الثلاثاء 10 فبراير 1914

Ad

شرعنا في الرحيل الساعة 6.15 وسرنا عبر أرض مغطاة بالحصى تتخللها تلال رملية مثل تلك التي عبرناها يوم أمس، وفي الساعة 8.5 أخذت القياسات على تلة «بيضات البيت؟»، وقد لا يكون ذلك الاسم الصحيح. وفي الساعة 8:35 شاهدنا حلوان والخنفة وعند الساعة 9.46 حصلت على سلسلة من القياسات من حلوان، وسنام، وذويبان، ومشيديه (ولكنني لست متأكدة تماما من صحة الاثنين الأخيرين، لم تكن لهما أهمية من ناحية المسافة) وإلى اليمين باتجاه الطعوس التي هي في نهاية الطرف الجنوب الغربي من النفود، وتيماء تبعد عنا مسافة مسيرة يوم للذلول، ويقع طريقنا إلى اليسار منها.

وفي الساعة 10.55 كانت تلال ثليثوات الصخرية إلى يسارنا وقمت بأخذ قياس الاتجاهات والمسافات من مكان ربما هو مشيدية، ثم عبرنا خبراء أم الطرفة الجافة، وأخذت قياسات من فوق ثليثوات في الساعة 11.45، ومرة أخرى في الساعة 12.30 قمت بنفس الشيء في حلوان وسنام. ومنذ مرورنا بالخبراء ونحن نسير فوق أرض منبسطة مغطاة بالحصباء السوداء، وفي الساعة 12:50 ودّعنا ثليثوات ووصلنا إلى تلال العسافية التي تقع في الجانب الجنوبي من وادي نيّال.

 وفي الوادي أكثر من 100 قليب (بئر) ولكن لا تتوافر فيها المياه إلا في حالة أن تسقط الأمطار بغزارة ويسيل الوادي (فقط السيل)، وهذه المرة أعتقد أن قياساتي صحيحة لكل من: حلوان، وسنام، وذويبان.

وصلنا إلى مضارب الفقير في الساعة 1.30 في وادي نيال، التي تبعد مسيرة نحو 3 ساعات من العسافية، وهناك خبراء تسمى عروس تتدفق إليها المياه من الغِمَار عند سقوط الأمطار، وبيّن لي مساعد كيف أن الشرارات يحتمون بصدوع أكوام الحجر الرملي عندما تمطر لتفادي البلل من الغيث، ولفت انتباهي إلى واحدة منها، وأضاف أنها أيضا مأوى جيد للحماية من حرارة الشمس.

والفقير ليس لهم أعداء في هذه اللحظة ما عدا هتيم، وقال حامد وزايد: نحن الفقير نخاف من شمر، لأنهم يعرفون غارة عودة أبو تايه القادمة ولم يحذروا أصدقاءهم شمر، وكذلك أبدى مساعد شعوره بالخوف أيضا، وجدير بالذكر أن ظاهر من فخذ سرحان من الفقير.

كانت الرياح تهب علينا باردة طوال اليوم ولكن الشمس كانت حارقة عندما خيمنا، والأرض مغطاة بعشب وفير، ونشب خلاف كبير حول أي طريق نسلك، فعلي وغادي يريدان أن نسلك طريق مورد العسافية- لأنه أقصر حسب اعتقادهما- حيث نسقي رواحلنا ونواصل مسيرتنا من هناك، عبر ثمايل الشبكة في النفود، ثم إلى بير حيزان وهو نفسه من الخبراء إلى حيزان، وهذا الخلاف إما أن يكون بسبب الخوف من شمر (حيث كان فخذ السويد من شمر يقطنون في الشبكة عندما غزاهم عودة أبو تايه والآن قد ارتحلوا شرقا) أو لأنه، كما يقولون، لوعورة الطريق نتيجة كثرة الطعوس على امتداده، أما الآخرون فيحبذون اتخاذ طريق الخبراء، وأنا لا أعتقد أن هناك فرقا كبيرا في الوقت الذي يستغرقه أي الطريقين.

وعلمت أن الأمير ليس في حائل الآن إنما هو قرب الحيانية، وأعتقد أن هذا أمر مؤسف بالنسبة إلي، ويقال إنه قد أخطر جميع رجاله عن قدومي إلى حائل، ولكن لا أعلم فيما إذا قد يسمح لي بذلك أو يحيلني إلى جهة أخرى، وكذلك لا أعرف مدى صحة هذه الأخبار، وبدا غروب الشمس وطلوع القمر معا تقريباً.

الأربعاء 11 فبراير 1914

شرعنا في الرحيل في الساعة 6 صباحا، وكان الجو غائما، وصعدت ركابنا الضفة المقابلة من الوادي، ومن الساعة 6.20 حتى تقريبا الساعة 10 ونحن نقطع أرض «جَلَد» مفروشة بالحصى، أرض قفراء تخلو تماما من الكلأ، حتى الساعة 10 تقريبا ونحن نسير إلى الشرق من الطعوس وبقربها، ثم اتجهنا أكثر غربا فوق تلال رملية، وأصبحت الأرض رملية غير حصوية.

وفي الساعة 11.30 وصلنا الى خبراء الفصفص الواسعة، أرضها منخفضة تحيط بها تلال رملية وقاعها صلبة، توقفنا في هذه الخبراء الطيبة، وسقينا رواحلنا وملأنا قربنا (السقاء) واستغرق ذلك نصف ساعة.

إنه مكان مهجور وبائس ولكنه غمرني بالفرحة والسعادة لرؤيتي الماء فيه؛ لأنه إذا لم نعثر على الماء فيه فسنضطر أن نتجه جنوب غرب إلى البيد، وهو قريب جدا من تيماء وسيكون مضيعة للوقت.

 كان زايد حريصا على أن نخيّم لمدة ثلاثة أرباع الساعة بالقرب من الماء، حيث تكثر هناك الأشجار، ولكنني أصررت على مواصلة رحلتنا، وعندما صعدنا أول طعس كبير من طعوس النفود الرملية، في الساعة 1.30 قمت بأخذ قياس الاتجاهات.

وجدنا وفرة من الكلأ إلى اليسار منا، فالعشب وفير وتكثر شجيرات الحماط والعلندا والرمث وكلها طرية والقتاد (الكداد أو التسداد) وهي ذات أشواك، وقال لي محمد المعراوي إنه يسميها خرفش، وهناك أشجار الغضا والأرطى التي لا تأكلها الإبل، ونبات العلقا الأخضر الذي لا يوجد إلا في النفود.

وصلنا إلى المضرب الساعة 2.45، وكان يومنا رائعا، قال حامد حارسنا- الذي ينتمي إلى الفقير- إن أفراد قبيلته يحرسون طريق الحج من دار الحمراء إلى المدائن (مدائن صالح) وإنه كان يحصل على صُرّة من المعاش والزهاب والملابس والمال سنويا عندما يعبر الحجاج في موسم الحج.

وقد اعتاد عبدالرحمن على جلب حزم كبيرة من العشب ويبيعها على الحجاج علفا لركابهم، أما الآن فقد كسدت هذه التجارة لأن الحجاج يستخدمون القطار، خيمنا في أرض ذات رمال صفراء، ها هي مناظر النفود المبهجة، وجدير بالذكر أن حراسة طريق قوافل الحج منوطة ببني صخر، والحويطات، وبني عطية، والفقير، والأيدا، وبيلي، وجهينة، وحرب، وولد سليمان من قبيلة عنزة من معاز بن وائل، وتعد تميم وقحطان من القبائل القديمة.

وعرض علي الرفقاء الثلاثة ختم المصنع لبنادقهم التي تظهر علامة التاج VR قلت لهم: لو كنت شيخا ذا شأن لمنعت كل أنواع الأسلحة من دخول الجزيرة العربية، ووافقني زايد الرأي قائلا: والله أفضل بكثير! سيعود الناس لسلاح الرمح والحجارة إذا لا توجد بنادق، حتى الخيول الأصيلة أصبحت نادرة الآن، وسلاح المدفع لا يوجد إلا لدى ابن رشيد، ولدى ابن شعلان مدفع واحد في الجوف في حالة جيدة.

يؤدي كل مرافقي الصلاة بانتظام إلا أنهم لا ينزعون عباءاتهم (بشوتهم) أثناء أدائها.

الخميس 12 فبراير 1914

كان رحيلنا في تمام الساعة 6 باتجاه طعس يدعى الصبي، وقمت بأخذ قياس الاتجاهات لذويبان والشبكة وعرنان وأيضا لتلال غنيم، والتي تبعد مسافة ساعة واحدة فقط من تيماء، وسهل المحيمرية بالقرب من تيماء، بالإضافة إلى التلال الرملية في بداية النفود التي تركناها خلفنا وإلى بير حيزان أمامنا.

 والطعوس بلونها الأصفر هي كثبان رملية ينعدم الكلأ فيها تحيط النفود بما يشبه الخندق من ثلاثة جوانب أما الجانب الرابع فيفضي إلى شعيب عميق.

هذه الضفاف الرملية تنحدر من الشرق إلى الغرب بوجه عام، وتنحدر الوديان بينها فجأة إلى تجويف عميق جدا يسمى قعرة وأرض حواف النفود جَلَد (حصوية).

والطعوس مخروطية الشكل مدببة تقع في الشرق وتمتد منها ظهرة باتجاه الغرب، ولاحظت أن الأرض تنحدر انحدارا شديدا نحو الشمال، وبينما كنت أتسلق «طعس الصبي» جاءني فتوح وأخبرني أن إحدى نوقنا قد بَرَكَت ولم تنهض. وذهبت أنا ومحمد المعراوي، وفلاح ومعنا «عليق» (علف) ووجدناها ملقاة على جانبها، وقد هلكت إنها جثة هامدة. وقال محمد: «راحت هذي، لها الله؟»، قلت: «أحسن»، وقام محمد بنحرها، واستخدم سكينا حادا لقطع الوريد الوداجي، مع عبارة «بسم الله، الله أكبر»، كان سبب هلاكها مرض يسمى «الطير»، ولحسن الحظ أنها كانت واحدة من الإبل الضعيفة.

رأينا الكثير من آثار غزال المها، ورأى رفاقنا ثلاثا من المها لكنهم فشلوا في صيد أي منها، وكذلك رأينا آثار أقدام جديدة لعرب، وعندما نصبنا خيامنا شاهدت إبلا من بعد.

ذهب أحد رفاقنا لمعرفة مَنْ هُم– ودعوت الله- ألا يعود إلينا بأخبار سيئة! إن الرمال رغم نعومتها تشكل عائقا كبيرا للجمال أثناء مسيرتها، إذ تغوص خفافها فيها وبشكل خاص في القعور... أشعة الشمس حارقة في منتصف النهار، ولكن يهب نسيم عليل بارد مباشرة بعد غروب الشمس.

حدثني محمد المعراوي أنه في إحدى المرات كلف من الوالي محمد سعيد باشا لنقل رسائل مهمة من الوالي من دمشق الشام إلى معان، وكان الوالي عائدا من الحج منذ 3 أيام، وقال لي محمد: غادرتُ وقت الفجر وفي الفجر التالي كان في أم الجمل التي يقطنها عنزة ونحو الساعة 8.00 كنت في معان، وأضاف التقيت محمد بن جازي و8 هجانة (من راكبي الجمال) وكوكبة من الفرسان كانوا أعداء له (قومانيين) بسبب خلاف على بعض الإبل، التقيتهم ما بين وادي الحساء ومعان.

وكان ذلك قبل امتلاك الناس للبنادق، وكان مع ابن جازي بندقية مصرية جيدة، استوقفني محمد بن جازي وسألني من أنا؟ وكان ابن جازي قد عقل راحلته ووقف بجانبها ومعه بندقيته، صرخت: «أنا محمد المعراوي وأنت ابن جازي»، وقال لي: إن رميت رمحك فسأطلق النار عليك من بندقيتي، عندها سنموت معا، صرخ ابن جازي ورمى الرمح وقال: «أدبوا الكلب»، فقذف ثلاثة رجال رماحهم نحوي من الخلف، وخدشني أحدها ولكنه لم يصبني بأذى.

ثم أمسك محمد بن جازي بندقية الحويطي وأطلق الأخير رصاصة من البندقية مرت تحت ذراع محمد من خلال ملابسه، وكان يهدف من إطلاق النار ساقي محمد بن جازي والرصاصة مرت بينهما.

 وركب بن جازي راحلته ورافقه جماعته وذهبوا بعيدا بعد مرور ساعة عصيبة هددت حياتي، وقال سعيد باشا: «سلّمك الله من أذى الحويطات». وقال محمد لقد حصلت على ذلول كهدية من الهقيش والخريشان، والتقى بأحد شيوخ الجبل من عنزة في معان وكان في طريقه للانضمام الى سعيد باشا وأهداه ذلولا أخرى.

الجمعة 13 فبراير 1914

الطقس بارد جدا وصل الى درجة التجمد ليلا، وطوال اليوم كان غائما، عاد مرافقي الثلاثة بصحبة عواد بن حبرون العواجي، وأخبروني أنهم لن يستمروا بمرافقتي في رحلتي، خوفا من شمر لأنهم لم يحصلوا على أخبار عن غارة عودة أبو تايه، ويخشى مساعد أن يُتَّهم بأنه سرب معلومات عن موضع مضرب شمر عندما كان في مضرب الحويطات. أجرة عواد مجيدي في اليوم مقابل مرافقته لنا، ودفعت أجرة الآخرين الذين سيتركوننا- وهم مساعد وزايد وحامد- مجيدي واحد في اليوم و8 مجيديات بدل ملابس، كانوا معنا 5 أيام بشروط مناسبة جدا.

كنا نرتحل على أرض مرتفعة جدا، وكان القياس في الساعة الثامنة 26 .5 وانخفض إلى 26.45 في الساعة 9.15.

 شاهدنا حلوان في الساعة 9.30 وحصلت على قياسات كل من: عرنان وحيزا وحلوان والبير، وصعدت طعسا وأخذت قياسا لبير حيزان؛ يطلق عليه زبران، وقبل أن نخيم مررنا بقعرة على شكل حذوة حصان، أكثر انخفاضا في أحد جوانبها من الآخر، خيمنا في قعرة متكونة من مرحلتين من الانخفاض واحدة فوق الأخرى أيضا على شكل حذوة حصان واسعة.

 وذكر أن ابن رشيد قد أرسل قافلة كبيرة لجلب البضائع (قد تكون أسلحة؟) قادمة من الحكومة العثمانية إلى المدائن (مدائن صالح)، ويقال إنها قد تتوقف للسقاية اليوم في حيزان، وبالتالي قد يكون هذا سبب خوف مرافقي الذين تركونا ويعتقد أن من نقل لهم تلك الأخبار هو عبدالله بن جلول.

عاد أحد مرافقينا هذا الصباح وهو يرتدي ملابس جديدة قد اشتراها من تاجر وجده في مضرب العواجية، يعرفه محمد المعراوي، وأنه يأتي في الأصل من مشهد علي (النجف) واسمه «صادق أبو العجينة»، كان هناك قدر كبير من نبات النصي اليوم، إلى جانب الحماط والرمث والعلقا، والعلندا. قال علي... الله. فتوح أبو ليلى تحت أمرك يا أبو قاسم! استغفر الله! «العمر حيلة ما في عصر غير ليلة».

السبت 14 فبراير 1914

رحلنا في الساعة 5.50، قبل شروق الشمس، منظر رائع جدا أن ترى النور يأتي على النفود، يلامس الجزء العلوي من الطعوس حول زبران ويتسلل إلى أسفل جنباته، والنوازي في القعر يغطيها الظلال. مررنا إلى الشرق من مجموعة طعوس زبران، وتسلقت طعسا في الجهة الجنوبية الشرقية وبذلت جهدا أثناء عملية التسلق، وقمت بتجهيز أدواتي لأخذ قياس الاتجاهات: جبل برد، بير حيزان، حلوان، اللقحة، نقطتين (أخذت في الوسط) ظلما، حيزاء، والأرض ظهرة متصلة مرتفعة على حافة النفود؛ وبعدها أرض جَلَد (حصوية)، ثم عرنان ويؤدي إلى جبل المسمى، وطعس فبران الكبير إلى الغرب من حيث وقفت، وإلى الخلف بالعودة إلى الصبي.

عندما نصبنا خيامنا كانت الساعة 9.10 في موضع يبعد نحو نصف ميل أو أقل عن زبران والذي كانت قياساته 306، في حين العودة إلى الطعس كانت 180.

ذهبت مع الإبل إلى حيزان الذي وصلناه في الساعة 10.25، وهو عبارة عن بئر تقع في منخفض عميق جدا، حتى إن البرومتر انخفض درجتين مع نزولنا، هناك بئر واحدة فقط جيدة للاستخدام هي «حيزان»، وكان الحبل (الرشاء) المستخدم لسحب الماء من البئر طوله بحدود 48 خطوة (37 متراً). وتقع إلى الجنوب قليلا بئر أخرى تسمى حيزاء وهي ميتة (مسدودة)، وفي أيام محمد بن رشيد تولت قبيلة الرولة حيازة هذه الآبار في هذه المنطقة وقطعت الطريق على شمر، لكن محمد بن رشيد طرد الرولة وردم بئرا واحدة، هي الحيزاء، وهذه الأخيرة ماؤها أقل جودة من حيزان، ولم تستخدم منذ ذلك الحين، وكلتا البئرين مطوية بالحجارة المشذبة المربعة تقريبا، والجزء السفلي منهما مغلف بقطع من الصخور الصلبة، وجلبنا معنا عمودين (مقام)، وبكرة (محالة) من الحديد، والحبل (الرشاء) لسحب الماء من البئر لأنه يوجد على أعماق سحيقة. وكان العرب يستخدمون ترتيبا مماثلا مع بكرة خشبية، كان مضرب العواجية قد شهدناه من فوق الطعس، وكان هناك بعض الاعتراض في البداية على قيامي بالتصوير إلا أن مرافقي الشمري شجعني على الاستمرار في أخذ الصور.

وبالقرب من البئر يوجد قبر الشيخ مشعان العواجي والد الشيخ الحالي، ودفن بعد مقتله في إحدى معاركه القبلية وليس هناك كتابة أو وسم على شاهد القبر، ركبنا ظهور رواحلنا برفقة غادي وشقيقه عائدين إلى مخيمنا، واستفدنا من بقية اليوم لعمليات الغسيل والنظافة. كانت درجة الحرارة 20 مئوية، تهب علينا رياح خفيفة غير مثيرة للغبار. تنتشر أعشاب وشجيرات خضراء تشكل وجبة ثمينة لإبلنا، فنحن الآن على الحدود بين عنزة وشمر، ومن القلبان أمامنا فصاعدا كل هؤلاء شمر، والفنده من عنزة الذين يشربون من حيزاء جميعهم أصدقاء لشمر، وليس للعواجية خصومة مع شمر ولكن خصومتهم مع هتيم، حيث نشبت مشاجرة معهم قبل 3 سنوات حول مناطق الرعي، إذ دارت رحى معركة كبيرة ومن تداعياتها أن فقدت عنزة 40 رجلاً (من جميع عنزة بمختلف أفخاذها) في حين خسرت هتيم 30 رجلاً.

ويقطن الشيخ العواجي في الصيف في بيضاء نثيل، وسألني أحد الرجال فيما إذا كنت نصرانية فأجبته أنني إنكليزية، والشيخ الذي يخيم هنا هو سليمان بن خلف العواجي، وهو ابن عم الشيخ الكبير مشعان، وقد أرسل الشيخ إلينا صبيا لمعرفة ما إذا كنا نريد أي شيء، وأثناء مسيرنا أشاد غادي بابن رشيد، وقال إنه بالنسبة إلى جماعته أفضل من عودة أبو تايه لجماعته الحويطات. كانوا يعرفون عن غارة عودة ولكن لم يقوموا بتحذير شمر، ومع ذلك أيضا أشاد بعودة أبو تايه قائلا: «كان مليح»، وعندما مرض مجند شقيق غادي في إحدى المرات أدخل مستشفى فيكتوريا في دمشق الشام، ويعرف مجند جيدا اللهجات.

عندما شاهدنا بيوت الشعر صباح اليوم أبدى عواد نفاد صبره وتلهفه للذهاب إلى البيوت والحصول على «العلوم» (الأخبار)، جلسنا أمام الخيمة نرسم الوسم على الرمال.

من يوميات الرحالة البريطانية غيرترود بيل قبل قرن من الزمان (الحلقة 6)