في مقال سابق (24 سبتمبر 2014) بعنوان "هل تشهد المنطقة سباق تسلح جديداً؟!" ذكرنا أن "الشركات العالمية العملاقة المتعددة الجنسيات التي تملك مصانع الأسلحة الضخمة تضغط بقوة على متخذي القرار هناك، وتوجههم لحل أزمتها المالية الخانقة من خلال خلق بيئة مناسبة لانفجار صراعات مسلحة، وخلق بؤر توتر جديدة في مناطق مختلفة في العالم كما حصل في منطقتنا خلال العقود الثلاثة الماضية، حتى تتمكن من تسويق أسلحتها الضخمة المدمرة، والخروج من أزمتها المالية الخانقة، فهل تشهد المنطقة سباق تسلح جديدا يستنزف ثروات شعوبها وخيراتها؟!".

Ad

والآن يبدو أن إجابة السؤال هي بالإيجاب، فها هي وكالات الأنباء ووسائل الإعلام تنقل إلينا أخبار صفقات أسلحة ضخمة جديدة في دول الخليج، وترددت أيضا أنباء عن أن الرئيس الأميركي أوباما "سيجدد مساعيه لمساعدة دول الخليج على نشر منظومة دفاع صاروخي في مواجهة الصواريخ الإيرانية". ( الراي 6 مايو 2015).

 وفي السياق ذاته أكدت وكالة "فرانس برس" (الجريدة 8 مايو 2015) "أن الكويت قد وقعت رسالة نوايا تتضمن التزامها بشراء 28 مقاتلة إف 18 سوبر هورنيت المتطورة من مجموعة "بيونغ" بقيمة 3 مليارات دولار، وهذا يشكل انتصارا لمجموعة "بوينغ" على منافسيها الأوروبيين الذين كانوا يحاولون تسويق "يوروفايتر" في دول الخليج"، وتضيف مصادر الوكالة بأن "بيونغ" قد قالت إنها ستغلق هذا المصنع بحلول عام 2017، ولكن الصفقات الجديدة من شأنها السماح للشركة بمواصلة إنتاج هذه الطائرة دون توقف".

 كما ورد في الخبر نفسه الذي نقلته "الجريدة" عن وكالة "فرانس برس" أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد قال "إن هناك صفقة ستتم قريبا لبيع مقاتلات "رافال" إلى الإمارات، في حين كانت شركة "داسو" الفرنسية المنتجة لـ"رافال" قد أكدت قبل يومين أن الكويت تقيّم هذه المقاتلة الفرنسية". (انتهى الاقتباس).

ومن ناحية أخرى فقد "وقعت فرنسا مؤخرا صفقة بقيمة 6.3 مليارات يورو مع قطر لتزويدها بـ24 مقاتلة من طراز رافال". (الجزيرة. نت 1 مايو 2015).

إذاً نحن أمام موجة تسلح جديدة تسوّق لها وتشجعها كبرى شركات الأسلحة الغربية التي تواجه ظروفا مالية صعبة نتيجة للأزمة الاقتصادية الرأسمالية، بالرغم من أن صفقات التسلح الضخمة وما يرتبط بها من تسهيلات يستنزفان ثروات بلداننا وخيراتها. المفارقة هنا أن سباق التسلح الجديد يأتي في الوقت الذي يتواصل فيه الحديث، سواء من قبِل أجهزة رسمية، أو من قبِل منظمات دولية مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، عن عجز مالي قادم في دول مجلس التعاون، لا سيما بعد انخفاض أسعار النفط، وهو ما يتطلب، كما تقول هذه الجهات، ضرورة فرض ما يسمونه "تقشفا اقتصاديا"، مع أن صفقة تسلح ضخمة واحدة تعادل ما يصرف على بنود الإنفاق الاجتماعي الضروري لعدة سنوات مالية قادمة!