أن نثق بمؤسسات الدولة!
في الكويت اليوم موجة عارمة من الفساد، وكلام كبير لمحاربته، لكن البون شاسع بين الفساد ومكافحته لسبب بسيط وهو أن من بين من يتحدثون عن الإصلاح من هم موضع شك لدى المواطنين، أي أننا نعود مرة أخرى إلى مسألة الثقة، ذلك المعيار الذي رفع شأن أمم ودول، وذهب بأخرى إلى عالم المجهول.
أول العمود: يجب وضع ملصقات على المباني قيد الإنشاء تتضمن قرار حظر تشغيل العمال وقت الظهيرة للتوعية بحقوقهم. ***كيف يمكن تفسير رفض أساتذة جامعيين لمنصب رئاسة الجامعة بسبب "الضغوط المتوقعة" على من سيتولى المهمة كما أكد ذلك وزير التربية؟ وكيف يمكن أن يستقبل المواطن العادي تسفير شخصية معروفة للعلاج في الخارج دون الدخول في الإجراءات المعتادة؟ وبماذا يفكر عامة الناس بشأن من سرق أموال التأمينات الاجتماعية؟ وكيف يتفاعل عقل مواطن بسيط مع كذب ممثله في البرلمان على الناخبين ونكثه وعوداً سابقة؟ ولماذا تم توزيع أراضٍ زراعية من باب الإهداء؟ ولماذا تحدثنا عن مشروع خصخصة "الكويتية"، ثم تراجعنا دون إبداء سبب واضح؟ وعشرات الأسئلة التي تشغل المواطنين يوميا دون إجابات مقنعة أو شفافة.هنا نحن نتحدث عن ثقة من يعيش على أرض الدولة بمؤسساتها السياسية والاقتصادية والخدمية، وهي ثقة تخلقها سلوكيات البشر الذين يديرونها من قيادات عليا وموظفين، إذ لا توجد معايير ثابتة مثلا لمسائل تتعلق بتنصيب القيادات الإدارية، وأيضا لا يمكن الثقة بتصرحات التربويين عن نسب النجاح المرتفعة في اختبارات التعليم في ظل تراجع معدلات التنمية الشاملة التي تعتمد على مخرجات التعليم! وكيف يمكن تفسير اختلاف مدد استخراج رخص تجارية بين مواطن وآخر، أو تذبذب سياسات الابتعاث الخارجي للتعليم بين عام وآخر، أو تطبيق سياسة الإحالة إلى التقاعد بين مؤسسة وأخرى، ومسائل كثيرة أخرى تكشفها معايير مؤشر التنافسية العالمية بين الدول.وهنا أيضا لا يمكن الحديث عن اطمئنان المواطن تجاه أداء مؤسسات بلده في ظل اعتراف السياسيين بالرشا والمحسوبيات والوساطات التي أكلت مفاصل الدولة، كما لا يمكن إيهام الناس بأن من يهدد أمن البلد هو من يتحدث في وسائل التواصل الاجتماعي أو يكتب في مدونة منتقدا أوضاعا عامة، لا الذي يبذر أموال الدولة ويسمح بصرفها بلا وعي وهو في أعلى هرم إداري، كمصروفات الأوامر التغييرية أو صرف المكافآت والمزايا العينية للموظفين بشكل لا تخطئه تقارير ديوان المحاسبة.في الكويت اليوم موجة عارمة من الفساد، وكلام كبير لمحاربته، لكن البون شاسع بين الفساد ومكافحته لسبب بسيط وهو أن من بين من يتحدثون عن الإصلاح من هم موضع شك لدى المواطنين، أي أننا نعود مرة أخرى إلى مسألة الثقة، ذلك المعيار الذي رفع شأن أمم ودول، وذهب بأخرى إلى عالم المجهول.