة السورية، فهي محافظة سورية وأهلها سوريون، ولا أحد يمكنه التفريق بين السوريين، لا بشار الأسد ولا غيره. وأمام أهل السويداء خيارات واضحة، إما داعش والنظام، وهما عملة واحدة، وإما الوقوف مع أحرار سورية، فالنظام سيقدمهم وقودا لداعش كما فعل في الحسكة».

وحذر أبناءها مما سماه «المخطط الإيراني في المنطقة، والذي ينفذه النظام السوري، بعد أن أدخل مجموعات من مقاتلي داعش إلى السويداء، بهدف تحويلها كوباني أخرى لاستدعاء التدخل الدولي إليها».

ويشكل الدروز نسبة ثلاثة في المئة من الشعب السوري البالغ تعداده قبل الحرب 23 مليونا، وينتشرون خصوصا في محافظة السويداء.

المقداد: «المناطق الرئيسية» آمنة

اعتبر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن «العاصمة الآن هي في وضع أقل خطورة والمناطق الرئيسية في الغرب آمنة»، زاعماً أن الحكومة السورية الموالية لنظام الرئيس بشار الأسد كانت تحت مزيد من الضغط‭‭ ‬‬‬في أول عامين من الصراع الذي بدأ في عام 2011.

وبالرغم من تراجع سيطرة النظام الى ربع مساحة سورية بعد ان تمكن «داعش» من السيطرة على نصف البلاد، في حين تسيطر الفصائل الاخرى المعارضة للنظام على الربع المتبقي، لخص المقداد الأوضاع الميدانية بالقول: «دمشق كانت تحت تهديد مباشر. في الوقت الحاضر دمشق هي قطعا ليست تحت مثل هذا التهديد. حمص آمنة وحماة آمنة والآن القلمون آمنة»، مشيرا إلى سلسلة جبال على طول الحدود الغربية مع لبنان.

واعتبر أن «التحالف الجديد» بين المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر وبدعم من الغرب أعطى دفعة قوية للجماعات التي تقاتل القوات الحكومية، وقال: «لقد تم بعض التقدم سواء أحببنا ذلك أم لا»، لكنه أكد أن «الجيش أعاد تجميع صفوفه والتوقعات جيدة».

واضاف: «نأمل أن يكون أداء الجيش السوري مختلفا في غضون أيام قليلة إن لم يكن بضعة أسابيع». وعن الانتخابات التركية، قال المقداد إن النظام السوري يأمل تحسين العلاقات بين دمشق وأنقرة بعد «الصفعة» التي تلقاها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وأضاف:» نأمل أن تباشر القوى الحية على الساحة التركية التي حققت التغيير اغلاق الحدود بشكل كامل بين سورية وبين تركيا وطرد المجموعات الإرهابية من تركيا».

ودعا إلى تحسين التعاون والتنسيق مع العراق لقتال تنظيم «داعش».

أرسلان لحماية «الأرض والعرض»

دخل رئيس الحزب «الديمقراطي» اللبناني النائب طلال أرسلان أمس على خط التعليقات على أوضاع الدروز في سورية، معتبراً أن «كل من يحاول الاعتداء على جبل العرب ستكون مقبرته في جبل العرب»، ومشيرا إلى أن «الوقت هو وقت حماية الأرض والعرض، وعند هذا الحد تقف المصالح السياسية».

وقال أرسلان إن «ما حصل مع دروز إدلب بالمخطط الإسرائيلي التكفيري المشترك»، زاعماً أنه «بالمال العربي يذبح الدروز في إدلب». وأكد أنه «لا إشكال للدروز مع المحيط، والموقف الدرزي هو موقف وطني قومي بامتياز، وليسا موقفا طائفيا».

إسرائيل توازن موقفها: لا تدخل مباشراً إلا قرب الحدود

بعد أن كشفت «الجريدة» قبل أيام عن حصول أعيان الطائفة الدرزية في إسرائيل على وعد من وزير الدفاع موشيه يعالون بأن إسرائيل لن تسمح بأن ترتكب مجازر بحق دروز سورية، وعلى ضوء أخضر لجمع التبرعات وشراء أسلحة لدروز سورية، لاتزال تل أبيب توازن موقفها بشأن التطورات الميدانية في جنوب سورية، والتي بدأت تقترب من مدينة السويداء عاصمة جبل الدروز ذات الغالبية الدرزية.   

ولاتزال حكومة بنيامين نتنياهو تنتهج سياسة حذرة جدا في ما يتعلق بموقفها من التطورات، رغم حساسيتها لموقف دروز إسرائيل، الذين يشكلون جزءا لا يستهان به من الجيش الإسرائيلي.

وتؤكد المصادر أن إسرائيل قد تتدخل مباشرة قرب الحدود، وتحديدا في قرية الخضر الدرزية، لكنها لن تتدخل مباشرة في أماكن أخرى.

وتحدثت الصحف الإسرائيلية أمس باستفاضة عن التحركات التي قام بها كبار أعيان الطائفة الدرزية في إسرائيل، من أجل نجدة دروز سورية وحمايتهم من خطر تقدم الجهاديين.

ونقلت الصحف الإسرائيلية حالة القلق الشديد التي تسود أبناء الطائفة الدرزية الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي سواء في الجيش النظامي أو في قوات الاحتياطيين، ومطالبتهم بتحرك ما لإنقاذ أبناء طائفتهم.

ونشرت صحيفة هآرتس اليسارية أمس تقريرا اكدت فيه أن إسرائيل لن تتدخل في ما يجري في جبل الدروز، لأن التدخل فيه مخاطرة كبيرة قد تؤدي الى توريطها في الحرب الأهلية السورية.

ورأى الخبير في الشؤون الاستراتيجية شلومو أفينري أن مصير القرى الدرزية في هضبة الجولان، التي تؤيد بشار الأسد، يضع إسرائيل أمام تحد بسبب قلق دروز إسرائيل على مصير إخوتهم.