كندا تقر قانوناً لمكافحة الإرهاب يزيد صلاحيات أجهزة الاستخبارات
أقر مجلس النواب الكندي قانوناً لمكافحة الارهاب يزيد بشكل كبير صلاحيات أجهزة الاستخبارات ويوسع نطاق عملها بحيث يسمح لها، للمرة الأولى في تاريخها، بتنفيذ عمليات تجسس خارج البلاد.
وكانت الحكومة المحافظة أعدت مشروع القانون هذا بعدما تعرضت البلاد في الخريف لهجومين نفذهما إسلاميون في كل من كيبيك والبرلمان الاتحادي في اوتاوا.وأقر مشروع القانون "سي-51" على الرغم من المعارضة الواسعة التي لقيها من جانب أحزاب في المعارضة وحقوقيين وشخصيات أخرى من بينها الكاتبة الشهيرة مارغريت اتوود، الذين اعتبروه انتهاكاً غير مسبوق للحريات المدنية مؤكدين أنه بلا ضوابط ومفرط في التعميم.ويجرّم القانون الترويج للارهاب ويسهل توقيف أفراد واحتجازهم على ذمة التحقيق بلا توجيه تهمة، كما يوسع تفويض جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي من جمع المعلومات إلى العمل الناشط على احباط مخططات ارهابية والتجسس خارج كندا.وأكدت اوتاوا أن الإجراءات الجديدة ضرورية لوقف مغادرة عدد من الشبان والشابات الكنديين إلى الخارج للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.وقتل ستة كنديين على الأقل في العامين الفائتين في أثناء قتالهم في صفوف التنظيم المتشدد في العراق وسورية.وأقر المشروع في مجلس العموم بأغلبية 183 مقابل 96، وذلك بعدما صوت لصالحه محافظو رئيس الحكومة ستيفن هاربر الذين يتمتعون بالأغلبية في المجلس، كما انضم إليهم نواب أحد أحزاب المعارضة.وبعد اعتماده أمام مجلس النواب أصبحت الطريق سالكة أمام اقرار هذا المشروع في مجلس الشيوخ لأن المحافظين يتمتعون بالأغلبية فيه،غير أن الغضب الواسع بسبب هذه التعديلات قد يبقى ويضر بطموحات المحافظين في انتخابات الخريف.وأشار استطلاع أخير لمؤسسة فوروم ريسرتش إلى معارضة أكثر من نصف الكنديين للإجراءات الأمنية المعززة، فيما أيدها الثلث فحسب.ويُشكّل هذا القانون أكبر تعديل يدخل على التشريعات الكندية لمكافحة الإرهاب منذ 2001، عندما سارعت أوتاوا إلى إقرار اجراءات جديدة للأمن القومي في أعقاب هجمات سبتمبر في الولايات المتحدة. وأكدت حكومة هاربر الحاجة إلى هذه الإجراءات لتعزيز أنشطة الكشف عن المخططات الارهابية واحباطها.وصرح وزير الأمن العام ستيفن بليني في البرلمان "علينا أن نضمن منع الإرهابيين الجهاديين الدوليين الذين يهددوننا من التحرك عبر ملء الثغرات في مشاطرتنا للمعلومات"، لكن معارضة القانون أتت واسعة النطاق وأبدت شراسة كبرى.وتصدر أربعة رؤساء حكومة سابقين وقضاة كبار الاعتراضات، وانضم اليهم زعماء قبائل السكان الأصليين والناشطون البيئيون الذين يخشون أن تستهدفهم الشرطة في اطار تلك الإجراءات.ويجيز التفويض الجديد لجهاز الاستخبارات اعتراض تحويلات مالية ومنع مشتبه به من صعود طائرة واعتراض أسلحة وإجراء عملية "قطع الرسائل عبر الانترنت"، مثلاً عبر قرصنة حساب على تويتر يستخدم لتجنيد جهاديين.وتصر الحكومة على استهداف الاجراءات هذه "للإرهابيين" وليس للمواطنين الذين يحترمون القوانين.لكن الحزب الديموقراطي الجديد المعارض أكد على أن القانون "مبهم وخطير ولن يعزز أمن الكنديين".وصرّح النائب عن الحزب راندال غاريسون أن "آلاف الكنديين نزلوا إلى الشوارع احتجاجاً على هذا القانون الذي سيبتلع حقوقنا وحرياتنا".وتابع "هؤلاء الأفراد يرفضون أن ينتصر الخوف على القيم التي تقود ديموقراطيتنا".كما أعتبر مفوض الخصوصية الكندي دانيال ثيريان أن مدى اتساع الصلاحيات الجديدة "مفرط" وأن اجراءات الحماية التي تفرضها للوقاية من انتهاك الخصوصية "مقصرة بشكل خطير".وحذّر من أن "الكنديين كافة سيعلقون في هذه الشبكة"، وغردت اتوود قائلة "أراكم في الحبس يا شباب".وتعهد آخرون على غرار مجموعة الناشطين على الانترنت اوبن ميديا وضع هذا القانون في صلب الحملة الانتخابية وأكدوا على أن "اقرار هذا التشريع المتهور سيشكل عبئاً على المحافظين في طريقهم نحو الانتخابات".