«الحيالة»

الاحتيال فن يحتاج إلى ذكاء وسرعة بديهة وحسن تصرف في المواقف، فكثيراً ما نسمع حكايات عن أشخاص وقعوا فريسة في شرك "الحيالة"، فعلى سبل المثال هناك من سُرق ماله من مقاول البناء الذي أخذه وهرب، وآخر أُخذت سيارته، وغيره أُخذ بيته، ومنهم من باع الأهرامات لجلبها إلى الكويت كما شاهدنا في مسلسل درب الزلق. لا أريد أن أسترسل في ذكر الأمثلة عن الحيالة لأن قصتنا اليوم فيها صورة من صور فن الاحتيال:

سكن بجوار جحا تاجر يهودي، وكان جحا يتمنى أن يصبح تاجراً مثله، فأخذ يدعو ربه ليلا ونهاراً أن يرزقه ألف دينار... وفي أحد الأيام خرج جحا من بيته فوجد على الأرض كيسا مملوءاً بالمال، فأخذه وأسرع على بيته، وشاهده اليهودي أثناء عودته وهو يلتقط كيس المال من الأرض فهو كيسه الذي فقده قبل قليل أثناء خروجه من بيته. فتح جحا الكيس فوجد داخله 999 ديناراً فرح وشكر ربه على استجابة دعائه، وبينما جحا فرح بماله سمع قرع الباب وعندما فتحه وإذا بجاره اليهودي يقف بالباب.

اليهودي: لقد شاهدتك وأنت تلتقط الكيس الذي سقط مني على الأرض وبداخله 999 ديناراً.

جحا: هو مالي فقد دعوت ربي أن يرزقني ألف دينار فرزقني 999 ديناراً.

اليهودي: سوف أشتكيك عند القاضي.

جحا: روح اشتكي... وأعلى ما في خيلك اركبه.

اليهودي: يا حضرة القاضي لقد سقط مني كيس بداخله 999 ديناراً فشاهدت جحا يلتقطه من الأرض ورفض أن يرده لي.

القاضي: اذهب وأحضر جحا حالاً.

اليهودي لجحا: القاضي يريد حضورك الآن.

جحا: رجلي تؤلمني لا أستطيع المشي.

اليهودي: أحملك على حماري.

جحا: الجو شديد البرودة وليس عندي ما يدفئني.

اليهودي: أعطيك عباءتي الثقيلة.

لبس جحا عباءة اليهودي، وركب حماره وسار إلى القاضي.

القاضي لجحا: هذا اليهودي يدعي أنك أخذت ماله الذي سقط منه، فماذا تقول؟

جحا: يا حضرة القاضي هذا اليهودي كذاب ما أخذت ماله، بل إني دعوت ربي فرزقني المال وسأثبت لك يا حضرة القاضي أنه كذاب، هذه العباءة التي أرتديها لو سألته لقال لك إنها عباءته.

اليهودي: نعم يا حضرة القاضي إنها عباءتي.

جحا: ولو سألته عن حماري الذي جئتك به لقال إنه حماره.

اليهودي: نعم يا حضرة القاضي إنه حماري.

القاضي لليهودي: يا كذاب كيف تدعي أن عباءة وحمار جحا لك، أكيد المال ليس مالك، إنما مال جحا المسكين، اخرج يا كذاب.

 خرج اليهودي حزينا كئيبا على خسارة ماله وعباءته وحماره بسبب ذكاء ودهاء وفن جحا في الاحتيال.