الحمد: المصادفة دفعتني إلى توثيق رموز الشعر الكويتي
أصدر كتاب «فهد بورسلي.. رحلة الإبداع والتمرد والمعاناة}
صدر عن دار «جداول» للنشر والترجمة في بيروت كتاب «فهد راشد بورسلي: شاعر الكويت الشعبي ورحلة الإبداع والتمرد والمعاناة»، للباحث والروائي حمد بن عبدالمحسن الحمد.يعرض الكتاب لحياة وإبداع شاعر الكويت الشعبي الأول فهد بورسلي (1918- 1960) ويؤرخ لتجربته الشعرية الرائدة لفترة ثلاثة عقود من ثلاثينيات القرن الماضي حتى خمسينياته. يؤكد الحمد أن الكتابة التوثيقية لم تدر في خلده، بل دفعته المصادفة إلى هذا النوع من الأدب، مبيناً أنه يهدف إلى تسليط الضوء على الإنجازات الكويتية في الأدب والثقافة، وتقديمها للأوساط الثقافية والفكرية داخل الكويت وخارجها. في ما يلي نص الحوار:
بدأت في الآونة الأخيرة التوثيق لبعض الشخصيات الكويتية من خلال إصداراتك. بعد تجربة الشاعر فايق عبدالجليل ترصد الآن حياة الشاعر فهد بورسلي، حدثنا عن هذا الاتجاه؟في الحقيقة، لم تكن الكتابة التوثيقية من مشاريعي، بل أتت بالمصادفة. أذكر أنني قبل عام ونصف العام كتبت مقالاً في إحدى الصحف عن الأدب الكويتي والغزو، وذكرت في سطر واحد الشاعر فايق عبدالجليل ودوره البطولي إبان فترة الغزو الصدامي. وعلى إثر هذا الموضوع، تلقيت اتصالاً من فارس ابن الشاعر يشكرني على ما كتبت، فقلت له: «لا شكر على واجب. والدك يستحق كتاباً وليس مقالاً». ورحب بفكرة إعداد كتاب عن والده، ومن هنا أتت الفكرة وبدأت المشروع الأول للكتابة التوثيقية، ووجدت من الأخ فارس وأسرة الشاعر كل العون والتشجيع.عندما صدر الكتاب وجد صدى طيباً لدى الجميع، وحرَّك المياه الراكدة، فقد غُيب فايق عبدالجليل عن الذاكرة الكويتية لفترة عقدين من الزمان رغم أنه ضحى بنفسه لأجل وطنه، وكأن هذا الإصدار كان بمثابة جرس للتنبيه عن إرث الشاعر الراحل، وعلمت قبل فترة أن ثمة فيلماً سينمائياً عن فايق وهو تحت الإنتاج، كذلك فيلم وثائقي، وأيضاً مسرحية غنائية، وثمة حلقة إذاعية بُثت عن الكتاب في برنامج من إعداد الأستاذ عبدالعزيز السريع وتقديمه، وليلة غنائية أقيمت لفايق عبدالجليل في مهرجان القرين، لذا أثار استغرابي أن سطراً يتيماً في مقال يلد هذه المشاريع كافة. بالنسبة إلى الاستمرار في هذا النهج، يبدو الأمر مرهوناً بإيجاد الفكرة التي تستحق أن أبحث فيها، وتكون جديدة.ما الذي حفزك لانتقاء فهد بورسلي؟ترك نجاح تجربة فايق حافزاً لدي للاستمرار متى ما وجدت المشروع المناسب، وفعلاً وجدت ضالتي في الكتابة عن الشاعر الشعبي فهد بورسلي، والذي لا يعرفه الجميع إلا كاتب قصائد غزلية وسامريات تتردد كل يوم، والكتب الصادرة له لا تتعدى داووين شعر ولم تتضمن إصداراً عن حياته ومسيرته الإبداعية لثلاثة عقود. وجدت من يشجعني على الكتابة، وهو الأستاذ وليد خالد بورسلي، ابن أخ الشاعر، حيث عرضت عليه المشروع ورحَّب من دون تردد. حتى إنه قدَّم لي كماً من المعلومات تضيف إلى مادة الكتاب الشيء الكثير، وأخذت مني الكتابة ما يقارب ثمانية أشهر ترددت خلالها على المكتبات وقابلت أشخاصاً ودونت النصوص، إلى أن تمكنت أخيراً من أن أجمع ما يستحق أن يعرض لشخصية كبيرة مثل الشاعر الشعبي الأول في الكويت.هل وجدت صعوبة في إيجاد المراجع المتعلقة بالشاعر فهد بورسلي؟ لأنه شخصية متمردة ومختلفة عن الآخرين، فقد كان صحيفة الكويت اليومية في زمنه عندما لم تتوافر الصُحف، وكان يوجه النقد إلى أفراد مُهمين في المجتمع بلا تردد وبشجاعة ويهجو دولاً استعمارية، ما أوقعه في أزمات مع آخرين. لكن اعترف أن المراجع عنه قليلة إلا كتاباً وحيداً هو ديوان فهد بورسلي، من إعداد ابنة الشاعر وسمية بورسلي، مع الراحل أحمد البشر الرومي. إلا أنني عثرت على بعض المعلومات عن الشاعر في مجلات صدرت خلال الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، كذلك في دواوين الشعر الشعبي، والتقيت أفراداً من أسرته كانوا عوناً لي، في مقدمهم الأستاذان وليد بورسلي وخالد حمود بورسلي ود. خليفة الوقيان ود. عادل العبدالمغني وفهد العبدالجليل ويحيى الكندري وصالح المسباح وعلي الرئيس... كذلك زملاء من المثقفين ومن الذين يحتفظون بوثائق قديمة، لذا تضمن الكتاب قصائد عدة تنشر لأول مرة وروايات عن الشاعر لم ترو سابقاً، ووثائق محدودة، إحداها بخط يد الشاعر.ما هي الشخصية الجديدة التي ستكون مشروع كتابك المقبل، وهل ستكون منتقاة من الشعراء أو من مجال آخر؟أعمل بشكل تطوعي وليس بتكليف من أحد، وابتعد عن الكتابة بالأسلوب الأكاديمي، والهدف هو تسليط الأضواء على الإنجازات الكويتية في الأدب والثقافة خصوصاً، وتقديمها للأوساط الثقافية والفكرية خارج الكويت وداخلها. عندما عرضت مشروعي عن فهد بورسلي على دار نشر عربية مقرها في بيروت، وهي دار «جداول}، تمت الموافقة بسرعة مع ترحيب بمادة الكتاب، لذا أقدم الشكر لهم وللناشر الأستاذ محمد السيف. وكما علمت، سيُعرض الكتاب للبيع في معرض الرياض للكتاب في الأسبوع الأول من مارس المقبل.مشاريعك في السرد خلال الفترة المقبلة.أعمل منذ شهر على مشروع يدور في الفلك نفسه، ويحتاج إلى فترة طويلة للإنجاز، لهذا أمضي ساعات يومياً في البحث والطباعة أمام الحاسوب المحمول، وقد يكون جاهزاً في معرض الكتاب في الكويت في نوفمبر 2015.فايق عبدالجليل... رحلة الإبداع والأسر والشهادةفي تجربته الأولى في التوثيق للشعراء، ركَّز حمد الحمد عبر إصدار {فايق عبدالجليل... رحلة الإبداع والأسر والشهادة} على دور الشاعر البطولي أثناء الغزو العراقي، وقيامه مع زميله الملحن عبدالله الراشد، بكتابة وتلحين كثير من الأغاني التي كانت تشجع على الصمود وتحدي المعتدي، مما كان له أبعد الأثر في تضحية الشاعر عبدالجليل بروحه واستشهاده لأجل وطن أحبه.ويضم الكتاب سبعة فصول هي: رحلة إبداع، ورحلة حرف وموسيقى، ويوميات الشاعر وأسرته أثناء الغزو التي يرويها فارس وغادة ابنا الشاعر، وحكاية قصائد هتاف الصامدين، وشهادات من عمق المحنة لرفاق الشاعر أثناء الغزو قبل أسره، والشعر والقول في حضرة الحاضر الغائب، ووثائق وصور تتكلم، ويحتوي على كثير من وثائق وصور تنشر أول مرة، وهو أول كتاب يصدر عن حياة الشاعر الشهيد بالتعاون مع أفراد أسرته.