تلطخت الذكرى الرابعة لـ«ثورة 25 يناير» بالدماء، إذ سقط أمس 16 قتيلاً في مواجهات متفرقة كان أعنفها في حي المطرية معقل جماعة الإخوان في القاهرة، بينما أعاد اغتيال الناشطة اليسارية شيماء الصباغ بعض القوى الشبابية اليسارية والليبرالية إلى الشارع.

Ad

قُتل 16 شخصا وأصيب 45 آخرون في أعمال عنف وقعت أمس في مناطق عدة بمصر، من بينها القاهرة والبحيرة والاسكندرية ومحافظات أخرى، في الذكرى الرابعة لاندلاع ثورة يناير عام 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.

وفي وسط القاهرة، فرقت الشرطة بالغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش تظاهرة لنشطاء غير إسلاميين في محيط نقابة الصحافيين.

وكان مئات من المتظاهرين المعارضين للسلطة، ومعظمهم من الشباب صغيري السن، يهتفون «الشعب يريد اسقاط النظام» و»الداخلية بلطجية» وعددا اخر من الهتافات المعارضة للجيش والشرطة وجماعة «الاخوان»، قبل ان يهاجمهم متظاهرون مؤيدون للسلطة بالحجارة.

وتبع ذلك إطلاق مدرعات للأمن المركزي وقوات مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش على المتظاهرين المعارضين، الذين تفرقوا في الشوارع الجانبية.

وألقى رجال بزي مدني القبض على عدد من المتظاهرين الذين كان يتم وضعهم في باصات صغيرة (ميكروباص).

فشل إخواني

من جهة آخرى، فشلت جماعة «الإخوان» في استغلال ذكرى الثورة، وتنفيذ تهديداتها باقتحام ميدان «التحرير»، حيث واصلت قوات الأمن إغلاقه أمام حركة المرور، في وقت أصيب ضابطا أمن مركزي إثر انفجار عبوة ناسفة بالقرب من تمركز أمني في ميدان «الألف مسكن» شمال القاهرة.

وأشعل مجهولون النار في نقطة تجمع أمني بميدان «جهينة»، في مدينة «6 أكتوبر»، غرب محافظة الجيزة. وفرقت قوات الأمن مسيرتين للإخوان في المحافظة ذاتها.

وامتد لجوء «الإخوان» إلى العنف في عدة محافظات، ففي الإسكندرية سقط قتيلان أحدهما مسلح من أنصار «الإخوان»، بينما سقط الآخر «مواطن» قتيلاً، نتيجة إطلاق عناصر إخوانية النار بطريقة عشوائية، قبل أن تتدخل قوات الشرطة لتفريق التظاهرة، التي شهدت صدامات عنيفة انتهت بإلقاء القبض على 70 من أنصار الإخوان.

وفي حين نجح خبراء المفرقعات في تفكيك العديد من القنابل في عدد من المحافظات، أحبطت أجهزة الأمن بالقليوبية محاولة 4 مسلحين إشعال النيران في نقطة شرطة أبوزعبل، وأُلقي القبض على أحدهم وبحوزته كمية من القنابل، بينما أصيب رجال شرطة في عدة محافظات.

وذكرت وزارة «الداخلية» أن إرهابيين اثنين قتلا أثناء زرعهما عبوة ناسفة أسفل برج كهرباء في محافظة البحيرة، بينما وقعت ثلاثة انفجارات أسفرت عن سقوط برجي كهرباء في محافظة المنوفية، وانفجرت عبوة ناسفة بدائية الصنع في وقت متأخر من مساء أمس الأول بالقرب من الحاجز الأمني لمديرية أمن الفيوم من دون إصابات.

جنازة وغضب

 في غضون ذلك، ووسط استياء شعبي وحقوقي وسياسي واسع، شيع آلاف المصريين أمس، جثمان الناشطة السياسية شيماء الصباغ، في محل إقامتها بمدينة الإسكندرية الساحلية، وسط هتافات «الداخلية بلطجية»، تنديداً بعنف الشرطة، الذي أعاد إلى الأذهان جزءاً من صورة الثورة في 25 يناير، في يوم ذكراها الرابعة أمس.

من جانبه، بدأ مكتب النائب العام المستشار هشام بركات، أمس، التحقيق في واقعة مقتل الصباغ، التي كانت تشغل منصب أمين العمل الجماهيري في حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» بالاسكندرية، والتي سقطت بعد استخدام الشرطة للقوة، في تفريق مسيرة سلمية في ميدان «طلعت حرب» كانت في طريقها لوضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري لشهداء ثورة يناير في ميدان التحرير وسط القاهرة، أمس الأول.

وبينما استدعى الجميع، صورة «شهيد الشرطة» خالد سعيد الإسكندراني، الذي فجَّر مقتله ثورة 25 يناير، اتهمت أحزاب أجهزة الأمن بالضلوع في مقتل الناشطة. وأمر النائب العام بفتح تحقيقات موسعة في الحادث، للوقوف على المتسبب في القتل، كما تقرر استدعاء جميع أفراد قوة الشرطة، الذين اشتركوا في فض التظاهرة التي سقطت خلالها المجني عليها.

وفي وقت قال تقرير الطب الشرعي للقتيلة، إن طلقات «ناري رشي» اخترقت الرئتين والقلب، وأحدثت تهتكاً، بسبب إطلاقها من الخلف من مسافة قريبة، دانت أحزاب مدنية عدة مقتل الصباغ. وحمل حزب «التحالف الشعبي»، خلال مؤتمر أمس، وزارة الداخلية مسؤولية مقتل القيادية في الحزب، وقال نائب رئيس الحزب، مدحت الزاهد، إن «قوات الأمن هي من قتلت الصباغ»، واصفاً مقتلها بـ»الجريمة مكتملة الأركان».

مصدر مصري رفيع المستوى، قال لـ«الجريدة» إن النائب العام قرر استدعاء القيادي الأمني المسؤول عن تأمين ميدان «طلعت حرب» خلال التظاهرة، للاستماع إلى شهادته، لافتاً إلى أن النيابة تبذل قصارى جهدها كي لا يتم تسجيل القضية ضد مجهول.

وكان فريق من محققي النيابة أجرى معاينة لمسرح الحادث، بحضور خبراء مصلحة الأدلة الجنائية. وكشفت التحقيقات الأولية أن أعضاء في حزب «التحالف» نظموا مسيرة انطلقت من ميدان «طلعت حرب»، وأن قوات الشرطة حاولت منعهم من الوصول إلى ميدان «التحرير»، وأطلقت الغاز المسيل للدموع وألقت القبض على 6 منهم، بينما قررت نيابة «قصر النيل» إخلاء سبيل عدد من المشاركين في المسيرة، بعد أن استمعت إليهم كشهود على مقتل الصباغ وكمتهمين بالاشتراك في مظاهرة من دون تصريح.

في المقابل، جاءت ردود الفعل الرسمية على مقتل «الصباغ» متواضعة، حيث أكد رئيس الحكومة إبراهيم محلب، ثقته الكاملة في أن التحقيقات التي أمر بها النائب العام في حادث مقتل الصباغ، ستتوصل إلى الجناة الحقيقيين، بينما جاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي المسجلة، في مناسبة ذكرى الثورة، وأذيعت في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول، باهتة، على الرغم من إشادته بثورة 25 يناير، التي وصفها بـ«شعلة جديدة للأمل والتقدم».

تمديد الطوارئ

في موازاة ذلك، أعلنت القاهرة أمس مد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر أخرى في مناطق بشمال سيناء يتمركز بها متشددون مناهضون للحكومة.

وفرضت الحكومة الطوارئ بالمنطقة لأول مرة في أكتوبر، بعد مقتل 33 جنديا في هجوم للمتشددين يعتقد أنهم من جماعة «أنصار بيت المقدس».

بوتين والسيسي

في سياق منفصل، وبينما عاد السيسي إلى القاهرة، قادماً من الرياض، مساء أمس الأول، بعد زيارة خاطفة إلى المملكة العربية السعودية، قدم خلالها العزاء في وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، أعلنت مؤسسة الرئاسة المصرية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يزور مصر يومي 9 و10 فبراير المقبل.