أليس مثيراً للاستغراب، وربما للضحك أيضاً، أن يصبح الجنرال عبد ربه منصور هادي، الذي هو «بطل» دحر محاولة انفصال جنوب اليمن عن شماله عام 1994، انفصالياً، بحكم الأمر الواقع، أكثر من علي سالم البيض الذي عندما ثبت خطأ حساباته بالنسبة لوحدة عام 1990 لم يجد بداً من أن يرتد على «تلك» الوحدة التي ثبت أنها كانت عملية إلحاقية، وأنه صحيح أن القادة الجنوبيين قد لجأوا إليها تخلصاً من أزمات طاحنة كانت قد عصفت بهم وبحزبهم بعد مذبحة «المكتب السياسي» الشهيرة، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي الذي كانوا يعتبرونه سندهم الرئيسي.
لا يحق لأيٍّ كان أن يلوم عبد ربه منصور هادي لفراره إلى عدن هروباً بحياته، فالمتآمر الأول عليه هو علي عبدالله صالح الذي كشف عن وجهه الحقيقي في آخر إطلالة تلفزيونية له على اليمنيين وعلى العالم، والمعروف بألاعيبه ومناوراته وانتهازيته السياسية، وأنه لا يحلل ولا يحرم، ولديه القدرة على تغيير ملامح وجهه في الساعة الواحدة ألف مرة.كانت وحدة عام 1990 استسلاماً لعلي عبدالله صالح بكل معنى الكلمة، بعد أربع حروب طاحنة بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، وحقيقة إنه ثبت أن هذا الرجل الذي ارتقى درجات سلَّم المسؤولية برشاقة «طرزانية» لا يهمه مما يسمى «وحدة التراب اليمني» إلا الحفاظ على موقعه و«تنفيع» أقاربه وتحويل نظام، من المفترض أنه جمهوري، إلى نظام وراثي، على غرار ما فعله حافظ الأسد بإيصال رئاسة سورية إلى نجله بشار الذي أوصل هذا البلد العظيم إلى ما وصل إليه.لقد كان طبيعياً أن يهدد علي عبدالله صالح أبناء الجنوب اليمني، الذي كان اسمه «الجنوب العربي»، بحرب جديدة كحرب عام 1994، وأن يهددهم أيضاً بإغراقهم في مياه البحر، فالمثل يقول: «الطبع غلب التطبع»، والمعروف أن هذا الرجل إن كان يتقن شيئاً فإن أكثر ما يتقنه هو استغلال الفرص السانحة، والاستفادة من صراعات الآخرين بالتدخل في اللحظة المناسبة.وحقيقة إن هذا هو ما حدث عندما انقلب إبراهيم الحمدي على عبدالرحمن الإرياني، وعندما تم التخلص من الحمدي بمؤامرة دنيئة، وعندما حلَّ المقدم أحمد حسين الغشمي بطريقة حامت حولها الشبهات محل سلفه إبراهيم الحمدي، ثم عندما جرى تفجير الغشمي واتُّهم بعملية الاغتيال تلك الرئيس الجنوبي سالم ربيع علي الذي أصدر عليه رفاقه حكماً بالإعدام، وكان المستفيد من كل هذا المسلسل «التراجيدي» هو علي عبدالله صالح لا غيره.مؤامرات في مؤامرات، ومؤامرة بعد مؤامرة، والمؤكد أن عبد ربه منصور هادي لن يرى صنعاء مرة أخرى إطلاقاً، فكل ما جرى بالنسبة لانقلاب الحوثيين هو من إعداد وإنتاج علي عبدالله صالح، والغاية هي إيصال الحكم إلى ابنه أحمد، وهذا معناه أنه وداعاً لوحدة التراب اليمني!
أخر كلام
وداعاً لوحدة التراب اليمني
13-03-2015