يؤكد مختصون في الشأن الاقتصادي أن النتيجة الفعلية لزيادة أسعار الديزل والكيروسين التي دخلت إلى حيز التنفيذ بداية الشهر الجاري هي إضعاف القدرة الشرائية، بما يعني تخفيض قيمة جميع الرواتب في الدولة انعكاساً لزيادة الأسعار، والذي قدرته وزيرة التجارة السابقة وعضو هيئة التدريس بجامعة الكويت د. أماني بورسلي بنسبة تتراوح بين 10 و20 في المئة من كل الأجور في الدولة والمعاشات التقاعدية والمساعدات الاجتماعية، وهو ما يعني عملياً أن الفئة التي مُسَّت نتيجة رفع أسعار بعض المشتقات النفطية هي أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، بينما ستكون بمنزلة قيمة مضافة لأصحاب الأعمال.
بعد إعلان قرار الحكومة بشأن الديزل في شهر أكتوبر الماضي كتبت مقالتين بعنوان "قمة الإصلاح... قمة العدالة" و"سيناريو الإصلاح... والمرض الهولندي"، توقعت فيهما ما سيحدث عند رفع الدعم "الدفتري" عن المشتقات النفطية من ارتفاع في الأسعار ستحاول الدولة في البداية مواجهته، ولكنها مع مرور الوقت وسطوة من تحاول مواجهتهم من المتسببين في رفع الأسعار، ستفتر همتها ويتلاشى عزمها وستصبح الزيادات واقعاً لا فكاك منه، وهو ما اعتدنا عليه منذ 15 عاماً بعدم قدرة الدولة على السيطرة على الغلاء، وهو ما يعني فعلياً زيادة في تكاليف المعيشة ومعاناة جديدة للأسر الكويتية.ما حدث على أرض الواقع، بعد الزيادات الأخيرة التي بلغت ثلاثة أضعاف، أن توفير الدولة للدعم الدفتري للديزل البالغ 280 مليون دينار، بما يمثل تقريباً 1.25 في المئة من الإنفاق في الميزانية العامة للدولة، فتح باباً أشد تكلفة عليها نتيجة ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات، لا مواد البناء فقط، بما سيؤدي إلى تكاليف إضافية في مناقصات ومشاريع الدولة، ومطالبات شعبية بزيادة الأجور ستتفجر قريباً، وهو ما يؤكد أن القرارات التي تُتَّخذ في مجلس الوزراء تنقصها الدراسات الصحيحة لأثرها ومدى ملاءمتها لأوضاع البلاد.تجربة القرار الحكومي الخاص برفع أسعار الديزل والكيروسين، وما نتج عنها من آثار نحن مازلنا في بداياتها بعد، تشير إلى أن مقاربة الحكومة للإصلاح الاقتصادي خاطئة ولا تنم عن جدية واحترافية، بل تتم بأسلوب التجارب، وهو أمر بالغ الخطورة، وفيه نوع من المجازفة التي لا تجوز مع واقع ومستقبل بلد وحياة شعبٍ تلك الحكومة مؤتمنة عليه وعلى حفظ مصالحه.والواقع أن الحكومة، لسببٍ ما، تتحاشى القرارات الجدية للإصلاح الذي يحقق العدالة الاجتماعية، والذي يقتضي بأن يبدأ على الشرائح المقتدرة، بدراسة الضرائب التصاعدية التي لا يمكن أن تؤدي إلى زيادة الأسعار، لأنه كلما ارتفعت الأسعار وزادت الأرباح ارتفعت الضريبة على من يجنيها، وكذلك السلع والخدمات الكمالية، وفرض الرسوم على التحويلات المالية الخارجية وزيادة تكلفة الكهرباء والماء للمجمعات التجارية والاستثمارية، وهي الإجراءات المستحقة بشكل متدرج ومدروس، لا القرارات التي تؤدي إلى زيادة تكلفة مواد البناء الأساسية والنقل وخبزة التنور! والتي تستهدف الشرائح الأضعف في المجتمع ولا تحقق الإصلاح الاقتصادي الحقيقي.
أخر كلام
فعلياً... تم تخفيض الرواتب!
08-01-2015