ما قل ودل: جريمة العريش البشعة وحدت الشعب في حربه على الإرهاب

نشر في 01-02-2015
آخر تحديث 01-02-2015 | 00:01
 المستشار شفيق إمام جريمة العريش الإرهابية هي أبشع ما ارتكب من جرائم منذ ثورة التصحيح في 30 يونيو، ليس بالنظر إلى أعداد الضحايا الذين لقوا حتفهم فيها أو الأسى والألم الذي خلفته الجريمة في قلوب السواد الأعظم من الشعب المصري في طول محافظات مصر وعرضها، وقد فقدت كل محافظة شهيداً أو أكثر من الشهداء الذين سقطوا مضرجين بدمائهم، ولكن بسب الأثر الذي أحدثته هذه الجريمة في نفوس الشعب المصري، فقد وحدت هذا الجريمة ببشاعتها هذا الشعب بكل طوائفه وأطيافه وألوانه وأحزابه وتوجهاته السياسية، ليخوض حربه المقدسة ضد الإرهاب.

تقويض الدولة والنظام

إن بشاعة هذه الجريمة تكمن في أن مرتكبيها ومن خططوا لها كانوا يعلمون بالنتائج المروعة لها، وكانوا يقبلون بها وهم يخططون لفعلتهم، بل كانوا يقبلون بأكثر منها، وقد تجردوا من كل معاني الإنسانية وقيمها، ولم يكن للعقل أو العاطفة سلطان على غرائزهم البوهيمية التي تجسدت فيها كل رغبتهم الشريرة وحقدهم الدفين على الدولة وعلى النظام، ولم يتورع الجناة أمام هذا الحقد عن إزهاق هذه الأرواح البريئة التي لا ناقة لها ولا جمل في رسم سياسة النظام، أو في مواقفه وقراراته التي أصدرها بعد ثورة 30 يونيو، والتي تعتبر استمراراً لثورة 25 يناير وتصحيحا لها.

إن غاية هذا الجريمة، والغاية التي تتغياها كل الجرائم الإرهابية التي ترتكب في مصر منذ ثورة 30 يونيو، والتي تعتبر تصحيحا لثورة 25 يناير، غاية هذه الجرائم جميعا، والتي ذهب ويذهب ضحيتها كل يوم شهداء من العسكريين والمدنيين هو تقويض الدولة المصرية وتمزيقها، كما فعلوا في العراق وسورية وليبيا، تنفيذاً للمؤامرة الكبرى على العرب، التي تم التخطيط لها في الغرب منذ سنوات.

المؤامرة على مصر

لقد كان تنظيم "القاعدة" في أفغانستان صناعة أميركية مولته الولايات المتحدة الأميركية وسلحته بأحدث الأسلحة الأميركية، لتحارب الجيش الروسي الذي كان يحتل أفغانستان، وانقلب السحر على الساحر عندما أصبح "القاعدة" يمثل الآن العدو الأول للولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث 11 سبتمبر.

فما الأسباب التي جعلت التاريخ يعيد نفسه، وأن الولايات المتحدة الأميركية لم تأخذ العظة والعبرة من درس "القاعدة" عندما ساعد التيار الإسلامي على الوصول إلى الحكم في دول ثورات الربيع العربي، هي أسباب عدة أطرح بعضها فيما يلي:

بضاعتكم رُدَّت إليكم

إن دول ثورات الربيع العربي التي حاول التيار الإسلامي أن يقفز على ثوراتها ستصبح مرتعاً خصباً لهجرة التيارات المتطرفة والحركات الجهادية من الغرب، وهو ما حدث بالفعل، فقد أقبلت هذه التيارات على الهجرة إلى مصر، التي فتح لها النظام أبواب البلد على مصراعيها- أثناء حكم الإخوان- فجاءت من ألمانيا حركات جهادية إلى مصر، وهو ما نبهت الحكومة الألمانية إليه، كما جاءت إلى سيناء حركات جهادية من الولايات المتحدة الأميركية وغيرها، لتعلن إحدى هذه الحركات إمارة إسلامية في سيناء.

إن هجرة الجهاديين والحركات الإسلامية المتطرفة من الغرب إلى وطن فتح ذراعيه لهم، وقد كان يطاردهم ويلاحقهم جنائياً ويزج بهم في السجون، ستقلص من أهمية هذه الحركات ودورها، والتي كانت تنفذ عمليات انتحارية في أميركا وأوروبا.

ولقد أصابت الولايات المتحدة الأميركية عصفورين بحجر واحد، عندما نجحت في تحقيق كل أهدافها من الحرب على الإرهاب، وحماية أمن إسرائيل، فالنظام في مصر، في عهد الرئيس الأسبق مرسي، تعهد لأميركا- قبل وصوله إلى الحكم وبعده- بحماية أمن إسرائيل، وعقد تحالفاً مع حركة "حماس" لتحقيق هذا الغرض، في مقابل التسهيلات التي قدمها هذا النظام لهذه الحركة في سيناء ومصر كلها.

وما يحدث من تداعيات لفترة حكم مرسي لمصر هو الفوضى الخلاقة التي نادت بها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس، كطريق للتحول الديمقراطي، والتي تدفع الشعوب العربية ثمنها الآن.

دولة الخلافة

إن الحملة العسكرية التي أقامها الجيش المصري في سيناء انتقاماً لأرواح شهدائه الأبرياء الأنقياء هي حق للجيش لا يجادل فيه أحد، على أن تقترن بحملة توعية، ضد الخطاب التكفيري الذي يكفّر أول ما يكفر العسكريين من رجال الجيش والشرطة، ويكفر علماء الأمة ويتهمهم بالفسوق، ويسقط مرجعيتهم، بل يكفر من لا يكفرهم مطلقاً، إنه تكفير للمجتمع كله لتقويض سلطة الدولة، وإقامة ما يزعمونه دولة الخلاقة الإسلامية بالرعب والفزع الذي أثاروه في نفوس أهل العراق والشام، بذبح رجال بعض القرى وسبي نسائها.

وهو ما يصدق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "سيخرج قومٌ في آخرِ الزمانِ، أحداثُ الأسنانِ، سفهاءُ الأحلامِ، يقولون من خيرِ قولِ البريَّةِ، لا يجاوزُ إيمانُهم حناجرَهم، يمرُقون من الدينِ كما يمرقُ السهمُ من الرمِيَّةِ، فأينما لقِيتموهم فاقتلوهم، فإنَّ في قتلِهم أجرا لمن قتلَهم يومَ القيامةِ".

حديث رواه سيدنا علي رضي الله عنه وهو يقول "إذا حدثتكم عن رسول الله فلأن أخرّ من السماء أحب إليّ من أن أقول عليه ما لم يقل" أخرجه البخاري.

اللهم تغمد شهداء مصر برحمتك ونعيم جناتك، واجعل مصر وسائر أقطار الوطن العربي بلادا آمنة.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.

back to top