هل حان وقت تخفيض الفائدة لتحفيز الإقراض وتنشيط السوق؟

نشر في 04-01-2015 | 00:10
آخر تحديث 04-01-2015 | 00:10
No Image Caption
مصرفيون لـ الجريدة•: الخفض سيساعد على امتصاص السيولة لدى البنوك وتوجيهها إلى القطاعات التشغيلية

يرى مصرفيون أن الوقت حان لتخفيض سعر الفائدة، الذي يبلغ حاليا 2 في المئة، لدعم الاقتصاد الكلي الذي يعاني العديد من الصعاب، وسط تفاقم أزمة انخفاض أسعار النفط.
يعاني سوق الائتمان المحلي جمودا واضحا خلال السنوات الماضية، منذ اندلاع الازمة المالية العالمية وامتداد تداعياتها السلبية على القطاع المصرفي، حيث انكمش الائتمان الموجه إلى جميع القطاعات التمويلية ما عدا قطاعا واحدا وهو الافراد أو الشخصي، حيث اعتمدت البنوك على زيادة تمويلاتها في قطاع القروض الشخصية للافراد، لتنمو بشكل كبير خلال الفترة الماضية مقابل انخفاض واضح في حجم القروض الممنوحة للشركات خاصة الاستثمارية والعقارية.

واستحوذ قطاع القروض الشخصية للافراد على 40 في المئة تقريبا من اجمالي التمويل المقدم، حسب آخر احصائيات البنك المركزي، يليه قطاع العقار 26 في المئة، والقطاع التجاري 10 في المئة، والانشاءات بـ6.5 في المئة، والصناعة 6 في المئة، وتقلصت التمويلات المقدمة إلى المؤسسات المالية غير البنكية إلى دون 4.5 في المئة من حجم الائتمان.

ومن النسب السابقة قالت مصادر ان النمو في التمويل عادة ما يذهب إلى قطاع الأفراد الذي شهد نموا واضحا منذ عام 2009، بسبب تركيز البنوك عليه في ظل ارتفاع المخاطر على بقية القطاعات التمويلية خاصة قطاع المؤسسات المالية وشركات الاستثمار، والتي كانت أكثر الشركات معاناة خلال الازمة المالية، حيث انخفضت اسعار اصولها وضماناتها، كما عانت شح سيولة كبيرا لتتعثر قدرتها على تسديد التزاماتها لتبدأ مرحلة إعادة هيكلة الالتزامات التي قد تنجح أو تفشل فتعود وتقوم بإعادة هيكلة للهيكلة وهكذا.

وزادت المصادر أن أزمة شركات الاستثمار أثرت بشكل كبير على الائتمان الممنوح، خاصة ان هذا القطاع كان المحرك الاساسي للتمويل قبل الازمة، إذ كان يتم توجيه هذه التمويلات إلى سوق الاسهم بشكل مباشر، وهو ما اختلف الآن بعد تشديد «المركزي» على تمويلات الاسهم وعلى التمويلات بشكل عام مع زيادة ضمان الودائع.

جهود «المركزي»

من جانبه، سعى المركزي بشكل متواصل إلى تنظيم مستويات السيولة المحلية، بما يتماشى مع تطورات الأوضاع الاقتصادية والنقدية والمصرفية المحلية والاقليمية والعالمية، حيث يستخدم في سبيل ذلك أدوات مالية عديدة، أهمها أدوات الدين العام من أذونات وسندات خزانة، اضافة لقبول الودائع من البنوك المحلية، وتخفيض اسعار الفائدة على الدينار.

ورغم هذه الجهود فإن هذه الادوات المالية لم تستطع امتصاص السيولة الكبيرة التي يتمتع بها السوق المحلي الكويتي، لاسيما مع وجود العديد من العوامل السلبية لدى البيئة التشغيلية للبنوك.

ولعل من أهم هذه الادوات حاليا تخفيض أسعار الفائدة، حيث ظلت اسعار الفائدة ثابتة دون تغير منذ خفض بنك الكويت المركزي سعر الخصم بمقدار 50 نقطة أساس لتصل إلى 2 في المئة خلال أكتوبر 2012، وكان «المركزي» خفض سعر الخصم 7 مرات خلال خمسة اعوام بين عامي 2008 و2012 لتنخفض من 5.75 إلى 2.5 في المئة، تماشيا مع التخفيضات العديدة التي أجراها الاحتياطي الفدرالي الأميركي.

وتكتسب أداة تخفيض الفائدة اهميتها الآن، والتي من شأنها أن تساهم في خلق أجواء جيدة لجميع القطاعات الاقتصادية خاصة البنوك والشركات، وتعزيز أجواء الثقة بالاقتصاد الوطني وتحفيز النمو الاقتصادي الذي يعاني الجمود خلال الفترة الحالية، ضمن حزمة من الاجراءات الحكومية التي تنتظرها الدولة بشكل عام لمعالجة الاختلالات الاقتصادية التي تعانيها الكويت.

خفض الفائدة

ويرى مصرفيون ان الوقت حان لتخفيض سعر الفائدة الذي يبلغ حاليا 2 في المئة، لدعم الاقتصاد الكلي الذي يعاني العديد من الصعاب، وسط تفاقم أزمة انخفاض اسعار النفط، التي قد تؤثر على الانفاق الاستثماري للدولة، ما قد يؤدي إلى تعطيل مشاريع التنمية، مشددا على ضرورة اتباع هذه الخطوة بقرارات تشريعية نافذة وصريحة وداعمة للاقتصاد الكلي.

وقال هؤلاء المصرفيون لـ«الجريدة» إن قرار خفض الفائدة ستظهر نتائجه على المدى المتوسط، وسيكون عاملا ايجابيا لتحريك السيولة المتراكمة في البنوك لتجد طريقا للاستثمار في القطاعات التشغيلية، عبر تخفيض التكلفة على المشاريع وتحسين التنافسية وتخفيض عبء الديون على المقترضين، كما سيدعم الحركة التجارية والتوجه الى الاقتراض بالدينار الكويتي عوضا عن العملات الأجنبية.

وأضافوا أن القرار سيعمل على انحسار الضغوط التضخمية مع المحافظة على متانة الأوضاع المالية لوحدات القطاع المصرفي والمالي وضمان جاذبية وتنافسية العملة الوطنية، مبينين أن انعكاسات القرار ستكون ايجابية على جميع انواع القروض، سواء العقارية أو الاستهلاكية، كما ستنمو القروض الانشائية، اضافة إلى القروض الفردية التي سيكون لها نصيب كبير في الزيادة.

وتابعوا ان أثر الخفض سيكون ايجابيا على القطاع العقاري بشكل عام، خاصة على قطاع العقار الاستثماري، موضحين أن المستثمرين العقاريين سيستفيدون من انخفاض تكلفة الاقتراض بضخ سيولة جديدة بهذا القطاع الهام، الذي يتميز بعوائد شهرية مرتفعة مقارنة بعوائد الودائع البنكية.

وأفادوا بأنه من جانب آخر سيحفز القرار الشركات النفطية الخاصة على المشاركة في المشاريع النفطية الكبرى عن طريق الاقتراض من البنوك بعد تخفيض سعر الفائدة، كما سيدفعها إلى المشاركة في المناقصات الكبرى.

سلاح ذو حدين

من جانبها، افادت مصادر مصرفية بأن التخفيض يعد سلاحا ذا حدين، فمقابل المميزات التي سبق ذكرها توجد بعد السلبيات له خاصة لأصحاب الودائع، كونها ستعطي فوائد منخفضة حاليا، مبينة انه يجب أولاً مناقشة مدى تأثير ذلك القرار على محفظة الودائع مقابل القروض وتأثيره أيضا على الاستحقاقات المترتبة على الودائع.

وأكدت المصادر ان القرار لن ينطبق على القروض السارية حاليا، أي لن يستفيد منه الحاصلون على قروض سابقة، بل اصحاب القروض الجديدة فقط.

ولفتت إلى أن انخفاض سعر الفائدة سيقلل الطلب على الدينار، ما قد يؤدي إلى انخفاض سعر الدينار، وهو أمر سلبي لأن الكويت بلد مستورد لا مستهلك، موضحة أنه من جانب آخر فإن انخفاض الدينار له جانب ايجابي، حيث ستستفيد الايرادات الحكومية من ارتفاع قيمة الدولار امام الدينار لأنها مسعرة به.

وأشارت إلى أن القرار قد لا يحقق الهدف الاساسي منه وهو انتعاش الاقتصاد، بل قد يحقق جزءا من الهدف وهو التشجيع على الاقراض، لكن انعدام الفرص الاستثمارية وشح القنوات الاستثمارية بالكويت ستمنع الوصول إلى الاستفادة المثلى من مثل هذه القرارات.

وأوضحت أنه يجب البدء بإقرار بعض التشريعات الهامة التي تحفز وتشجع الاستثمار، مشيرة إلى أن تخفيض الفائدة لن تستفيد منه القطاعات الاقتصادية إلا في حالة تخفيف قبضة المركزي والبنوك على الشروط والضمانات الائتمانية، وقامت بتسهيل إجراءات القروض أمام الشركات التي لا تسطيع توفير الضمانات الحالية للحصول على تمويلات جديدة.

back to top