لا تزال الجهات الدولية المختصة تبحث عن شاغل لوظيفة "رئيس جمهورية" في سورية، حيث لم تفلح المحاولات السابقة في شيء، فمروراً بغليون وصولاً إلى البحرة والجربا لم ينجح أحد في اختبار القبول لوظيفة "رئيس جمهورية سورية"!

Ad

والرئيس الحالي الأسد في وضع يشبه مصرف الأعمال، ويبدو أنه بمنزلة "لم تسؤني ولم آمر بها"، هو يعلم قبل أي شخص آخر بعدم قدرته على السيطرة الكاملة على أراضي سورية، ويبدو واضحاً أنه يراهن على عدم إمكانية وجود شاغل لوظيفته الرئاسية.

ولا شك أن الوضع يفتح دائرة التكهنات حول التفاهمات الأميركية الإيرانية في هذا الصدد، وواضح أن التحركات المرسومة لـ"داعش" باتجاه أكثر من جبهة في سورية، وأهمها تدمر والقصة المضحكة إلى حد البكاء على آثارها التاريخية من دخول "داعش" وسيطرة التنظيم على المدينة واحتمالية تدميرها وتذكير العالم بما فعلته "طالبان" بآثار أفغانستان، وذلك لحاجة في نفس يعقوب، وللتغطية على أمور لا تنطلي على المتابع، وبعض الانسحابات من بعض الأماكن كمخيم اليرموك وإدلب أيضا هو لوضع "داعش" كبديل غير مناسب دولياً، وإشعال الوضع في مناطق حتى يخف الضغط عن مناطق أخرى، أي عمل تكتيكي بين عدة جهات يهمها الإبقاء على الأسد، حتى العثور على بديل.

السؤال الأهم: لماذا لم يتم إيجاد بديل حتى الآن؟

الجواب ببساطة: لأن الجهات التي تعمل لذلك لم تجد القائد الذي يستطيع السيطرة على القرار سياسياً وعسكرياً حتى الآن، وحتى لا تقع المنطقة في فوضى (الفوضى الموجودة الآن في نظر تلك الجهات أقل بكثير من الفوضى التي ستحدث فور إزالة الحكم الحالي)، والخوف موجود في الأذهان من تكرار النموذج الليبي في سورية، حيث الفوضى الشاملة.

ويبدو أن ما يحدث الآن هو تسويق بالباطن لاستمرار الحكم الحالي، والدليل اصطناع انسحابات متكررة للجيش في عدة مناطق، وإدخال "داعش" مكان الجيش، حتى تتم المساومة على بقاء الأسد، لأنه هو الأنسب بين السيئين، أو بصيغة أوضح: تريدون الأسد أم "داعش"؟!

إذاً محاولة إظهار "داعش" بالقوة الرهيبة هي محاولة مكشوفة، لأنه لا يتحرك إلا بأوامر مموليه ومرشديه، وإنني أتذكر أحد التصريحات المؤكدة لهذا التحليل، وهو تصريح من قائد أحد الأحزاب السياسية في لبنان، بأن الأسد قد يضطر إلى تسليم دمشق لـ"داعش" في حال ازداد الضغط عليه! وهو تصريح يؤكد أن "داعش" لايزال يستخدم كفزاعة لإطالة حكم الأسد، إلى أن يتم العثور على بديل أو يستمر في ظل وجود اللا بديل!

***

أتقدم بخالص التهنئة إلى الإخوة في "الجريدة" في الذكرى التاسعة لصدورها، وأتمنى لها ولكل العاملين فيها كل تقدم وازدهار.