تصاعدت حدة الأزمة بين مؤسسات الدولة المصرية والأزهر الشريف، على خلفية ملف تجديد الخطاب الديني، الذي يوليه الرئيس عبدالفتاح السيسي نصيباً من أولوياته.

Ad

ويبدو أن "تواضع" أداء الأزهر في ملف التجديد، فجَّر الأزمة بين الطرفين، في ظل هجمة إعلامية على شيخ الأزهر أحمد الطيب، تعالت خلالها أصوات داعية إلى استقالته، ما دفع المرجعية السنية الأولى في العالم إلى إصدار بيان شديد اللهجة، دفاعاً عن الطيب، نافية استقالته.

مشيخة الأزهر، وصفت الحديث عن استقالة الطيب، بـ"الشائعات المغرضة التي تعد جزءاً لا يتجزأ من حملة ممنهجة ضد الأزهر"، وأكدت في بيان رسمي لها أمس الأول، أن الحملة تهدف إلى الإساءة للأزهر، وأن "شائعة استقالة الإمام الأكبر أو عزمه الاستقالة عارية تماما من الصحة"، وكشف البيان أن الطيب أكد بشكل واضح أنه "ليس ممن يتخلى عن أمانته وواجبه، وأنه باق في المشيخة".

تواتر الحديث عن استقالة الطيب (مواليد 1946)، جاء في خضم أزمة مكتومة بين الأزهر والدولة المصرية، والتي تعود إلى عدة أشهر منذ إعلان الرئيس السيسي مطلع العام الحالي الحاجة إلى ثورة دينية، "للتخلص من أفكار ونصوص تم تقديسها على مدى قرون"، وهي الدعوة التي لم تلق أي تجاوب من الأمام الأكبر، الذي اعتبر وفقاً لمصادر مطلعة، حديث السيسي سبباً في الهجوم الإعلامي على مؤسسة الأزهر، خصوصا أن الإمام الأكبر رفض الإطاحة ببعض مستشاريه ممن لهم ميول إخوانية، وعلى رأسهم كبير مستشاريه حسن الشافعي.

وامتدت الأزمة إلى علاقة شيخ الأزهر بوزير الأوقاف محمد مختار جمعة، خصوصا أن الأخير يرى ضرورة التصعيد ضد جماعة "الإخوان"، وتطهير صفوف المؤسسة الدينية من عناصر الجماعة الإرهابية، وهو ما تسبب في توتر الأجواء بين الإمام والوزير، لاسيما أن الدولة كلفت وزارة الأوقاف بالإشراف على مؤتمر آليات تجديد الخطاب، الذي يعقد الشهر المقبل، دون الرجوع إلى الأزهر، وسط حديث عن تكليف مؤسسة الرئاسة للشيخ أسامة الأزهري، بملف تجديد الخطاب بشكل حصري.

وبدا كأن الرئيس السيسي راغب في احتواء الأزمة، عندما خرج يوم الجمعة الماضي، ليؤكد أن "تجديد الخطاب الديني عبر وسائل الإعلام ليس في مصلحة الدين ولا الوطن"، مشدداً على أنه لابد من التعامل بحذر ودقة ووعي مع مسألة تجديد الخطاب الديني، وأن ذلك يعد "مسؤولية أمام الله والوطن"، في محاولة على ما يبدو لحصر مهمة التجديد في المؤسسة الدينية.

وبينما نفى وكيل الأزهر، عباس شومان، لـ"الجريدة" وجود أي أزمة بين المشيخة ومؤسسات الدولة، رأى أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، أن الهجوم على المؤسسة الدينية يعد طبيعياً في ظل تصدي الأزهر للتيارات المتشددة، مضيفًا لـ"الجريدة": "هناك ثورة داخل الأزهر الآن في برامجه ومناهجه وأساتذته وجامعته، وشيخه يقود حملة واسعة لكي يعيد لهذه المؤسسة العريقة دورها الكامل".