بوصلة مجلس التعاون
هل سيأتي الوقت الذي يصبح فيه المواطن الخليجي محورا أساسيا لأجندة اجتماعات مسؤولي منظومة دول التعاون؟سؤال أطرحه بعدما اطلعت على بعض النتائج لدراسات متعددة تناولت نظرة المواطن لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، وما كان لافتا للنظر هو الشعور الغالب تجاه المجلس بأنه لرؤساء الدول أي دول الخليج، وأن المواطن الخليجي غير معني بأي حال من الأحوال بمجلس التعاون. فما الأسباب؟ وهل نحن بحاجة إلى فروع للأمانة العامة في دول الخليج والدول الأخرى لتطعيم الجهاز التنفيذي للمجلس بالكفاءات والرؤى الواقعية، كما هي الحال في بعض النظم الإقليمية؟ أم أننا بحاجة إلى مجالس استشارية شبابية خليجية شعبية لتلقي بهمومها على أولويات المجلس دون أن تسحب البساط من القضايا العربية والدولية؟
تاريخيا اعتمد أهل الخليج على البحر كمورد اقتصادي، ومع ظهور النفط وتطور العلاقات الخارجية تغير الاعتماد فأصبح على البر وتغير نمط الحياة أيضا، وأصبح لعوامل كثيرة أثر مباشر في حركة التنقلات بين دول الخليج منها العوامل السياسية التي تؤدي إلى الانفصال والشعور بالعزلة، ومنها أيضا السياحية التي تجذب المواطنين بعيدا عن هموم السياسة.ولا يخفى على أحد أن الاتجاه السياسي قد ألقى بثقله على دول المجلس منذ أيامه الأولى، واستمر بأهميته بعد انتهاء الحرب الباردة، حيث اتجهت بوصلة المجلس إلى التحرك الدبلوماسي الفاعل إبان الغزو العراقي لدولة الكويت، وما تبعه من المطالبة بمعرفة مصير الأسرى الكويتيين، وطالب المجلس عبر بياناته الختامية بالدعم المطلق لحق دولة الإمارات العربية المتحدة في سيادتها على الجزر الثلاث، وعلى المياه الإقليمية والجرف القاري والإقليم الجوي والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر، ودعم مبادرة السلام التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على القمة العربية التي عقدت ببيروت عام 2002. وفي عام 2011 واجهت دول المجلس حقبة جديدة أمام "الثورات" التي فرضت نفسها على الساحة العربية ومنطقة الخليج، فأصابت اليمن الواقع على حدود المنظومة والذي ينتظر الشراكة مع دول الخليج، وانتقلت إلى سورية والعراق، فأصبح المجلس محاطا بحدود مشتركة مع دول بأمس الحاجة إلى الدعم الإنساني والتنموي، ونظام يحمي المنطقة من إنتاج وتصدير الشبكات الإرهابية. لذلك وبالنظر إلى ظواهر العنف المتفرقة لدى الشباب وضعف الشعور بالانتماء الخليجي وجب على الأمانة العامة أن تدير البوصلة من الشأن السياسي إلى الاجتماعي، وتوجه اهتمامات دول الخليج إلى المجتمع الخليجي، وإن تطلب الأمر فروعا للأمانة العامة فلمَ لا؟ أما فكرة المجلس الشبابي الخليجي فنحن بأمس الحاجه إليها، ولكن بشرط ألا يصبح مجلسا نخبويا بيروقراطيا بل مجلسا يضم من يمثل نبض الشارع الخليجي. وأخيرا وليس آخراً: تبقى الأسئلة التي تدور في الأذهان كثيرة ترهقنا وتقلقنا كباحثين ومهتمين في الشأن الخليجي، والسبب بكل بساطة إيماننا وقناعتنا أن الاهتمام بالمواطن الخليجي عنصر رئيسي ومعيار أساسي لنجاح الرؤى التنموية الخليجية بالإضافة إلى حرصنا على الحفاظ على العناصر والطاقات البشرية الخليجية والاستثمار بها عبر تطويرها وصيانة كرامتها؛ لأنها أسباب رئيسية لتحقيق العيش الكريم والأمن الاجتماعي والقومي أيضا.كلمة أخيرة:تساقطت قطع أسمنتية مخيفة ولكنها "تجميلية" على حد تعبير مسؤولي الأشغال من جسر الغزالي، هذا الجسر يحمل يوميا الشاحنات الثقيلة من ميناء الشويخ وإليه، والحاويات القابلة للاشتعال والقاطرات التي تنقل المواشي وحاملات الأسمنت المسلح، وفي وسط ذلك كله تجد سيارات أبنائنا الطلاب والطالبات في طريقهم إلى جامعة الكويت، فأي كارثة ننتظر؟!