على مدار سنة ونصف، خضع سوق الكويت للأوراق المالية لضغوط كبيرة من خلال حملة نيابية أطلقت لتعديل قانون هيئة أسواق المال، وانخفض مستوى السيولة الى نسب متدنية جدا، ليصل في بعض الأحيان إلى 8 ملايين دينار، وتراجعت المؤشرات العامة للسوق، ولم ينجح في تخطى مستوى 7 الاف نقطة.
ونتيجة للأداء المتواضع لسوق الكويت للأوراق المالية عقب الموافقة على مقترحات التعديلات في المداولة الأولى وإقرار التعديلات الحكومية في المداولة الثانية، بات مؤكداً بما لا يدع مجالا للشك أن إجراء تعديلات على مواد القانون رقم 7 لعام 2010 وخاصة المادة 122 كان بمنزلة شماعة للبعض لتعليق الأداء السلبي للسوق عليها، وسط تجاهل التصنيفات المستمرة للسوق بكونه مضاربياً، وأن الأثر النفسي يشغل حيزا كبيرا في توجيه المستثمرين، فيه ولاسيما الصغار منهم.وقالت مصادر مراقبة لـ«الجريدة» إنه منذ صدور القانون 7 لعام 2010 توالت الأحداث ووجهت لتُفضي في مجملها إلى إمكان تعليق العمل بمواد قانون هيئة سوق المال ولائحته التنفيذية لمصالح شخصية لا تخدم السوق المالي بشكل عام على الرغم من إبداء مجلس المفوضية السابق مرونة في التطبيق وإجرائه بعض التعديلات على القانون ولائحته التنفيذية، وتأكيده أنه لا يوجد ما يمنع من اجراء تعديلات على القانون، ولكن بعد عبور مرحلة من التطبيق الفعلي لإثبات ذلك.وأوضحت المصادر أنه كانت هناك محاولات تدفعها بعض الأيادي الخفية ليتم استغلال هذه الفرصة لتكون التعديلات بأوسع قدر ممكن من الإمكانيات، على اعتبار أن هذه الفرصة هي الوحيدة للنيل من قوة الهيئة واستقلاليتها ورقابتها لتغيير بعض مواد القانون المتعلقة بذلك، والتي ذكرت في أكثر من مناسبة، الا أن «الرياح جاءت بما تشتهي سفن المصالح الشخصانية»، حيث جاءت التعديلات على قدر طموحات الفنيين والمختصين لإيقاف النزيف المستمر الذي تعرض له سوق الكويت للأوراق المالية خلال فترة المطالبة بالتعديلات.تردد النوابوبينت أن تردد النواب في إقرار تعديلات قانون هيئة أسواق المال وعدم ثباتهم على رؤية واضحة بخصوصها ساهم في إضعاف الأثر الايجابي على سوق الكويت للأوراق المالية، حيث تمت الموافقة على التعديلات التي جاءت في تقرير اللجنة المالية البرلمانية التي تبنت التعديلات الحكومية بعد محاولات نزع يد الهيئة عن القانون وتفريغ أدواته الرقابية من خلال جلسة التصويت في المداولة الأولى، إلا أن استقالة وزير التجارة والصناعة د. عبدالمحسن المدعج في الوقت الأخير على إثر ذلك، كانت بمنزلة جرس إنذار للتنبيه إلى أن الأمور تسير في غير مسارها الصحيح، حتى وافق النواب على مقترحات ليست لهم.وأضافت المصادر أن دخول ملف هيئة أسواق المال في «البازار» السياسي أرهق الهيئة ومجلس مفوضيها، في ضرورة التوصل إلى تعديلات تجعل هناك قانوناً جديداً عصرياً يتناسب مع ما هو معمول به عالميا من خلال الإصرار المستميت من قبل «الهيئة» على إبقاء مفاتيح الرقابة بيديها لتصبح هي الجهة المسؤولة عن كل ما هو متعلق بالأوراق المالية.وأشارت إلى أن التردد في التعديلات ودخولها ضمن المصالح والصفقات النيابية كاد يؤثر بشكل مباشر على الجانبين الفني والاقتصادي بشكل عام، الأمر الذي كان له أثر سلبي على أداء سوق الكويت للأوراق المالية، في ظل استمرار تعليق تصحيح مساره على شماعة تعديلات القانون 7 لعام 2010 فقط، لافتة إلى أنه من الضروري أن تصب كل الخطوات نحو المصلحة العامة، وأن يؤخذ برأي أصحاب الاختصاص «فأهل مكة أدرى بشعابها».وبينت أنه صحيح أن مجلس الأمة هو الممر القانوني لصياغة التشريعات التي تخدم مصالح الدولة ولا نكران في ذلك، ولكن يجب أن يمر ذلك من خلال أصحاب الخبرة وأهل الاختصاص والاستعانة بما هو معمول في الدول المتقدمة، مبينة أنه لولا ثبات هيئة أسواق المال على موقفها في فرض سيطرتها على أن تكون كل مفاتيح الرقابة بيدها والمحاولات المستميتة لإيصال وجهة نظرها المسؤولة والفنية وتوجيه النواب للموافقة على تعديلات ليست لهم، لتم نسف الهدف الذي جاءت من أجله «هيئة الأسواق» لحماية السوق المالي وجعله في مصاف الأسواق العالمية.امتيازات جديدةوطالبت المصادر بضرورة إتاحة المجال أمام هيئة أسواق المال للعمل على تنفيذ ما جاء في التعديلات الأخيرة على قانون هيئة أسواق المال، لاسيما أن السوق بحاجة إلى إقرار المزيد من التشريعات والقوانين الخاصة بالمشتقات والأدوات الاستثمارية الجديدة وكذلك صانع السوق، مؤكدة أن السوق بحاجة ضرورية لإقرار هذه الأدوات والتشريعات لتصحيح مساره من جديد، والعمل على تعويض الخسائر التي لحقت به خلال الفترة الماضية.وذكرت أن هيئة أسواق المال حصلت على امتيازات جديدة في التعديلات التي تمت الموافقة عليها ولم تقتصر فقط على الأمور الرقابية بل حصلت على امتيازات تشريعية لتفرض سيطرتها وبقوة على كل ما يتعلق بنشاط الأوراق المالية، فضلاً عن مزايا أخرى مثل إعفاء البورصة من الضريبة المقررة على أرباح أسهم الشركات المدرجة بالبورصة، وكذلك عوائدها والسندات وصكوك التمويل وجميع الأوراق المالية ايا كانت الجهة المصدرة لها، بالإضافة إلى إتاحة المجال أمام دخول المستثمر الأجنبي في شركة البورصة، إلى جانب مرور عملية تسييل الرهونات من خلالها وتحت إشرافها، وكذلك إصدار قواعد شركات ذات الأغراض الخاصة SPV دون التقيد بأحكام قانون الشركات.
آخر الأخبار
نواب تخلوا عن تعديلاتهم لـ«هيئة الأسواق» بعد انكشافهم
12-04-2015