قوات إيرانية في دير الزور... لماذا؟!
إذا كان صحيحاً أن إيران أرسلت قوات عسكرية «نظامية» إلى سورية للقتال في دير الزور بحجة مواجهة تنظيم «داعش» فإن هذا يعتبر تطوراً في غاية الخطورة، إذ إنها بهذه الحجة ستحتل دولة عربية رئيسية وأساسية، وسيشكل هذا تهديداً لكل الدول المجاورة بما فيها تركيا التي بقيت على مدى الأعوام الأربعة الماضية تتحاشى تردي خلافاتها مع طهران، لأسباب متعددة أهمها المصالح الاقتصادية التي قفزت في السنوات الأخيرة إلى أرقام فلكية.والمعروف أن التدخل الإيراني في سورية كان منذ اليوم الأول الذي انطلقت فيه شرارة الثورة السورية في عام 2011، ولكن هذا كان تم من خلال الميليشيات المذهبية، التي تم استيرادها حتى من أفغانستان وباكستان، وبالطبع من إيران نفسها، ومن العراق، وذلك إضافةً إلى كبار الجنرالات من حراس الثورة الإيرانية، وفي مقدمتهم النجم الساطع قاسم سليماني، فضلاً عن ميليشيات «حزب الله» اللبناني!
إنه تطور خطير جداً، وهذا يؤكد كل ما قيل عن أن إيران، ومعها هذا النظام السوري، ساهمت في اختراع «داعش» بهدف إلصاق تهمة الإرهاب بالمعارضة السورية، وإظهار أن نظام بشار الأسد ككل الدول المنضوية في إطار التحالف الدولي، لديه الرغبة والقدرة على المشاركة في هذه الحرب الكونية التي تشن على هذا التنظيم، الذي لم يُطلِق طلقة واحدة ضد القوات الحكومية السورية، ولم يتفوّه بكلمة واحدة ضد نظام الولي الفقيه رغم كل ما يفعله في العراق وفي «القطر العربي السوري» ولبنان واليمن، والمنطقة كلها. والمستغرب هنا هو أن الولايات المتحدة تصمت صمت أهل القبور إزاء هذا التطور الخطير جداً، الذي يستهدف أمن هذه المنطقة كلها، كما تفعل إسرائيل الشيء نفسه، وهذا يعني أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن هذا التردد الأميركي بالنسبة للأزمة السورية المتفجرة ليس مجرد خطأ في الحسابات والتقديرات، وليس مجرد مناورات لإسقاط نظام بشار الأسد بدون إغراق الشرق الأوسط في حروب مدمرة قد لا تنتهي لعقود مقبلة عديدة.اعتقد كثيرون أن هدف زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الأخيرة لسورية، التي شملت العراق ولبنان أيضاً، هو إقناع بشار الأسد بالحل الذي لا يزال غامضاً لإنهاء الأزمة السورية، لكن اتضح من خلال تصريحات هذا المسؤول المقرب جداً من مرشد الثورة علي خامنئي، أن المعلومات التي تتحدث عن وصول قوات إيرانية إلى دير الزور فيها الكثير من الصحة، لأن إيران لا يمكن أن تفرط في هذا النظام الذي يشكّل نقطة الارتكاز لمشروعها التمددي في هذه المنطقة، والذي كان له الدور المؤثر خلال حرب الأعوام الثمانية العراقية - الإيرانية، ولهذا فإن إيران لن تسمح بإزاحة نظام دمشق، حتى وإن اضطرت لإرسال كل ما تملكه من ميليشيات وقوات عسكرية إلى الأراضي السورية.إن إيران هي المسؤولة، ومعها روسيا بالطبع، عن كل هذا الدمار المروِّع الذي حلّ بسورية، وعن نزوح الملايين من السوريين من بلدهم، وعن قتل مئات الألوف من هؤلاء، كما أنها عندما ترسل قوات إلى دير الزور بحجة مواجهة تنظيم «داعش»، الذي يمكنها مواجهته في العراق، فإنها في حقيقة الأمر تستهدف تركيا، كما تستهدف المنطقة كلها، والغريب أن الولايات المتحدة لا تحرك ساكناً إزاء هذا التطور، كما أن إسرائيل تكتفي بمتابعة هذه الأخبار كأنها ليست مستهدفة، وكأنها ليست في هذه المنطقة، فهل هناك مؤامرة ستكشف حقيقتها الأيام المقبلة؟ وهل هناك لعبة دولية جديدة يا ترى؟!