أظهر استطلاع للرأي أن نصف الفرنسيين يؤيدون الحد من حرية التعبير، وأن 42% منهم يرفضون نشر رسوم كاريكاتورية عن النبي محمد، في حين دفعت تهديدات «إرهابية» حركة بيغيدا الألمانية إلى إلغاء مسيرتها الأسبوعية المعادية للإسلام.

Ad

نشرت صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" استفتاء للرأي أجراه معهد "إيفوب" للاستطلاعات، أظهر أن 50 في المئة من الفرنسيين، يعتقدون بوجوب الحدّ من حرية التعبير، بينما يرفض 49 في المئة الحدّ منها، أما ما نسبته 1 في المئة فلم يكن لهم رأي حيال الموضوع.

وبحسب الاستطلاع الذي أجري على الهاتف يومي 16 و17 يناير الجاري، واستهدف عينة من 1003 أشخاص يمثلون السكان الفرنسيين البالغين، فإن 4 من أصل 10 فرنسيين، أو ما نسبته 42 في المئة، يعتقدون بضرورة تجنّب نشر رسوم للنبي محمد.

ورداً على سؤال مفاده أن "بعض المسلمين يشعرون بأنهم جرحوا او اعتدي عليهم من خلال نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد"، رأى 57 في المئة، وجوب عدم الأخذ بعين الاعتبار ردود الفعل هذه، والاستمرار في نشر الرسوم الكاريكاتورية، مقابل 42 في المئة يعتقدون بوجوب أخذ ردود الفعل هذه بعين الاعتبار، وتجنّب نشر مثل هذه الرسوم الكاريكاتورية، في حين لم يحسم 1 في المئة أمرهم بعد.

ووفق نتائج الاستطلاع، فإن 81 في المئة من المستطلعين، يؤيدون مصادرة الجنسية الفرنسية من أصحاب الجنسية المزدوجة الذين أدينوا بارتكاب أعمال إرهابية على الأراضي الفرنسية، و68 في المئة مع حظر المواطنين الفرنسيين الذين ذهبوا إلى القتال في بلدان أو مناطق تسيطر عليها الجماعات الإرهابية من العودة إلى فرنسا، وكذلك 68 في المئة، مع منع سفر مواطنين فرنسيين يشتبه في رغبتهم بالسفر إلى بلدان أو مناطق تسيطر عليها الجماعات الإرهابية.

في المقابل، لم يؤيد 57 في المئة من المستطلعين مزيداً من التدخل العسكري الفرنسي في سورية واليمن وليبيا، في حين يرفض 63 في المئة تكثيف العمليات العسكرية الفرنسية في العراق.

تمديد الاستجواب

إلى ذلك، أفاد مصدر قضائي فرنسي أمس بأن تسعة من الأشخاص الـ12 الذين اعتقلوا يوم الجمعة الماضي في فرنسا، لا يزالون موقوفين على ذمة التحقيق في إطار الاعتداءات التي شهدتها باريس بين السابع والتاسع من يناير.

واعتقل المشتبه فيهم (8 رجال أعمارهم بين 22 و46 سنة و4 نساء بين 19 و47 سنة) ليل الخميس- الجمعة في منطقة باريس لاستجوابهم حول "الدعم اللوجستي المحتمل" الذي قد يكونون قدموه خصوصاً الاسلحة والسيارات لأحمدي كوليبالي الذي قتل شرطية ثم احتجز رهائن في متجر يهودي شرق باريس في التاسع من الشهر الجاري. وفي بلجيكا قال وزير العدل توني جينز ان العقل المدبر للخلية التي اعتقلتها السلطات لايزال هارباً

«خلية ليستر»

وفي بريطانيا، ما زالت الأزمة مع "خلية ليستر" التي "تجند وتدعم إرهابيين في بريطانيا ودول أخرى" مستمرة، خاصة مع تصاعد الأصوات المطالبة بتشديد القوانين الخاصة بالإرهاب وترحيل الجزائري الأصل بغداد مزيان، المرتبط بهجوم "شارلي"، بعد أن فشلت السلطات في ترحيله كونه لجأ إلى قوانين حقوق الإنسان للبقاء.

ويرتبط مزيان بجميل بيغال المدان أيضاً بتهمة الإرهاب، والذي تولى "إرشاد" وتجنيد اثنين من المسلحين الذين قتلوا 17 في باريس الأربعاء قبل الماضي، وفق ما ذكرت صحيفة "تلغراف"، موضحة أنهما عاشا على مقربة من بعضهما في ليستر بالمملكة المتحدة، وقام مزيان بتوفير جواز سفر مزور ليساعد صديقه على السفر إلى أفغانستان والالتحاق بمعسكر تدريب لتنظيم القاعدة.

ولدى القبض على بيغال في مطار دبي عام 2001، اعترف الأخير بتخطيطه لتفجير مقر السفارة الأميركية في باريس، مما أدى إلى حبسه في فرنسا، إلى جانب مزيان وجزائري آخر يدعى إبراهيم بن مرزوقة.

اعتقالات اليونان

وفي بلجيكا، أكدت النيابة المكلفة التحقيق في الخلية الجهادية التي تم تفكيكها خلال الأسبوع الجاري بينما كانت على وشك شن هجمات، أمس، أن عمليات الاعتقال التي جرت في أثينا لا علاقة لها بهذه الخلية.

وقال الناطق باسم النيابة الفدرالية ايريك فان در سيبت "تبين انه لا علاقة بين هؤلاء الاشخاص والتحقيق". وكان مصدر امني يوناني اعلن انه تم توقيف اربعة اشخاص على الاقل مساء أمس الأول في اثينا في اطار التحقيق بشأن خلية اسلامية متطرفة تم تفكيكها هذا الاسبوع في بلجيكا حين كانت على وشك تنفيذ هجمات.

إيطاليا

وفي إيطاليا، طردت السلطات منذ بداية ديسمبر الماضي 9 أجانب يشتبه في أنهم جهاديون، ولديها لائحة بمئة آخرين مقربين من الإسلاميين المتطرفين. وأوضح وزير الداخلية أنجيلينو الفانو، خلال مؤتمر صحافي أمس، أن خمسة تونسيين وتركياً ومصرياً ومغربياً وباكستانياً طُرِدوا من البلاد، مبيناً أنه "متأكد من أن آخرين سيُطرَدون لاحقاً".

وتابع الوزير أن حوالي مئة شخص يخضعون لمراقبة وثيقة ويشتبه في تعاطفهم مع "الأنشطة الجهادية والإرهابية" أو حتى يستعدون للمشاركة فيها، مشيراً إلى أن إيطاليا "تواجه تهديدا وشيكاً يمكن أن ينفذ في اي مكان في قارتنا. وفي مواجهة هذا الخطر المحتمل، لقد رفعنا الأمن الى أعلى مستوياته".

تظاهرات النيجر

وفي النيجر، اطلقت الشرطة النيجرية الغاز المسيل للدموع أمس لتفريق متظاهرين من المعارضة تجمعوا في نيامي رغم حظر فرضته السلطات غداة أعمال عنف دامية في تظاهرة ضد "شارلي ايبدو" اوقعت خمسة قتلى. وتجمع المئات أمس في ساحة تومو وسط نيامي للسير الى البرلمان. وقد تفرقوا في الشوارع المجاورة لإعادة تنظيم صفوفهم قبل أن يهاجموا الشرطة بالحجارة ويحرقوا الاطارات.

وقتل خمسة اشخاص في نيامي أمس الاول خلال تظاهرات عنيفة احتجاجا على نشر صحيفة شارلي ايبدو رسماً مسيئاً، وذلك غداة مقتل خمسة اشخاص آخرين في زندر، ثاني كبرى مدن النيجر، كما اعلن الرئيس محمدو ايسوفو.

وعمد المتظاهرون إلى احراق 10 كنائس على الاقل ومحال تجارية تعود لمسيحيين في هذا البلد حيث الغالبية المسلمة.

«بيغيدا» تتراجع

وفي ألمانيا، أعلنت حركة "بيغيدا" المعادية للإسلام أمس على موقعها على الفيس بوك عن إلغاء مسيرتها اليوم في مدينة دريسدن بسبب تلقيها تهديدات "إرهابية إسلامية".

وأفادت وكالة الأنباء الألمانية بأن التهديدات "الإرهابية" التي وجهها متطرفون إسلاميون إلى لوتس باخمان القائم على تنظيم التظاهرات هي تهديدات "ملموسة"، مؤكدة أن سلطات الأمن الألمانية تلقت إشارات بهذا الخصوص يوم الجمعة الماضي من أجهزة استخبارات أجنبية.

(باريس، برلين، بروكسل ــــ

أ ف ب، رويترز،  د ب أ)

هل انتهت أسطورة «الذئاب المنفردة»؟

رأى خبراء أن اعتداءات باريس وتفكيك خلايا إسلامية متطرفة في بلجيكا تنهي فكرة "الذئاب المنفردة" التي تنحو الى التطرف وممارسة العنف بصورة منفردة دون علاقة بتنظيم متطرف.

وسواء تعلق الأمر بالأخوين كواشي منفذي "هجوم شارلي إيبدو" أو أحمدي كوليبالي محتجز الرهائن في متجر يهودي بباريس أو باقي المتطرفين الإسلاميين الذين مارسوا العنف في السنوات الأخيرة في الدول الغربية، تظهر التحقيقات أنه كان لهم بدرجات متفاوتة صلة أكيدة بتنظيمات أو تيارات إسلامية متطرفة منخرطة في ما تعتبره "جهادا عالميا".

ويقول استاذ العلوم السياسية بباريس جان بيار فيليو ان "اسطورة الذئب المنفرد هي مجرد اختراع لمثقفين أميركيين"، مضيفاً أن "التلويح بشبح الذئب المنفرد ليس من شأنه سوى اشاعة الغموض وتفادي تحديد المسؤولين الحقيقيين عن الارهاب اي من يعطون الاوامر المتمركزين في الشرق الاوسط".

ويعطي لوي كابريولي القائد السابق لمكافحة الارهاب في جهاز سلامة الاراضي الفرنسي مثالا عن منفذ الهجوم على المتجر اليهودي في باريس ويقول "يبدو ان كوليبالي لم يكن له اتصال مباشر مع داعش، إلا أنه اختار ان يكون ذراعهم المسلحة"، مضيفاً: "لقد استلهم تهديداتهم ضد فرنسا وجعل منها معركته هذه قوة الخطاب الجهادي".

وخلال فترة طويلة كان المثال على الذئب المنفرد هو الميجور نضال مالك حسن الطبيب النفسي في الجيش الاميركي الذي اطلق النار في سبتمبر 2009 على جمع من الجنود في قاعدة فورت هود بتكساس موقعا 13 قتيلا. ومع انه تصرف منفردا، فقد اظهر التحقيق انه كان على صلة بتنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب".

ويرى مركز الابحاث "صوفان" في نيويورك انه يتعين استبدال مصطلح "الذئاب المنفردة" بمصطلح "الذئاب المعروفة"، لأنه يبدو ان معظم المتطرفين الذين ينفذون عمليات كانوا معروفين وتحت المراقبة في كثير من الأحيان من قبل قوات الأمن.

(باريس ــ أ ف ب)

نظرية المؤامرة تسيطر على الإنترنت

بعد ساعات فقط على الهجوم، الذي استهدف صحيفة شارلي إيبدو في باريس، عادت نظريات المؤامرة إلى الواجهة من جديد على شكل تساؤلات عجت بها شبكات الانترنت خصوصاً حول هل هي عملية لأجهزة الاستخبارات، أم مؤامرة من وسائل الإعلام أم ضد المسلمين؟

وعلى غرار ما حصل في 11 سبتمبر 2001، فقد انطلقت آلة اختلاق الشائعات على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد بث الصور الأولى للهجوم، ومن أبرزها أن الأخوين كواشي استخدما عدداً من السيارات، كما تؤكد ذلك المرايا الخلفية البيضاء في إحدى الصور، قرب مكان الهجوم، ثم السوداء بعد قليل، بعد ترك السيارة. إلا إذا كان نوع السيارة المستخدمة مزوداً بمرايا ملونة تتغير بفعل النور، كما قال الاختصاصيون.

وتؤجج كل الدلائل نظريات المؤامرة، بدءاً ببطاقة الهوية التي فقدها أحد الأخوين كواشي، وسماعة الهاتف غير الموضوعة في مكانها الصحيح في متجر الأطعمة اليهودية الحلال لدى احتجاز الرهائن، بعدما استخدمه أحمدي كوليبالي أو خريطة المسيرة الجمهورية في 11 يناير عبر باريس التي رسمت حدود اسرائيل.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال إيمانويل طيب استاذ العلوم السياسية في ليون والمتخصص في نظريات المؤامرة، إن الهجوم غير المسبوق على "شارلي"، "حدث يمثل خروجاً على النظام الاجتماعي والسياسي. ومن الضروري التعامل مع هذه الصدمة عبر تفسيرات".

وتعليقاً على الذين يرون في الهجوم مؤامرة اجهزة سرية او يرونه جزءا من مؤامرة يهودية-ماسونية في كل مكان، قال إن "القراءة السائدة كما قدمتها الشرطة ورجال السياسة والمحللون، تعتبر هزيلة ومخيبة للآمال. لذلك تسقط أو تتعرض للتشكيك ليحل بدلاً منها تحليل آخر اكثر إغراء ويسبب مزيدا من القلق".

ويقول محمد تريا (49 عاما) المسؤول في مؤسسة ورئيس ناد لكرة القدم في لا دوشير، أحد الاحياء الصعبة في ليون، ثالث مدينة في فرنسا، إن "تفسير احداث الاسبوع الماضي كان مختلفاً في هذه الأحياء"، حيث ان شبكات التواصل الاجتماعي، المصدر الوحيد لها وقاطنوها يعتقدون أن ما تقوله هو الحقيقة. إنها نظرية المؤامرة الكبيرة".

لكن هذه النظريات لا تغري فقط الشبان، كما أكدت ذلك حالات معلمة طردت في بوبينيي قرب باريس، أو موظفون بلديون عوقبوا في ليل "عاصمة" الشمال. فقد رأوا جميعاً ان الاعتداء كان مؤامرة.

وقبل الاحتجاج على التصريحات المنسوبة إليه، انضم الرئيس الفخري للجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) جان-ماري لوبن، الى نظرية المؤامرة. ففي مقابلة نشرتها الجمعة صحيفة كومسومولسكايا برافدا، قال ان الاعتداء على شارلي ايبدو "يحمل توقيع اجهزة الاستخبارات".

(باريس- أ ف ب)