يقال إن مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل تعتبر خروج اليونان من منطقة اليورو مجازفة يمكن تدبرها، ولن تشكل خطراً وجودياً على العملة المشتركة، وإذا كانت تعتقد بهذا الرأي فهو مضلل في أحسن الأحوال وخطر في الحال الأسوأ.

Ad

صحيح أن اليونان تشكل مجازفة أقل بالنسبة إلى بقية دول منطقة اليورو، مما كان الحال عليه عام 2009، عندما أطلق الكشف عن الحجم الحقيقي لعجزها المالي أزمة متواصلة، ففي الوقت الراهن يدين القطاع الخاص بخمس ديون حكومة أثينا فقط، وذلك بفضل عملية إنقاذ قام بها الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، كما أن اقتراض الشركات اليونانية الخاصة يشكل أقل من واحد في المئة من القروض التي قدمتها أكبر البنوك الأوروبية، بحسب بنك جي بي مورغان.

وهكذا، فإن من الصحيح أن الانتخابات اليونانية التي ستجري في وقت لاحق من هذا الشهر ستفضي إلى حكومة جديدة مستعدة للتخلف عن سداد ديونها بدلاً من المضي في سياسة التقشف، إذ ستكون التداعيات المالية محدودة، وعلى أي حال فإن هذا يطرح القليل فقط حول الفوضى التي يمكن أن ترافق خروج اليونان من منطقة اليورو، ولا يمكن مطلقاً التنبؤ بالعدوى.

ورغم أن معاهدة الاتحاد الأوروبي تؤكد أن العضوية "لا تلغى" فإن الأعضاء الآخرين في العملة الأضعف سيكونون عرضة للتكهن حول قوة استمرارهم، وقد يشعر المستثمرون برغبة في تقليص السندات إلى ايطاليا والبرتغال أو إسبانيا، بغض النظر عن مدى قوة المجادلات السياسية والاقتصادية ضد خروج تلك الدول من اتحاد العملة، ما يدفع تكلفة اقتراضها إلى مستويات ليست قادرة على تحملها.

وقد لا يعكس تقرير مجلة دير شبيغل حول نوايا ميركل موقف ألمانيا بدقة من خروج اليونان من منطقة اليورو، إذ يقول جوشيم بوس، وهو مشرع في الائتلاف الألماني، إن العواقب ستكون من النوع الذي لا يمكن أن يحصى، كما أن المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن سيبرت لاحظ أن سياسة المنطقة تتمحور حول "استقرار وتقوية منطقة اليورو بكل أعضائها بما في ذلك اليونان".

ورغم ذلك فإن مجرد مناقشة الشرخ المحتمل في منطقة اليورو يجب أن يمثل تحذيراً إلى القادة الأوروبيين بأن طريقهم نحو اتحاد أوثق ليس مضموناً على الإطلاق، وقد هبط اليورو إلى أدنى قيمة له مقابل الدولار منذ سنة 2006، ورغم وجود عوامل اخرى أسهمت في هذه الحصيلة فإن هذا تذكير بأن المستثمرين لا يرغبون في توظيف أموالهم في عملة مجهولة المستقبل.

وعلينا التأكد من أنه بغض النظر عن أي مزاعم تصدر عن بعض السياسيين حول قيامهم باحتواء أزمة يونانية محتملة فإنهم عجزوا عن تحقيق ذلك، وأي خروج لدولة من منطقة اليورو سيلقي بظلال الشك على استمرار وجود العملة المشتركة.