التقى ممثلو الأطراف المتناحرة في ليبيا الأربعاء في جنيف تحت اشراف الأمم المتحدة في محاولة للتوصل إلى حل للأزمة السياسة الخانقة التي تعاني منها ليبيا، ولوقف مسلسل العنف الذي يضرب هذا البلد الذي يشهد فوضى شاملة.

Ad

وقال الممثل الخاص لأمين عام الأمم المتحدة لليبيا برناردينو ليون الذي يترأس أيضاً بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في مؤتمر صحافي عقده في جنيف قبيل انطلاق المفاوضات، أن هذه المحادثات "ستكون طويلة ومعقدة".

وأضاف أنه يتعين "التعويل على الإبداع الليبي بالنظر إلى أن كل ليبي لديه خطة" للخروج من الأزمة.

وكانت وزيرة الخارجية الأوروبية فديريكا موغيريني قالت الثلاثاء من بروكسل أن هذه المفاوضات هي "فرصة على الليبيين ألا يفوتوها" معتبرة أنها "الفرصة الأخيرة للنجاح ولا بديل عن الحوار".

هذه المفاوضات هي الجولة الثانية، حيث عقدت مفاوضات أولى في مدينة غدامس الليبية في سبتمبر 2014، وتقع غدامس على بعد 600 كلم جنوب غرب طرابلس.

وأضاف المسؤول الأممي "في أعقاب هذا اللقاء الأول قررنا توسيع دائرة المشاركين في هذه الاجتماعات".

ويسعى الاجتماع إلى بحث وسائل إخراج ليبيا من الفوضى السائدة فيها منذ سقوط معمر القذافي في أكتوبر 2011، وتستمر محادثات جنيف إلى يوم الجمعة وتعلق في نهاية الأسبوع لتستأنف في الأسبوع المقبل.

وأضاف ليون "هدفنا الأول هو التوصل إلى اتفاق سياسي مقبول لدى جميع الليبيين، مع احترام مكتسبات ثورة 7 فبراير والمؤسسات"، والهدف الثاني هو في "انهاء المعارك لأن ليبيا تغرق في الفوضى"، حسب قوله.

وتابع "نحن نكافح من أجل قيام المؤسسات، فيما هناك فوضى ناجمة عن انعدام الأمن عسكرياً".

وأكد أنه "ينبغي تفادي الفوضى التامة، لأن تبعاتها قد تتجاوز البلاد لتشمل منطقة المتوسط والشرق الأوسط والساحل وحتى أوروبا"، لكنه أوضح بأنه لا يتوقع "اختراقاً، لا غداً ولا بعد غد".

وأضاف "الفكرة الأساسية هي أننا لن نتخذ قرارات، بل سنقدم مقترحات، يمكن أن يقبلها الليبيون جميعاً".

وهناك ممثلون عن مجموعات مسلحة سيقررون خلال أيام ما إذا كانوا سينضمون إلى طاولة المفاوضات.

وقال ليون بهذا الصدد "أن الباب مفتوح أمام الذين لم يحضروا إلى جنيف وهم على الرحب والسعة"، موضحاً بأن "كل الأطراف الملتزمة بقيام ليبيا مستقرة وديموقراطية عبر الوسائل السلمية" تمت دعوتها إلى جنيف، معتبراً بأن الأهم في البداية هو "إقامة جو ثقة في بلد يوشك أن يصل إلى الفوضى الشاملة".

وكان الوضع في ليبيا تفاقم خلال الأشهر القليلة الماضية مع وجود حكومتين وبرلمانين يتنازعان السلطة، في حين وقعت مدينتا طرابلس وبنغازي بشكل كامل أو جزئي بأيدي ميليشيات مسلحة.

وأكدت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا على مشاركة نواب في البرلمان الذي تعترف به الأسرة الدولية، وبعضهم يقاطع أعماله، وشخصيات من المجتمع المدني بينهم نساء، ووزراء من الحكومات المؤقتة السابقة.

وقال المسؤول الدولي "أن كافة الأطراف المنخرطة في مشروع ليبيا مستقرة وديمقراطية عبر الوسائل السلمية" دمت دعوتها إلى جنيف.

وقال خبير الشؤون الليبية محمد الفرجاني لفرانس برس أن الحوار قد "يفشل لأن الأمم المتحدة لم تقم باختيار اللاعبين الأساسيين، فالمشاركون من الطبقة السياسية ليس لهم أي تأثير أو وجود على الأرض"، مؤكداً على أن الدعوة لم توجه إلى "اللواء خليفة حفتر وميليشيات فجر ليبيا".

وتسيطر فجر ليبيا التي تضم خليطاً من الميليشيات يطغى عليها الطيف الإسلامي على العاصمة منذ أغسطس الماضي، وقد اتهمت الأمم المتحدة بأنها تريد "تدويل" النزاع في هذا البلد.

أما حفتر، الشخصية المثيرة للجدل، فإنه يشن منذ أشهر هجمات على بنغازي لاستعادتها من المجموعات الإسلامية التي تسيطر عليها.

واعتبر دبلوماسي في الأمم المتحدة طلب عدم كشف هويته أن الظرف يثير التشاؤم، وقال "لدينا انطباع أنها الفرصة الأخيرة وليس لدى أي كان خطة بديلة مقنعة، هناك احتمال كبير للفشل في جنيف".

وأوضحت بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا أن المحادثات محورها "احترام شرعية مؤسسات الدولة ورفض الإرهاب" كما أنها تهدف إلى "ضمان انسحاب تدريجي لكل المجموعات المسلحة من المدن الكبيرة وضمنها طرابلس".

وبغية خلق الجو المناسب للحوار، عرض ليون "تجميد العمليات العسكرية لبضعة أيام".

وأضاف "إن الأمم المتحدة تعتبر أنه من المهم جداً وقف المعارك لإتاحة اطلاق هذا الحوار السياسي على أسس جيدة"، وعبرت البعثة عن الأمل في أن يلي ذلك "تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع بدعم واسع".

ومن الصعب جداً التقريب بين حكومتين، إحداهما مرتبطة بميليشيات فجر ليبيا والأخرى تحظى باعتراف المجتمع الدولي ومقرها مدينة البيضاء (1200 كلم شرق طرابلس).

وهناك أيضاً برلمانان أحدهما في طرابلس والآخر في مدينة طبرق على الحدود المصرية.

ويعتبر المجتمع الدولي أن استقرار السلطة يشكل مرحلة مهمة في محاربة الصعود القوي للجماعات الإسلامية والجهادية في ليبيا.

ووسط غياب قوى أمنية نظامية من جيش وشرطة مدربة بشكل جيد، تشن قوات اللواء حفتر وحكومة عبدالله الثني التي يعترف بها المجتمع الدولي هجمات في مناطق عدة سقطت بأيدي الإسلاميين لكن نتائجها تبقى متباينة.

وقد صرح الثني لوكالة فرانس برس أنه يتعين على "المجتمع الدولي المساهمة مع ليبيا في الحد من التطرف والإرهاب من خلال مساعدة الحكومة ومؤسساتها وعلى رأسها الجيش، برفع الحظر عن السلاح".

وقال الثني في لهجة لا تخلو من العتب أن "المجتمع الدولي صنف أنصار الشريعة في ليبيا ومواليها، كتنظيمات إرهابية، ويقود تحالفاً دولياً للقضاء على هذه الجماعات في العراق وسورية أما في ليبيا فإنها عبر جيشها تقاتل وحيدة هذه الجماعات ولم تتلق أي دعم".