أما آن للإخوان... من قرار؟

نشر في 04-10-2014
آخر تحديث 04-10-2014 | 00:01
 عبدالرحيم ثابت المازني ملف "الإخوان المسلمين" لم يعد ملفاً محلياً يؤرق النظام المصري فقط، بل باتت تبعاته تهدد استقرار الكثير من الدول والأنظمة، الحليفة والمعادية، وأصبح التعامل معه على مستوى الأفراد والدول يشكل نقطة فاصلة بين القطيعة أو الود والمساعدة.

حركة "تمرد" وما تبعها من اصطفاف لبعض القوى أو معظم الحركات السياسية التي تتحكم في الشارع وتكتل الإعلام ومؤسسات الدول من أجل إسقاط شرعية حكم "الإخوان" لمصر، نظراً لعدم اقتناعهم أو لعدم صدق نوايا "الإخوان" في التعامل مع القوى الأخرى، أدى إلى إسقاط الرئيس محمد مرسي واعتقاله واعتقال قيادات الجماعة وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، ومعظم الحركات الإسلامية التي تؤيد شرعية "الإخوان"، وكانت نتيجة الإسقاط اعتصامي رابعة والنهضة وبداية الانقسام والاتهام وتعصب الجميع وتمسك كل طرف بعدم التنازل لحساب الآخر، حيث تمسكت قيادات "الإخوان" بشرعية الرئيس المدني المنتخب، في مقابل إصرار من أمسك بإدارة دفة الأمور على عدم التنازل أو الرجوع إلى الوراء لأنهم يعلمون جيداً أن الرجوع، ولو خطوةً واحدة، سيكون نهاية الجميع بحكم القانون.

وظل الشارع المصري في حالة انقسام ما بين مؤيد للشرعية ومؤيد لتظاهرات الاعتراض على استمرار حكم الرئيس المنتخب، وامتد الانقسام إلى مشهد مضطرب أدى إلى مقتل الآلاف ليس فقط من المتظاهرين بل كذلك من رجال الشرطة والجيش، وسالت الدماء وشحنت النفوس، وتطاولت الألسن متهِّمة إما بالإرهاب أو قتل الأبرياء، وهنا كانت نقطة اللا عودة.

هنا كانت محاربة "الإخوان" داخلياً إلى أن اجتمع القادة والمصالح، وأصبح اقتران "الإخوان" بالإرهاب مدعماً بقانون، وبدأت دول تحتضن وتدافع تحت مسميات مختلفة رغم أن مواقفها متباينة مع مصر لإثبات حالة تواجد دولي، وإثبات أنها كيان مؤثر في سير الأحداث في المنطقة، وضاق الخناق على الإخوان محلياً ودولياً، وما من نقطة رجوع للإخوان أو النظام... كلا الطرفين يعلن أنه لم ولن يتنازل، لعدم صدق النوايا وخشية المصير المجهول إذا تم الرجوع إلى الوراء... وهنا تكمن نقطة عدم الالتقاء.

وهنا يكمن السؤال: لماذا أقبلت بعض الدول العربية على إسقاط حكم "الإخوان" في دول ما يسمي الربيع العربي؟ الإجابة بديهية لأن نجاح حكم الإخوان مرتبط بظهور أنظمة ما بعد الثورات، ونجاح هذه الأنظمة سيتبعه توالي سقوط أنظمة كثيرة ﻻ ترغب في التخلي عن الحكم، فكان لابد من نقطة فاصلة ومفشلة لكل هذه الأنظمة التي تسعى إلى السيطرة على الحكم في كل دول المنطقة، وهذا ما دعا إلى التحالف من أجل القضاء لا على حكم "الإخوان" فحسب، بل على الجماعة نفسها، لأن نجاحها نهاية لأمور كثيرة.

 وأكرر أن "الإخوان" كانوا شريكاً وعاملاً أساسياً من عوامل استعجال نهاية حكمهم في المنطقة، لأمور كثيرة يعلمها الجميع، منها أنهم لم يلبوا احتياجات الكثير ممن التفوا حولهم، فضلاً عما بدا منهم من سوء الإدارة السياسية في الكثير من المواقف، وعدم قدرتهم الدولية على الحشد والاصطفاف الدولي حولهم، حيث لم تتطابق لغة خطابهم ومواقفهم السياسية مع تاريخهم السياسي وكيانهم الشعبي. هنا نجح النظام العربي في الحشد ضدهم، بالإضافة إلى الخلل في علاقة "الإخوان" بالشارع، وبذلك لم يتبق سوى دول صغيرة وضعيفة التأثير تصطف حولهم، ليتحول الموقف من عزلهم من المجتمع الضيق داخل الدول العربية إلى موقف دولي ضد الجماعة، التي بات اسمها مقترناً بالإرهاب... واضطر من ساند "الإخوان" إلى التخلي عنهم لعدم قدرته على مواجهة التحدي الدولي العربي، وقاوم حتى آخر لحظة بالوقوف إلى جانب الجماعة، غير أنه وجد أن موقفه الدولي سيكون هو نفس مصير الجماعة "العزلة"، فأدرك أن دعمه لهم لن يجدي وأنه لن يستطيع تحمل تبعاته؟ ثم تطور الموقف من موقف عربي إلى دولي عالمي... وهو ما تمثل في موقف الأمم المتحدة من مصر ورئيسها الذي جسد ذهابه إلى المنظمة وتمثيله لمصر فيها اعترافاً أممياً بكونه رئيس مصر، وكان آخر ما يسعى إليه النظام المصري هو إيجاد الشرعية الدولية، لذا سعى إليها وحصل عليها، لتصبح أمر واقعاً دولياً على الرغم من اعتراض دول كثيرة كانت تتعامل مع مصر على استحياء، إلا أن الأمر أصبح شرعياً دولياً، بعد تحكم عوامل كثيرة فيه، منها البترول وقوة الدولة المعارضة لحكم الإخوان في المنطقة. وتبقى شرعية الشارع التي سيبقى فيها الاختلاف والنزاع إلى أن يصدر قرار قيادات الجماعة وبعض القوى الثورية التي تعترض على سياسة النظام المقيدة للحريات، والتي يبررها النظام بأن طبيعة المرحلة والأمن القومي المصري يقتضيان ذلك من أجل استقرار الوطن. هنا نقول إن "الإخوان" أصبحوا في دائرة مغلقة داخلياً وعربياً ودولياً... وما من قرار وﻻ سياسة جديدة بفكر جديد تنقذ ما تبقى لهم من رصيد لدى الشارع والأنظمة العربية والدولية، ويحقن الكثير من الدماء التي تسيل في الشارع، ما هو القرار الذي يجب أن تتخذه الجماعة والسلطة معاً من أجل حقن الدماء؟!

back to top