معلومة غريبة جداً، نشرتها إحدى الصحف، كثير من اللاجئين في ألمانيا، المقيمين فيها منذ سنوات، لا يعرفون النشيد الوطني الألماني، ولم يسمعوه أبداً.

Ad

الأغرب منها، هو ندرة الأغاني "الوطنية" الألمانية. وقد لا تكون هناك أغانٍ وطنية ألمانية، من الأساس. يبدو أن الألمان لا يحبون بلدهم كما يحب العرب بلدانهم، ولا يحبون حاكمهم، كما يحب العرب حكامهم، ولا يرددون: بالروح بالدم نفديك يا...، ويبدو أن الأمر ذاته ينطبق على كثير من جيران الألمان.

شعوب جامدة، نسأل الله العافية، تخلو قلوبها من مشاعر الحب والفداء لدولها وحكامها. شعوب حرمها الله من متعة رفع الأعلام على إيقاع الأغاني الوطنية، ورفع صور الحزب الحاكم.

شعوب تسري الخيانة في دمها، لتعلن أحزابها، جهاراً نهاراً، سعيها إلى السلطة والحكم، بكل جشع وبشع، دون احترام لولاة الأمر، ولا تقدير لمن "يخدمون الوطن على كراسيهم منذ عقود".

شعوب تحب البحبشة وراء المسؤولين، دون مراعاة لمكانتهم، ولا لسنّهم، ولا لنسبهم. وتسألهم: من أين لك هذا؟ ولماذا فعلت هذا؟ وإلى أي قانون استندت؟ وجاي منين؟ ورايح على فين؟ أسئلة أطول من ليل الشتاء وأبرد، رغم أنهم "شاربون آكلون نائمون". لكنه الجحود بعينه وعلمه، الذي يدفعهم إلى البطر، ومطاولة الجبال الشاهقة، وعدم الاكتراث بـ"الأمن والأمان" اللذين يرفلون فيهما.

وقبل سنين عدداً، سئل أحد الوعاظ، في إحدى الدول العربية، عن سبب تفشي الظلم في البلدان الإسلامية، وانتشار العدل في الدول الأوروبية العلمانية، فأجاب، لا فض فوه: "لأنهم يطبقون تعاليم الإسلام، التي تخلينا نحن عنها"، فقيل له: "هل تقصد أن حكوماتنا لا تطبق تعاليم الإسلام؟"، فانتفض وصحح: "بل أقصد الشعوب لا الحكومات"... ولا أدري، هل يعني ذلك أنه من الأفضل أن يدرس طلبة الجامعة العرب تعاليم دينهم في شوارع أوروبا ومقاهيها وأسواقها، حيث تُطبَّق تعاليم الإسلام هناك، ويتم، في المقابل، إغلاق كل هذه الكليات والجامعات والمعاهد التي تدرّس مواد الإسلام، ولم تنتج شعباً يحترم تعاليم دينه؟ لا أدري.