استعادة هيبة الدولة
![عبداللطيف المناوي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1459078147207955600/1459078157000/1280x960.jpg)
الأمر المثير للدهشة والإعجاب أن مصر منذ انتفاضة شعبها في 30 يونيو والتخلص من نظام الجماعة فإن الملحوظة الرئيسية هي انخفاض معدلات الجريمة بشكل كبير، قد لا تكون هناك أرقام دقيقة حالياً لكن الملحوظة العامة أن هناك تراجعاً واضحاً في شكل الجريمة ونوعها، والدليل الآخر على ذلك هو تلك الحالة من الشعور بالأمان الذي بدأنا جميعاً نشعر به في حركتنا وحركة أبنائنا، فلم يعد ذلك الخوف وحالة الرعب أثناء الحركة أو حتى مع الوجود في البيوت، الآن أظن أن قدراً كبيراً من الإحساس بالأمان عاد على الرغم من أنه لا يمكن القول بأن أجهزة الأمن استعادت قوتها الكاملة بعد، لكن الإحساس العام الذي ملأ المصريين بأن بلدهم عاد إليهم قد توازن مع شعور بأن الأمور باتت أكثر أمناً مع اختفاء الجماعة من موقع السلطة. لكن، مرة أخرى لكن، لا يبدو أن الجماعة وتوابعها يريدون للدولة أن تعود ويصرون على تحدي هيبتها وقوتها بأي شكل، بل بكل الأشكال، وهذا الأمر يتسبب في خسارتهم للبقية الباقية من تعاطف معهم في الشارع، وهذا ليس قضيتنا اليوم، فإنهم بهذا السلوك إنما يحصنون مصر ضد تأثيرهم لعقود، لكن ما يهم هنا الآن هو تلك الفوضى التي ينشرونها بين الناس، تلك الحالة من تحدي هيبة الدولة والقانون وقبلها انتفاضة الشعب الرافضة لوجودهم على مقاعد السلطة والقيادة، عندما أطالب اليوم بتدخل حاسم لفرض القانون وإعادة النظام فأنا أظن أنني أعبر عن رأي قطاع كبير من المصريين، لن أبالغ إذا قلت إنه القطاع الأعظم، على الجماعة وقيادتها أن تعلم أن الأمر قد انتهى وأن عودتها إلى السلطة لم تعد ممكنة، حالة البلطجة وقطع الطرق وترهيب المواطنين يجب أن تتوقف فوراً وبأي ثمن، لقد بدأت مصر مشوارها لوضع أسس الدولة المدنية الحديثة، وخطوة مهمة الآن للوصول إلى ذلك الهدف هي اتخاذ الإجراءات القانونية التي تضمن للمصريين العيش بأمان، ما نشهده الآن على الأرض يتجاوز حدود المقبول، يتحدى إرادة الشعب ومفهوم القانون، الأهم أنه شكل واضح من الإفساد في الأرض وتعريض مصالح الوطن والمواطن للخطر، وإذا لم تستطع الدولة وأجهزتها ومؤسساتها النجاح في ترسيخ استعادة الهيبة فإن هذا طريق لن يقودنا إلا إلى طريق لا نتمناه من الفوضى، هذا اختبار أول يتطلب موقفاً قوياً واضحاً باستخدام كل الأساليب القانونية لحماية الوطن والمواطن. لن أستطيع أن ألوم سائق ميكروباص يقف وسط الطريق، ولا أملك أن أطلب من بائع متجول أن يترك نهر الطريق ولا أستطيع أن أحاسب متجاوزاً للقانون إذا لم تقم الدولة بدورها الرئيسي لاستعادة الهيبة، وهذا مطلب الناس، بدأت الدولة في اتخاذ خطوات تحتاج إلى تأكيدها والمزيد منها.