روح الانتقام

نشر في 07-12-2014
آخر تحديث 07-12-2014 | 00:01
 مظفّر عبدالله سيادة روح الانتقام لا تقدم حلاً لقضايانا العالقة، فذهنية مَن يتصدرون المشهد السياسي والإداري الإقصاء والتهميش. في مسألة التطرف نحتاج إلى التسامح، في الرياضة نحتاج إلى استيعاب الهدف الحضاري منها، في «البدون» يجب وقف أكذوبة النسيج الاجتماعي لمصلحة سياسات الاندماج الاجتماعي.

أول العمود:

اعتصام موظفات إدارة شؤون القرآن الكريم أمام مجلس الأمة بسبب تعديل ساعات العمل حق لا خلاف على ممارسته، لكن ما علاقة ذلك بقولهن: "استوصوا بالنساء خيراً"؟!

ذهنية الانتقام والإقصاء السائدة في العمل السياسي والجهاز الإداري للدولة تتسبب اليوم في تردٍّ كبير يساهم في تآكل جهود إيجابية تتطلع إلى حل قضايا عديدة عالقة.

سنضرب أمثلة لتقريب الصورة؛ ففي فترة مضت تغولت أدوات بعض نواب مجلس الأمة لتحقيق هدف نبيل، وهو منع السطو على المال العام، لكنهم جاءوا بروح انتقامية (يتبرأون منها اليوم) وجرى اتهام أسماء دون دليل، فماذا جنينا؟ تبين أن هناك قصوراً في التشريع أضاع فرصة التحقق من ملفَّي الإيداعات والتحويلات المليونية! والنتيجة غضب في الشارع تجاه أسماء وممارسات لا نملك دليلاً يقودها إلى المحاكم.

اليوم هناك حديث جاد عن تواجد عناصر متطرفة أو مساندة لتنظيمات متطرفة في المؤسسات العسكرية، وجرى تسريح ملتحق بـ"داعش" مؤخراً من وزارة الداخلية، وهذا نموذج محدود يجب ألا يعمينا عن القصور في توسيع مساحات التسامح وكشف غايات الدين، فالكراهية المتولدة من خط الطائفة والمذهب والمركز الاجتماعي مسؤولة عن توليد متطرفين بشكل مستمر. ( تبين اليوم أن مركز الوسطية في وزارة الأوقاف كان وهماً).

 تتكرر سنوياً حملات تهدف إلى مناهضة ما يعتقد البعض أنه "انحراف" من شرائح اجتماعية، يتم من خلالها إيصال رسائل تتضمن عنفاً، هي الأخرى كما هو الحال في أجواء عاشوراء، لكننا لم نستطع أن نكون جميعاً في دائرة سلام داخل مناسبة عاشوراء!

وحتى في الرياضة التي هي نشاط حضاري في الأساس نجد من يريد تحويلها إلى انتقام بإنهاء عقد مدرب كما حدث بعد خسارة منتخب الكويت في كأس الخليج اعتقاداً منهم أن البتر وسيلة لمحاكمة عقود من التأخر في ملف الرياضة.

أعجبني قول لداعية السلام الأم تريزا حينما قالت بأنها ستسعد لدعوتها إلى تظاهرة حول السلام، بينما سترفض أي دعوة لمناهضة الحرب، والفرق بين الدعوتين شاسع كما نرى: بين روح الانتقام وروح البناء.

ما يجرى في بلدي اليوم شيوع حالة من الإقصاء والتهميش من قبل من يتفردون بالمناصب مهما كانت محدودة إدارياً، وسبب ذلك عدم امتلاك الرؤية الواسعة النطاق التي تستوعب تفاصيل أي مشكلة، وهي الرؤية التي تتطلبها الحكمة والتروي في النظر لأي مشكلة كما يحدث لموضوع "البدون"، فينجرّ الحوار فيه إلي منزلق الأعراق والأنساب وعدم التوافق مع أكذوبة النسيج الاجتماعي، ويبتعد عن نظرة احترام آدمية البشر ودمجهم في برامج التنمية البشرية التي هي أساس خلق الروح الوطنية والتي لا نزال نعتقد أن مصدرها تأليف الأغاني الوطنية! نحن نقدم أدلة يومية على انحسار قيم السلام الاجتماعي.

back to top