بعد صدور حكم المحكمة الدستورية الاسبوع الماضي بأغلبية أعضاء المحكمة بسلامة نصوص التجمهر والتجمعات وعدم مخالفتهما لنصوص الدستور، وإبقاء كل منهما، حصلت «الجريدة» على رأي أقلية قضاة المحكمة الدستورية، الذين عارضوا الحكم، وأكدوا عدم دستورية النصوص، لأنها مخالفة للدستور، وننشرها وفقا لقانون المحكمة الدستورية، الذي ينص على ضرورة نشر رأي الأقلية من اعضاء المحكمة، وفي ما يلي نص رأي أقلية قضاة المحكمة الدستورية، رقم (8) لسنة 2014 «دستوري» عملا بالفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم (14) لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية المعدل، والمادة (17) من مرسوم اصدار لائحة المحكمة الدستورية.

Ad

وحيث إنه عن النعي على المواد (12) و(16) و(20) من المرسوم بقانون رقم (65) لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات فهو نعي في محله، ذلك انه من المقرر في قضاء هذا المحكمة في الدعوى الدستورية رقم (1) لسنة 2005، ان الاصل في حريات وحقوق الانسان لا يستقل اي مشروع بإنشائها، بل انه فيما يضعه من قواعد في شأنها لا يعدو أن يكون كاشفا عن حقوق طبيعية أصيلة.

 ولا ريب في أن الناس احرار بالفطرة ولهم آراؤهم وافكارهم، وهم احرار في الغدو والرواح فرادى ومجتمعين، وفي التفرق والتجمع مهما كان عددهم ما دام عملهم لا يضر بالآخرين، وان مبدأ السيادة الشعبية جوهر الديمقراطية وعمادها- لازمه أن يكون للشعب ممثلا في نوابه الكلمة الحرة فيما يعرض عليه من شؤون عامة، وان يكون لافراد الشعب ايضا رقابة شعبية فعالة يمارسها بالرأي الحر مما يغدو معه الحق في الرقابة الشعبية فرعا من حرية التعبير ونتاجا لها، فلا يجوز، والامر كذلك وضع القيود على هذا الحق على غير مقتضى من طبيعته ومتطلبات ممارسته ومصادرة هذه الحرية أو فصلها عن أدواتها ووسائل مباشرتها، وإلا عد هذا هدما للديمقراطية في محتواها المقررة في الدستور.

 وخلص الحكم الى ان المادة الرابعة من المرسوم بقانون قد جعلت الاصل في الاجتماعات العامة هو المنع واباحتها استثناءً، واقام هذا الاستثناء على اساس واحد هو سلطة الادارة المطلقة حيال هذه الاجتماعات دون حد تلتزمه او قيد تنزل على مقتضاه او معيار موضوعي منضبط يتعين مراعاته، اما مخولا لها هذا النص اختصاصا غير مقيد لتقدير الموافقة على منح الترخيص به او عدم الموافقة عليه وبغير ضرورة موجبة تقدر بقدرها بحيث تتمخض سلطة الادارة في نهاية المطاف سلطة طليقة عن كل قيد لا معقب عليها ولا عاصم منها.

وإذ نصت المادة (12) من المرسوم بقانون على سريان المادة الرابعة، سالفة الذكر، على التجمعات العامة، وبالتالي فإن ذلك النعي يلحقه ذات العيب الدستوري سالف البيان، اذ تكون سلطة جهة الادارة مطلقة غير مقيدة باي قيد موضوعي يتعين مراعاته، او قيد زمني يوجب معه ممارسة جهة الادارة خلال مدة محددة مراعاة لطبيعة حق التجمع وارتباطه بمناسبة معينة او ظرف محدد، ولا ينال من ذلك اختلاف مفهوم الاجتماع العام عن التجمع العام، اذ انهما يعدان في نهاية المطاف نوعا من وسائل التعبير عن الرأي، وان الاجتماع العام متصور اقامته في الاماكن العامة مثل الميادين والساحات، وان اختلاف طريقة التعبير ليس مؤداه مصادرة حق التجمع واهداره ومنح جهة الادارة سلطة مطلقة في الموافقة على عقده من عدمه.

وغني عن البيان انه اذا ترتب على اي تجمع اخلال بالامن العام او ارتكاب جرائم فإن من حق الجهات المختصة التدخل ومنع ذلك، التزاما بقاعدة سلمية التجمعات العامة تقيدا بما نصت عليه المادة (49) من الدستور بوجوب مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة، وتطبيقا لما قررته المادة (43) من القانون رقم (31) لسنة 1970 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء.

وإذ كان ذلك فإن نص المادة (12) باتصاله بالمادة (4) قد جاوز حدود التنظيم وخالف الدستور لإخلاله بالحقوق التي كفلها في مجال حرية التعبير وحق التجمع السلمي التي وفرها الدستور للافراد طبقا للمادتين (36) و(44) منه، بما يتعين الحكم بعدم دستورية المادتين (4) و(12) من المرسوم بقانون رقم (65) لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات، ولما كانت المواد (5، 6، 8، 10، 13، 14، 16، 17، 19، 20) من المرسوم بقانون المشار اليه مترتبة على المادتين (12،4) ومرتبطة بهما بما يستتبع معه ان يلحق الإبطال النصوص المشار اليها.