في سياق الحديث عن الانتخابات القادمة في مقالي المنشور على هذه الصفحة الأحد الماضي تحت عنوان "الانتخابات البريطانية والانتخابات المصرية القادمة والفساد والمال السياسي" طالبت الرئيس السيسي بألا يقف الموقف السلبي الذي وقفته المؤسسة العسكرية من انتخابات مجلس النواب والشورى السابقين، فباءت طموحات الجماهير وآمالها في تحقيق أهداف الثورة بالفشل، عندما قفز إلى الحكم من أرادوا تغيير هوية الشعب.

Ad

 صحيح أن الرئيس السيسي خرج من رحم هذه المؤسسة، ولكن الظروف والأوضاع قد اختلفت تماما، فهو الرئيس المنتخب الذي أولته جماهير ثورة التصحيح في 30 يونيو ثقتها الكاملة بأن يحقق مطالب الثورة: عيش وحرية وعدالة اجتماعية، وأن عليه أن يعلن خطته في تحقيق هذه العدالة وفي الحرب على منظومة الفساد، التي نمت وترعرعت خلال القرون السابقة في ظل تزاوج المال بالسلطة، وأن تقوم وسائل الإعلام بزرع القيم الاجتماعية التي تقوم عليها هذه الخطة في نفوس الناخبين المؤمنين به ووجدانهم، لتدور المعركة الانتخابية حول هذه الخطة، للحد من تأثير المال السياسي على هذه الانتخابات، خصوصا أن منظومة الفساد هي أحد منابع تمويل الإرهاب، ولتضمن انشغالك عن معركتك القادمة بإذن الله، التي سوف تكون أكثر شراسة وكلفة.

ولا أستبعد في سياق الحديث عن تأثير المال السياسي على الانتخابات القادمة، أن يدافع أباطرة المقاطعات التي خرجت عن سيطرة الدولة وسيادتها عن مناطق نفوذهم وعن مكاسبهم ومكتسباتهم اللا شرعية، بصنع المال السياسي في هذه الانتخابات، ليحول البرلمان القادم بين الدولة وبين استردادها لسيادتها مرة أخرى، ووضع حد للتجاوزات التي يمارسها هؤلاء الأباطرة على أحكام الدستور والقوانين.

لماذا بورتو مصر؟

سؤال وجهه لي الصديق العزيز والخبير الدستوري والقانوني د. محمد طه، مضيفا بأن هناك شركات أخرى ترتكب الجرائم ذاتها في حق المال العام، وفي حق من باعتهم الوحدات التي أقامتها على الأراضي التي خصصتها لها الدولة أو باعتها لها لتقيم عليها مجمعاتها السكنية، ومنتجعاتها السياحية.

وكان الدكتور محمد طه يعلق على مقالين نشرا لي على هذه الصفحة تحت عنوان "بورتو مصر أرباح طائلة وموارد ضائعة على الدولة" (3/ 5)، والثاني "زمامات بورتو في مصر أسوأ من نظام الالتزام في عصر الفوضى". (10/ 5).

وأعترف بأن الدكتور محمد طه هو أول من يعلق على مقالي الأسبوعي صباح نشره، وأنه لم يتخلف عن ذلك مرة واحدة، ولهذا فأنا مدين له بالتوضيح، في كل مرة، سواء كان مادحا أو قادحاً.

ولكن في سياق السؤال الذي طرحه الصديق العزيز أجد نفسي مدينا لقرائي بالتوضيح أيضاً، وأتفق تماما مع د. محمد طه في أن القضية قضية عامة، وليست قصرا على شركات بورتو (عامر جروب) وقد حرصت على أن أتناولها بوجه عام، دون الإشارة إلى شركة بذاتها، عندما تناولت هذا الموضوع في مقالين لي على هذه الصفحة في مارس الماضي، تحت عنوان "دافوس والعولمة والفساد الحليف الاستراتيجي". (1/ 3) وتحت عنوان "عقود الإذعان... من يحمي المستهلك من جشع الشركات؟". (8/ 3).

وأستعيد للإجابة عن سؤال د. محمد طه، ما نقلته عن الدكتور الدسوقي في مقال الأحد الماضي عندما وصف أنواع الفساد، بأن بعضه أملس وناعم كجلد الأفعى، وبعضه ملون كلون الحرباء، وبعضه لا يظهر منه إلا جزء في حين يتغطى باقيه بالماء كجبل الجليد.

وأجيب الدكتور الفاضل بأنني اخترت بورتو، لأكشف الغطاء عن الجزء الذي يتغطى بالماء في مقاطعات بورتو بالوثائق التي تحت يدي، وهي مستندات من صنع شركات بورتو، فهي صادرة من هذه الشركات وموقعة من المسؤولين فيها، من خلال تجربة شخصية لي مع إحدى شركات بورتو، وهي بورتو السخنة، فهي ليست محض خيال أو افتراء كاتب.

وتدين هذه المستندات شركة بورتو بالعدوان على المال العام، وعلى الدستور، وتجاوز أحكام القوانين، وهو ما سأفرد له المقال القادم بإذن الله.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.