للعقد درجات مختلفة. لا شك في أن معرفة طريقة تشكّلها تسهل الشفاء منها، لأنها تصبح خطرة عندما تعيق التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم والإصغاء إليهم. وتكمن مشكلة العقد غالباً في أنها لا تمت بصلة إلى الواقع، وما هي إلا ثمرة نظرتنا الخاصة إلى أنفسنا. لكن النظرة التي نكونها عن أنفسنا تكون في معظم الأحيان بعيدة كل البعد عن الواقع. لذلك يصعب علينا مواجهتها.
ماهية العقدتشكل العقد في علم النفس مجموعة من المشاعر أو الأفكار المؤلمة التي يصعب تحملها. لكن الناس، عموماً، يربطون العقد بشعور الإنسان بأنه أقل شأناً من غيره بسبب بعض الخصال الجسدية، مثل البدانة أو قصر القامة... لكن هذه لا تُعتبر في الواقع عقداً بل صعوبة في تقبّل الذات. فيرفض الإنسان جزءاً من نفسه (مثل أنف أو عينين أو اسم أو شهرة) لأنه يعتبر أنه يشوّهه. وتعود نظرتنا الخاطئة هذه إلى أنفسنا، غالباً، إلى مرحلة الطفولة. نتيجة لذلك يصعب علينا المصالحة بين جسمنا وفكرنا لأن هذه المشاكل ترتبط عادةً بالأنا.رفض الذاتلمَ يرفض الإنسان جسمه أو جزءاً من هذا الجسم؟ يبدو أن هذه المشكلة ترتبط بالإرث الاجتماعي-التربوي الذي يحمّلنا إياه والدانا. إذاً، تؤدي تربيتنا دوراً بالغ الأهمية في ولادة العقد. فالصورة التي نكوّنها عن جسمنا ترتكز على مقدار المحبة والتقدير اللذين تلقيناهما حين كنا صغاراً. لذلك يجب أن يشعر الولد بأن أهله يتقبّلونه كما هو لا كما يرغبون في أن يكون، لينمي الثقة بالنفس. فعندما يرغم الأهل الولد على أن يصبح شخصاً مختلفاً عما هو عليه حقاً، يدفعونه إلى رفض حقيقته وواقعه، ما يسلبه احترامه لنفسه.بالإضافة إلى ذلك، عندما يمطر الأهل الولد بالانتقاد، يشعر بأنه مختلف. ولا شك في أن عالم الصورة والمظاهر الذي نعيش فيه اليوم يعزز لديه هذا الشعور. يجب أن يتذكر الأهل أن العقد تولد بسرعة لدى الولد. فيمكن لكلمة واحدة أو جملة أو تصرف، يبدو لنا بسيطاً، أن يطبع كامل حياة الولد. لذلك من الضروري تفادي توجيه أي ملاحظ أو انتقاد لولد بشأن مسألة ما يعتبرها عيباً أو تشوهاً يعانيه.مرحلة المراهقةتُعتبر المراهقة أرضاً خصبة للعقد، وخصوصاً الجسدية منها. ففي هذه السن، يسعى المراهق لنيل الرضا والقبول من محيطه. كذلك يحتاج إلى ما يطمئنه إلى أنه لا يختلف عن نظرائه. فيتمثل المراهق بأمه أو أبيه ويصعب عليه صوغ شخصيته المستقلة.ولكن مهما كان سننا، يشكّل جسمنا صورة وقناعاً في آن. إنه أشبه بواجهة، فهو يحمينا ويعكس في الوقت عينه صورتنا لمحيطنا. إلا أن المشكلة تنشأ، عادةً، عندما تكون الصورة التي نكوّنها عن أنفسنا مختلفةً تماماً عن نظرة الآخرين إلينا. على سبيل المثال، تعاني ليندا من عقدة كبيرة لأنها تعتبر نفسها بدينة، علماً أنها تبدو، في رأي كل مَن يراها أو يعرفها، امرأة جميلة، رشيقة، وأنيقة. نتيجة لذلك، تكره ليندا جسمها وتواجه صعوبات في علاقاتها مع الجنس الآخر وفي احترامها لذاتها وتقديرها لشخصيتها وجسمها. طرق لمحاربة العقدقبول الذات: يجب أن يكون الإنسان واقعياً. فلمَ ترغب المرأة، مثلاً، في أن تشبه عارضة أزياء، علماً أن طولها لا يتعدى 1.50 متراً؟ فيمكن للإنسان أن يجد السعادة من دون أن يتمتع يجسم مثالي. ونستطيع أن ننجح في الحياة من دون أن نتمتع بجسم أو وجه لا شائبة فيه.التحليل: يعزو كثر ممن يعانون العقد مشاكلهم في الحياة إلى عيوبهم الجسدية. فثمة مَن يعتبر أنه أخفق في الامتحان لأن الأستاذ يعتبر بشعاً، لم ينل الوظيفة لأن رب العمل يراه بديناً... تطلب هذه المسائل، أيضاً، نظرة واقعية، فضلاً عن تحليل ظروف الحياة بمنطق من دون المبالغة.الحوار: تقوم الطريقة الفضلى لتخطي مشكلة ما على التحدث عنها مع شخص نثق به. فإذا كان هذا «العيب» ينغص حياتك، لمَ لا تطلب من أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك المقربين مساعدتك. أما إذا كان هذا العيب جسدياً، يمكنك استشارة جراح تجميل لتتخلص من هذه المشكلة وتعثر على حلول مناسبة.تعلّم حبّ الذات: لا تستطيع أن تحب الآخرين، ما لم تكن تحب نفسك. تعلّم أن تقدّر نفسك حق قدرها وألا تعامل نفسك بقسوة وصرامة. وإذا كانت مشكلة جسدية، فمارس الرياضة، دلل نفسك بجلسات تدليك، أو أولي جمالك بعض العناية.نمِّ ثقتك بنفسك: لا تسعى وراء الكمال في مجالات حياتك كافة. وكفّ عن السعي لبلوغ معايير مثالية. وتذكر أنك إنسان في النهاية.لا تدع العقد تفسد حياتك وتبقيك أسيرها. تعلّم أن تخلع عنك القناع وأنت تظهر على حقيقتك مع كل عيوبك وحسناتك... ولا شك في أنك سترى الحياة أجمل.
توابل
أرى نفسي بشعاً!
06-09-2014