اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الخطر الأكبر على الدول الخليجية الحليفة لبلاده هو خطر داخلي وليس احتمال التعرض لهجوم إيراني، مطالبا هذه الدول بمعالجة التحديات السياسية الداخلية، والانخراط أكثر في الأزمات الإقليمية.

Ad

أطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما سلسلة من المواقف المثيرة للجدل بخصوص منطقة الشرق الأوسط، وذلك في مقابلة مع الكاتب الصحافي توماس فريدمان، نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» أمس الأول، وجاءت في سياق «حملة التسويق» التي اطلقها أوباما للترويج لاتفاق الإطار الذي توصلت اليه إدارته مع إيران، الذي سيقود على الأرجح الى اتفاق نهائي شامل يرفع العقوبات عن طهران، المتهمة بزعزعة الأمن في المنطقة.

الخطر الأكبر

وقال أوباما، في المقابلة المطولة، إنه سيلتقي الزعماء الخليجيين في كامب ديفيد، وسيجري «حوارا صعبا» معهم، سيعد خلاله بتقديم دعم أميركي قوي ضد الأعداء الخارجيين، وسيقول لهم إنه يتعين عليهم معالجة التحديات السياسية الداخلية، وأن يكونوا أكثر فعالية في معالجة الأزمات الاقليمية.

ورأى أوباما أن الدول العربية السنية الحليفة لأميركا في الخليج تتعرض لتهديدات خارجية، لكن التحدي الأكبر الذي يواجهها ينبع من الداخل وليس من احتمال غزو إيراني.

واعتبر أن أكبر خطر يتهدد هذه الدول ليس التعرض لهجوم محتمل من إيران، وإنما السخط داخل بلادهم، بما في ذلك وجود «سكان مبعدين وشبان غاضبين وعاطلين عن العمل وايديولوجية هدامة وإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم»، متابعا: «ولذلك ومع تقديم دعم عسكري، ينبغي على الولايات المتحدة أن تتساءل: كيف يمكننا تعزيز الحياة السياسية في هذه البلاد حتى يشعر الشبان السنة أن لديهم شيئا آخر يختارونه غير تنظيم الدولة الإسلامية؟».

وأكد أنه يريد أن يناقش مع الحلفاء في الخليج كيفية بناء قدرات دفاعية أكثر كفاءة، وطمأنتهم على دعم الولايات المتحدة لهم في مواجهة أي هجوم من الخارج، مضيفا أن «هذا ربما يخفف بعضا من مخاوفهم ويسمح لهم بإجراء حوار مثمر بشكل أكبر مع الإيرانيين».

الانخراط في الإقليم

وعن الانخراط في الأزمات الإقليمية، قال أوباما «أعتقد انه عند التفكير في ما يحدث في سورية على سبيل المثال، فهناك رغبة كبيرة لدخول الولايات المتحدة هناك والقيام بشيء، ولكن السؤال هو: لماذا لا نرى عربا يحاربون الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب ضد حقوق الانسان أو يقاتلون ضد ما يفعله (الرئيس السوري بشار) الأسد؟».

فرصة العمر

ودافع الرئيس الأميركي بشدة عن اتفاق الإطار مع طهران، واصفا إياه بأنه «فرصة العُمر» التي تمنع إيران من امتلاك سلاح نووي وتحقيق استقرار طويل المدى في منطقة الشرق الأوسط. غير أنه أكد في الوقت نفسه أن جميع الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة في حال انتهاك طهران بنود الاتفاق.

وذكر أنه كان واضحا بأنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي على مرأى منه، مشيراً الى أنه على الإيرانيين تفهُم أنه يعني ذلك، معربا عن أمله في أن يؤدي هذا الاتفاق، الذي يقود الى عهد جديد في العلاقات الأميركية ـــ الإيرانية، الى عهد جديد في علاقات إيران مع جيرانها.

وإذ أشار الى أنه لا تزال هناك كثير من التفاصيل التي يجب بحثها مع الإيرانيين، محذراً من أن هناك صعوبات سياسية حقيقية تواجه الاتفاق، أكد أوباما معارضته التشريع الذي يعطي الكونغرس الأميركي الرأي النهائي في الموافقة أو رفض الاتفاق، غير أنه أعرب عن أمله في «إيجاد سبيل للسماح للكونغرس بالتعبير عن نفسه».

إسرائيل

من جهة أخرى، اعتبر أوباما أن أي إضعاف لإسرائيل خلال عهده أو بسببه سيشكل «فشلاً جذرياً لرئاسته»، قائلا: «سأعتبره فشلا من جانبي، فشلا جذريا لرئاستي، إذا أصبحت إسرائيل أضعف خلال عهدي أو نتيجة لعمل قمت به»، مضيفا أن «هذا لن يشكل فشلا استراتيجيا فحسب، بل أعتقد أنه سيكون فشلا أخلاقيا».

وأكد انه لا يمكن لأي خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل ان يؤدي الى كسر الرابط الذي يجمعهما، موضحا أنه «حتى خلال الخلافات التي حصلت بيني وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) بشأن إيران والمسألة الفلسطينية في آن معا، فأنا كنت دوما ثابتا في التأكيد على ان دفاعنا عن اسرائيل لا يتزعزع».

خامنئي

وعند سؤاله عن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، صاحب القرار في إيران، قال الرئيس الأميركي، إنه «شخص يصعب فهمه ولا يمكن توقع ماذا سيفعل»، مبينا «لم أتحدث معه شخصيا مباشرة، وفي الرسائل التي تبادلتها معه كان يذكر الكثير من المظالم التي تعرضت لها إيران، الا أن منحه مساحة للمفاوضين الإيرنيين واعطاءهم القدرة على تقديم تنازلات مهمة هو ما أدى للتوصل الى اتفاق الإطار»، مشيرا إلى أن خامنئي كان يعرف أن نظام العقوبات الذي فرض على بلاده كان يضعفها، وكان يرغب في إعادة طهران الى المجتمع الدولي.

واعتبر أن «إيران بلد ذو تركيبة معقدة مثل الولايات المتحدة الأميركية، ومما لا شك فيه نتيجة للتاريخ بين البلدين هناك انعدام ثقة عميق وهذا لن يزول بسرعة»، الا أنه أضاف أن «النشاطات الإيرانية والخطاب المعادي لأميركا والمعادي للسامية وإسرائيل مزعج للغاية»، واقر بأن «هناك اتجاهات عميقة في إيران تخالف مصالح الأمن القومي الأميركي والمصالح الأميركية الاقتصادية كما تهدد الحلفاء»، معتبراً أن هناك تباينا في الاراء داخل النظام الإيراني.

كسر العزلة

ذكر أوباما أن «استراتيجية الانخراط والمشاركة» التي اعتمدها، والتي سمحت بكسر العزلة عن بورما وكوبا وإيران، بعد عداء استمر سنين طويلة، يمكن أن تخدم المصالح الأميركية في هذه البلدان، أفضل بكثير من العقوبات والعزلة التي لا نهاية لها.

اختبار

أشار إلى أن الطروحات التي يقدمها في السياسة الخارجية يمكن اختبارها «من دون تعريض أنفسنا للخطر».

لا يمكنها محاربتنا

قال إن ميزانية الدفاع الإيرانية تبلغ 30 مليار دولار، وميزانية الدفاع الأميركية حوالي 600 مليار دولار، مستنتجا: «إيران تفهم أنه لا يمكنها محاربتنا».

«العقيدة الأوبامية»

ردا على سؤال عن «عقيدة أوباما» في السياسة الخارحية، افاد: «الانخراط والمشاركة مع عدم التفريط في قدراتنا».

تغيير السلوك

أكد ان واشنطن ارسلت رسالة واضحة إلى الإيرانيين بأنه يجب عليهم تغيير سلوكهم على نطاق أوسع، مشددة على انها ستحمي حلفاءها إذا واصلت إيران الانخراط في النشاطات العدوانية لزعزعة الاستقرار.

لا يهمنا النفط

رأى أوباما انه «في هذه المرحلة المصالح الأساسية للولايات المتحدة في المنطقة ليست النفط، وليست السيطرة الإقليمية، المصالح الأساسية لدينا هي أن يعيش  الجميع في سلام، وبشكل طبيعي».

صفقة إيران لم تنتهِ

أكد أن "الصفقة مع إيران هي أبعد ما تكون عن الانتهاء الآن"، محذراً من أن "هناك الكثير من التفاصيل التي يجب العمل بها، ونستطيع أن نرى التراجع والصعوبات الحقيقية والسياسية، سواء في إيران وأيضاً كما هو واضح هنا في الكونغرس الأميركي".